حقيقة مايجري من وجهة نظر رئاسية
سميرمحمد
- ضرورة التفريق بين وجهات النظر بين الرئيس و الشعب .
- الهاجس الأمني هو الحاكم الفعلي في اليمن أثناء رئاستي .
- أسكات الخصوم السياسيين وفق مبدأ المصالح و المنافع .
- صغار الثعابين استطاعت تهديد حكمي , و الإستعانة بالثعالب لإسكاتها أو التهامها .
- إذا توقف الشعب اليمني عن اللهاث خلف لقمة العيش كان خطيرًا وفتاكًأ .
-وضعنا الخطط على إعطاء الشعب جرعات مختلفة من المشاكل و الحروب الصغيرة .
- المشاكل و الحروب زادت عن الحد المخطط له بسبب جهل العسكر و قلة الخبرات و نقص الموارد .
- أصبحت لدى الشعب حصانة ضد الحروب و المشاكل لذا لم نستطع جر الشباب لحالة الحرب .
أود الإشارة في البدء لضرورة التفريق بين وجهات النظر بيني و بين شعبي اليمني العظيم , حيث أنه يجب قراءة الأحداث من زاوية أخرى غير زاوية الشعب المنفرجة , و أدعو شعبي العظيم للنظر ولو لمرة واحد لرؤية الأحداث من الزاوية الرئاسية الحادة جدًا جدًا .و لفهم الأمور بصورة أوضح أو على الأقل تقليص الفوارق في درجات الفهم لمنطقة مقبولة أو حتى شبه مقبولة إلى حدٍ ما , فالمرء لا يستطيع أن يرى بعينٍ واحدة ما يمكن أن يراه بعينين اثنتين , فالصورة تتسع أكثر و الأبعاد تبرز بصورة أكبر , و قد تبصر مناطق لم تكن لتراها فيما لو كنت تنظر إليها بعينٍ واحدة .
حينما وصلت لسدة الحكم في اليمن كان الوضع صعبًا جدًا لدرجة مخيفة , فخلال فترة قصيرة راح خلالها ثلاثة رؤساء في الشمال و الجنوب نتيجة مؤامرات داخلية و خارجية , استولى الهاجس الأمني على كل قراراتي فيما بعد , حيث سعيت لتأمين نفسي من أي اغتيال قد يحدث خصوصًا و أن كل الموجودين على الساحة السياسية أقدم مني و هناك من هو أحق بالرئاسة مني , بالإضافة إلى الحاقدين و الطامعين بغض النظر عن صحة تطلعاتهم فقد أصبحت الرئيس قانونيًأ ومن حقي الدفاع عن شرعيتي و الحفاظ على استقرار البلاد تبعًا لذلك .
أنا أعترف أن ذلك الهاجس الأمني أصبح هو الرئيس الفعلي لليمن , فتركت الأمور تسير وفق مبدأ المصالح و المنافع , و مع مرور الوقت استطعت السيطرة على كل اللاعبين السياسيين في الساحة اليمنية حيث أصبح الجميع يلهث خلف مصالحه فقط , و من رأيت فيه الرفض أو توسمت فيه النزاهة أبعدته بشتى الطرق , مع التأكيد أن تكلفة استمالة اللاعبين السياسيين هي أقل من أي تكاليف حربية أو أمنية .
و مع مرور الوقت صرت أجيد التنقل فوق رؤوس الثعابين و أنا أقفز فوقها بكل مهارة و دقة , و لم أعر الإهتمام لصغار الثعابين و هي تنمو و تكبر حتى أصبحت قادرة على الإطاحة بي بسبب كثرتها و ليس بسبب حجمها , و لم تعد الثعابين الكبيرة تفيدني بأي شيء , فاستعنت أخيرًا بمجموعة من الثعالب لعلها تنجح في إلجام الثعابين الصغيرة أو التهامها .
كنت خلال الفترة مابعد عيد الوحدة العاشر و توقيع اتفاقية الحدود مع الجارة الكبرى قد أيقنت بخطورة الأوضاع إن استمر وضع الهدوء و الإستقرار في البلاد , لأن الشعب اليمني إن توقف عن اللهاث خلف لقمة العيش كان فتاكًا و مخيفًا , حيث أن الإستقرار النسبي يعتبر قمة الرفاهية بالنسبة له كما أن حصول اضطراباتٍ ما من أي نوع و أي حجم قد يودي بالبلاد للهاوية لا سمح الله , لذا فقد وضعنا الخطط على إعطاء الشعب جرعات مختلفة من المشاكل و الحروب الصغيرة تجعله يفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة غير مأمونة العواقب .
