مزوج الثنتين من اعداد الاستاذ الكبير مهيوب ناصر القدسي

يأتي تلمسنا لقضية الزواج «فوق الأولى» كما نقول في لهجتنا وبلورتها في مواقف تصويرية تصورية أمراً محتماً ليتسنى لنا من خلال النصوص الغنائية الريفية أن نتخيل بعض تلك المواقف كمشاهدات على المرأى الذي يراه المجتمع ويشاهد معنا صوراً من معاناة أسلافنا ويستجلي كذلك ملامح حياتهم الاجتماعية لنعرف جميعاً في نهاية الأمر أن السعادة التي كان يبحث عنها الزوج بين قلبي امرأتين ضرتين.
تتمزق وتحترق ذلك أن كلاً من الزوجتين تعمل على تمزيقها عمداً وعنتاً وعناداً ومكابرة كماهو دأب المرأة في كل زمان ومكان.
ولقد دللت أمثالنا الشعبية على ذلك الوضع من خلال المثل القائل:« مايتزوج الثنتين إلا غزير المال، أو قليل الحياء».
فما يصدر من تصرفات إنما هي دوافع الغيرة التي تستعر في قلب كل من الزوجتين فتتحول إلى حقد وكيد وهو ماأكده القرآن الكريم في قصة زليخا امرأة عزيز مصر حيث قال تعالى على لسان العزيز:« إن كيدكن عظيم» وجاء كذلك في المثل الشعبي «كيد النساء كيد عظيم» هكذا يلفظونه بنصب دال كيد الواقعة موقع الخبر وكأنها صفة دائمة أو مفعول مطلق لايتغير.
كذلك في الأغنية الريفية نجد نصوصاً تمقت النساء وكيدهن: مثال ذلك ماتقوله امرأة عن بنات جنسها:
كيد النساء وكيدهن عظيما
كادين على العذراء وهي يتيمه
نساء نساء واماه لاجارهن جار
لاجارهن إلا الحديد والنار
ومع ذلك فكل التصرفات التي تقوم بها كلتا الزوجتين ليست إلا انفعالات عاطفية لا أكثر حتى وإن امتزجت بالخبث واللؤم وسببها أنهما كل على حدة تطمع في الاستيلاء على عرش قلب الزوج وكأنه استيلاء على كرسي السلطة لتتربع عليه وتستأثر به لوحدها دون أن تدع لضرتها أدنى فرصة.
وهذا مايخلق لدى الضرتين روح التنافس الشديد المؤطر بالكراهية والضغينة وكأنها منافسة أحزاب متعارضة في الانتخابات ومن هنا تكثر المشاكل وتكسير «شقادف» البيت وتتصاعد أغاني الدعاية الإعلامية عند القيام بأي عمل منزلي تقوم به الزوجة الأولى مكرهة وعلى مضض وأغلبها دعاية مسيئة إلى الطرف المنافس.
ويفدوا بالخيبه على ارجل الدم
لقا فتح لقفه ماعد يبتم
مو أعجب الهبله؟ موشل حسه
ماغير إلا حاوشه بنفسه
الحاوش بنفسه هو الذي ضاقت به السبل وسدت أمامه جميع الطرق فلم يدر ماذا يصنع وكيف يتصرف ومن خلال مثل هذه النصوص الهازئة نلحظ أن الضرة ـ أية ضرة ـ لايمكن مطلقاً أن تعترف بجمال ضرتها مهما كان ذلك الجمال فائقاً بل تصفها بأوصاف مغايرة تماماً.
وقد تترك الضرة الأولى بعض الأعمال المنزلية مكابرة منها، فتحاول إلزام ضرتها الجديدة بتنفيذها فيكون رد الأخرى أشد قسوة ونكاية وتجريحاً، يقول هذا النص مدللاً على ذلك:
غلامة الغلمان تشا غلامه
وهي قحوف بالي بلا قدامه
لكن ماذا عن صاحب المشكلة وهو الزوج الذي قد يحرم أحياناً من لقمة نتيجة عناد الزوجتين؟
هو الآخر يكتوي بنار القلق، ويجرجر التنهيدات عله يفرغ صدراً بداخله أكمة كبيرة من الهموم وربما غنى ولكن غناء المكبوت والحزين الذي يفيض قلبه بالحنين:
يا قلب حن مو ينفعك لـ حنيت
السم ولا العله بداخل البيتإذاً، فقد كره الحياة وكره نفسه لدرجة أنه فضل تناول السم على استمرار العلة ويقصد بها مشاكل البيت مسكين هذا الرجل الذي فكر لعذرٍ ما بالزواج من امرأة أخرى، ففعل بحثاً عن السعادة والطمأنينة أو لنقل الرغبة الحسية التي من الجائز أن يكون قد فقدها لدى زوجته، وقد يكون محقاً في تفكيره، لأن معظم النساء تنقصهن الثقافة الزوجية والدبلوماسية التملقية التي تجعل من المرأة ملكة سحر وجاذبية تفهم تماماً إشباع رغبات زوجها، وأي زوج لايريد أكثر من ذلك.
