رائعة الفضول (مدارب السيل)(الحلقة الثانية)

من أجمل إبداعات الفضول أنه يضفي إلى الكائنات من حولنا حياة وحركة
الأشياء المحببة إلى الإنسان والتي ترتبط به وبحياته وبأحاسيسه المباشره
يدلنا كل ذلك على حسه المرهف وشاعريته الرقيقه والتي لا تتناقض مع صلابة وقوفه ضد الظلم والطغيان
بل إن إحساسه المرهف ورقة نفسه هي التي صنعت قوته في مواجهة الحكام الذين كتموا الأفواه وقيدوا عذوبة الحياة

فهو عندما يشتاق إلى حيفان يخاطب قمرها الجميل
فيحن الى لمع البروق وجهيش الشواجب وبلس تعز
ويفتح لنا عن نفسه الشاعرة والتي أظمأها الشوق حتى عجزت السحاب والمطر والسيول عن إرواءها


روحه الجياشة بالشوق
تشق مجرى السيل المتدفق
يصغي الشاعر لصوت السيل بوله عاشق ومشتاق

ثم يخاطب السيل بحزن وعتاب

مدارب السيل
قولي وامدارب لمه؟

همس حزين وعتاب فائق البلاغة
فهو لم يقف وقوف الأولين
على أطلال الذكرى
بل أضاف لمدارب السيل حياة
حبيب يخاطب حبيبه

ينقل إلينا هذا المشهد الرائع
سيل جارف
ويرى الأشياء من حوله ترتوي بالسيول
فيخضر العشب وترتوي الأرض
ويتسائل هو بألم

لا يقدر السيل أن يروي القلوب الظما

فلئن كان الشابي يرمز إلى المطر بالبعث الجديد ويخاطب العراق بقوله
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر

فأنا أرى أن شاعرنا تفوق من ناحية إندماج الروح بالمخاطب
لم نلحظ ذاتية السياب وهي تختلط بالمطر كما لاحظنا هنا روح الفضول وهي تشق مجرى السيل الهادر تندمج فيه
تشرب وتشرب
لكن
لا يرال ظامئا
(مهما مسيلك سال دافق
ومن صدور ضاحات الجبال ارتمى )

دافق ،ضاحات الجبال
كلنا نعرف أن السيل إذا أتى من مكان عالي كان أقوى
سيما من صدور الضاحات
تشبيه لم يسبق لأحد من قبل أن استعمله حسب علمي المتواضع


ثم ينتقل شاعرنا إلى مصدر هذه السيول
إلى السحاب وكأن السيول الجارفة الدافقة لم تكفي لإشباع ظمأه

(سحاب نفسي ظامئة واسحاب)
في الأولى يخاطبها
وفي الثانية يستجديها(واسحاب)

ثم يعيد وصف الظمأ الذي يعيشه ولكن بأسلوب مختلف

(وأنت تروي من سيولك شعاب
وانا معاهن أستقي إنما
مكانني ظمآن )
ألم أقل لكم إنه يندمج مع الأشياء
يستقي مع الشعاب ويمتلئ بالماء والسيول والمطر لكن الأرض ترتوي ونفس صاحبنا لا تزال ظامئة

الماء وحده لا يكفي لإطفاء ظمأ شاعرنا
فلنرحل معه وهو يحاول أن يرتوي بالنور والندى

(أقاسم الطير في الأعشاش ضوء البكور
واشرب كؤوسي من الإصباح إشعاع نور
ولف بالأنداء روحي وكم
قد نمت في حضن الغمام إنما مكانني ظمآن)

يا إلهي
أي ظمأ ذلك الذي يجعله ينام في حضن الغمام ولا يرتوي
ويشرب كؤوس النور ويلتف بالندى البارد في الصباح الباكر ولا يرتوي

أليس ظمأ الحب ؟

هيمان...هيمان
حتى لوسكنت سحاب
لأصبحت قيعان
فيها سراب..

فهل أتى حبي
لقلبي عذاب؟!

أو أن إحراقي
بشوقي عقاب؟!

نعم إنه ظمأ الحب..

لكن
لمن هذا الحب ياترى؟!

لا أظنه
إلآ حب الوطن
الذي عشقه
حتى الثماله..
ومن يتمعن جيدآ
في معظم أشعاره
يجده يحاكي الوطن
ويرمز له برموز مختلفة
معظمها من الطبيعه..

حب الوطن والأرض والناس والوحده والثمار ومواسم الزراعة
الفضول كان محبالكل شي
الحكم الجاثم ترك نفسه ظامئة للحب
والعدل مشتاقة للتطور والإنفتاح
بلاده يختزل تاريخها وثقافتها شخص واحد منع عنها الارتواء لذلك دايما تحس بالعطش والظلام
اشرب واشرب من ندى غيرك ولكن ماارتويش
احرقت اعشاشي وارياشي ولا بقيت ريش

مدريش كيف قلبك
رضي يروى
وقلبي مارضيش..
أشرب وأشرب
من ندى غيرك
ولكن ماارتويش..

والنور في عيني
إذا غيبت وجهك
مايضيش..
خليتني ألقى
نجوم الفجر
أعشى مااستضيش..

واحرقت أعشاشي
وأرياشي
ولاخليت ريش..
فارجع إلى أحضان
أيامي
وخليني أعيش..
وخليني أعيش..

مشكور جلال على تفاعلك وذائقتك العذبه

اشكرك استاذي ابو نواف علي هذه الكلمات الرائعة

]ياعم جلال بصراحة انا اشكر تفاعلك

أشكر الجميع

كم انت رائع ياعبد الرقيب ابو نواف

[quote="ابوعلي محمدالبكاري"]كم انت رائع ياعبد الرقيب ابو نواف[/


انت الاروع شكرا لك