و أنا أعترف حقيقةً بأن تلك الجرعات زادت عن الحد الذي قدمه المستشارون , وذلك يرجع بسبب جهل القادة العسكريين وقلة إمكاناتهم وخبراتهم العسكرية و تحمس الشباب منهم في تنفيذ المطلوب منهم أكثر من اللازم و خصوصًا المقربون مني أسريًا , و لهذا فنحن الآن ندفع ثمن تلك الجرعات الحربية , فلم نستطع جر الشباب في ساحات التغيير بشكل خاص و الشعب عامة نحو حالة الحرب لمعرفتهم التامة بحالة الحرب إن حصلت , و لذا فإن الشعب امتلك الحصانة اللازمة تجاه حالة الفوضى و الحرب , و أنا سعيد بهذا , أقولها صادقًا .
الشعب يعرف حالة الحرب و هو يشاهدها على مدار ثمان سنوات و يقرأ عنها طوال كل تلك الفترة , مرة في صعدة و مرة في عدن و أخرى في ردفان و عودة إلى صعدة فلحج فصعدة و على مشارف صنعاء في بني حشيش فأبين ثم صعدة و منها لشبوة فأبين و حرف سفيان و صعدة مرة سادسة , فكيف لمن هو محصن ضد الأمراض أن يصاب بها ؟! .
و سعادتي تعود بالدرجة الأساسية في أن الشعب أصبح قويًا و جاهزًا لمرحلة انتقالية سوف تأتي إن آجلا أو عاجلا , لكني سأحاول قدر الإمكان ألا تكون في عهدي و على حسابي , فقد قاومت طوال حكمي كل محاولات اغتيالي و الإنقلاب ضدي , و هي في الأساس ضد الشرعية و الدستور و الوطن , و قد تنازلت عن أمور كثيرة طوال حياتي السياسية إلا تلك المرتبطة بكرسي الرئاسة , فلا تسامح و لا عفو في هذا .
تخيلوا .. أني تنحيت نتيجة الضغوط الشعبية , هل ستكون هناك قيمة لمنصب الرئيس ؟! , بغض النظر فيمن سيكون الرئيس القادم , و على هذا أفكر و أقوم بعمل المناورات السياسية المختلفة , أو غير السياسية إن لزم الأمر , فلا بد أن يكون لمنصب الرئيس حرمته و كرامته , فكرامة الرئيس هي من كرامة الشعب و العكس صحيح , و أود الإعتراف بمدى إيماني بأن حسني مبارك لن يحاكَم أبدًا لنفس السبب , فكرامة مصر فوق كل اعتبار , فليس من المعقول أن يقوم مجموعة من الشباب العاطل بعمل مظاهرات لأتفه الأسباب و المطالبة بإقالة الرئيس كل شهر .
أريد أن أقول بأني لن أبقى رئيسًا مدى حياتي , لكن هناك الكثير من الخطط التي لم تكتمل و لم أستطع القيام بها طوال 33 عامًا , وكنت أنوي التسريع بإكمالها خلال الفترة القادة قبل أن تبدأ المظاهرات و تنتشر حالة الفوضى , فالمشاريع متوقفة و كل أعمال الدولة متوقفة حتى إشعار آخر , و هناك تبذير هائل في موارد الدولة لمواجهة التحديات و أنا أعترف بهذا التبذير علانية للمرة الأولى خلال مسيرتي السياسية , لكن هذا التبذير هدفه الحفاظ على الشرعية و على وحدة الوطن التي استطعنا إنجازها و إخراجها من نفق مظلم كانت ترتسم خطوطه في الخارج و كان يراد تفعيله على أرض الجنوب الحبيبة وعلى أرض صعدة العزيزة , فقمنا بعمل خطة متكاملة لمواجهة التحدي هذا قبل أن يبدأ و قمنا بإحراق الطبخة عليهم قبل أن يبدأوا بها , ثم ماجرى على أرض صعدة و التي واجهنا خلالها محاولات المد الشيعي بالإضافة لإخافة السعودية و تذكيرها بأن الحدود الجنوبية لها ليست سهلة و إبقائها متوترة بهذا الخصوص , وكم أنا سعيد و أنا أرى الشعب كله متوحد هذه الأيام رغم خطورة هذا علي شخصيًا , لكن هذا يثبت سلامة الخطط التي نفذناها على أرض الواقع و التي طالت أكثر من اللازم .
علي عبدالله صالح
رئيس الجمهورية اليمنية
ياوطني يسعد صباحك
لم الشمل لملم جراحك
ودي اشوفك يوم تضحك
متى الحزن يطلق سراحك؟؟؟؟؟