أما صاحبنا فلما لم يجد مبتغاه عند الأولى سارع إلى البحث عن السعادة عند امرأة أخرى ولما لم يجدها عندها أيضاً وانقلب البيت إلى جحيم لايطاق، تغيرت عنده الظروف واختلت موازين الأمور ولم تكن لديه القدرة الكافية على احتواء الموقف مما سبب له أزمة نفسية لايستطيع التخلص منها.
فيلتمس العزاء لنفسه في الغناء المصحوب بالزفرات والتناهيد حتى يهون عليها مااستبد بها من صراع نفسي ويخفف بعض ماألم به من هموم:
قاكنت بالنعمة ومشقري اعوج
وقلت لي نفسي قم زيد تزوج
حنيت من قلبي ومن فؤادي
ولا لقيت اللي على مرادي
شاحن لي ماحن سيل جازع
حنين محبوس ماعلوش مراجع
لقد لجأ الرجل إلى التعبير عما يشغل فكره من خلال مثل هذه النصوص وربما ترك البيت ساحة للمعارك والتحديات بين الزوجتين وخرج هائماً لايدري إلى أين يتجه ولكنه يدري إلى أين يذهب:
جزعت من شرجب إلى الأصابح
ولا لقيت إنسان مثلي ضابح
هو الوحيد الذي وقع فريسة للقلق واضطراب النفس ولم يجد مايزيح عن صدره بعض الكبت إلا الغناء كما أسلفنا وكما أوصى بذلك هذا المثل الشعبي الذي يقول:
«إذا ضاقت عليك الهموم فصوت لها تنجلي.» ولكن هل انجلت همومه وانطفأت نيران قلبه المحرقة؟
أم إنها تستعر أكثر وأكثر عندما يسمع زوجته الأولى تجلجل بصوتها المشروغ بالبكاء:
شدعي لربي من قليب متعب
الله يجازي كل من تسبب
شدعي عليك دعوة تسابق الطير
الله لاهناك ولاالحقك خير
ياقلب يامكروب ، الله يسلوك
يشيل من غصك ، وأنت يخلوك
لاحول ولاقوة إلا بالله. مثل هذه العبارات تزيد من تأجيج ناره التي يتلظى بها أو لنقل بتعبير آخر حسب لهجتنا تدخله«جحر الحمار من داخل» وربما يلائمه هذا التعبير الأخير إذا سمع الزوجة الأخيرة والذي كان ينشد ويتوخى فيها السعادة وهي تقول متضجرة:
غريتني ياليت ماهويتك
يجعل جهنم مسكنك وبيتك
ماشاش أني الغصة ولا الهيانة
قم ردني لبيت أبي أمانة
وبعد هذا يتبين لنا أن الجميع هنا ونعني الزوج وزوجتيه يعبرون بنصوصهم الغنائية الكئيبة عن نفوس ممزقة فكل عباراتهم تنطوي على مأساة إنسانية وتشف عن دفائن الأسى والوئام المفقود لأن الذي أشعل أعماقهم وأحزانهم وهيج خواطرهم المكبوتة شيء واحد وهو الخطأ في تكييف حياتهم الذي افتعلوه بأنفسهم لأنفسهم وكل يظن أنه المظلوم وأنه الصائب في البحث عن الحب الموهوم:
ماشاش غداكم لو يكون دلولي
أنتم تصايحتم ساعة وصولي
رب احمدك على العصيد والاعواس
كنا نشا السنة وسالف الناس
نشا الصلاح وانت تطلب الفوت
ششهد عليك الله ومالك الموت
كنت اعهدك ميدان أبو اربعة اركان
واليوم ياعائب قاخبرك بان

مشكــــــــــــــــــــــــــــــــور

ماشاش غداكم لو يكون دلولي
أنتم تصايحتم ساعة وصولي
رب احمدك على العصيد والاعواس
كنا نشا السنة وسالف الناس
نشا الصلاح وانت تطلب الفوت
ششهد عليك الله ومالك الموت
كنت اعهدك ميدان أبو اربعة اركان
واليوم ياعائب قاخبرك بان

مزوج الثنتين من اعداد الاستاذ الكبير مهيوب ناصر القدسي 191997657

شكرآ للمعد والناقل*

مشكووووووووووووووووووور

الله بعبنك

» مزوج الثنتين (1) إعداد / مهيوب القدسي
» مزوج الثنتين
» مهجل هيا كل الليل - اعداد /مهيوب القدسي
» رأس الخير (1) - مهيوب ناصر القدسي
» رأس الخير (2) - مهيوب ناصر القدسي