يقال أن قوما من صعيد مصر اجتمعوا ذات يوم يستمعون إلى مبشر مسيحي يحدثهم عن الرب وبركات الرب ويدعوهم إلى الإيمان بعقيدتهم من الصباح حتى منتصف النهار فمر عليهم أحد الفلاحين سلم عليهم ثم قال لهم بتلقائية
- وحدوووه
فردد الجميع بعده
- لا إله إلا الله محمد رسول الله
فأحس القس بخيبة أمل فلملم أغراضه ورحل
الرئيس منذ أكثر من ثلاثة عقود وهو يمارس الجهل والتجهيل ويحاول طمس البراءة اليمنية الأصيلة والفطرة السليمة للشعب اليمني .. أكثر من ربع قرن وهو يستهدف العقول أكثر مما يستهدف الوطن
يضرب هذا بذاك ويصنف الناس حسب مزاجه وحسب ما تقتضيه ظروف مصلحة الكرسي اللعين الذي دفع الشعب ضريبة جلوسه عليه يقتل هذا ويغتال ذاك ويفرق بين الأخ وأخيه والإبن وأبيه يفعل كل شيئ فالغاية تبرر الوسيلة لم يتورع عن القتل والطائفية والعنصرية همش المدن وطمس الهوية وملأ الدنيا غبارا وشوه نقاء هذا العشب الأصيل
فعل كل شيئ عدا مصلحة البلد
فهو لم يهتم بيوم من الأيام بتقديم أي رؤية نهضوية تنهض بالوطن لم يهتم بتأهيل الشباب الذين تركوا التعليم وتسربوا من المدارس ليرحلوا إلى بقية الدول يقاسون الويل والحرمان
لم يرحم أحدا ولم يعطف على أحد اغتال العقول وأمرض الأجساد وفتك بالحضارة والتاريخ والعلم والثقافة وبث الفاسدين في كل ركن من أركان الدولة وقضى على معارضيه ولم يعترف بشرعية أحد غير شرعية الكرسي الذي أصابه الهرم والصدأ
أغلب المناطق محرومة من المدارس والمعاهد واعتمد في حكمه على مراكز قوى قبلية فاسدة وفتح الخزينة لكل من يتستر على جرائمه ويصفق ويطبل له
بعد كل هذه الفترة الطويلة من الجهل والتجهيل والفساد انقلب السحر على الساحر فإذا بالثعابين التي يرقص على رؤوسها تعضه لكنها عضة مظلوم مسلوب الحقوق
وإذا بالفطرة السليمة تنادي الشعب
- وحدوه
وحدوا الله واكفروا بما دونه من الطواغيت والأصنام
خلع الناس جلباب القبلية والسلاح والصراع والثأر
اكتشف الشعب بعد كل هذه السنين بأنه كان أكبر وأكثر وعيا من حاكمه
لم نكن بذلك السوء الذي كنت تصورنا به يا علي صالح
نحن شعب قبلي لكننا بقدر اعتزازنا بقبليتنا فإن القبيلة ليست كما صورتها للعالم بل قبلية تماسك وإخاء
قبلي بتماسكه وإصراره على انتزاع الحق وليست قبلية حروب وقتل
أنت من جعلت من القبلية سيئة تضمن بها رقصا ناعما لكن إيجابيات القبيلة هي التي تطغى
العالم تغير وأنت لم تتغير منذ اغتصبت الحكم وأسسته على الدماء وإزهاق الأرواح
وكأني أراك تعض على أنامل الدهشة والذهول
هذا هو الشعب الذي سحقته وهذه هي الحقيقة المؤلمة لك السعيدة لنا
بعد كل هذه السنوات العجاف رأينا شعبا راقيا بأخلاقه متمسكا بمطالبه مصرا عليها شعب يريد أن يعيش في وطن يشعرون فيه بمعاني الإنتماء
وطن لا يعكر صفوه أزيز الرصاص ولا فوضى الحروب التي أشعلتها في كل قرية ومدينة
وطن يتساوى فيه الجميع وليس كما عودتنا أنت وعصابتك
ألقيت سحرك فألقى الشعب عصاه فإذا بها تلقف إفكك الذي بدأت به حكمك فآمن الناس بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم وكفرت بشعبك الذي جعل منك زعيما الشعب الذي عشت منه وعليه والوطن الذي لولاه لما ارتفع ذكرك في العالمين
لن نغفر لك كل ما فعلته بنا
لن نغفر لك بؤسنا وحاجتنا وأيادينا التي نمد بها للناس
لن نغفر لك جهلنا وتعاستنا وشقاءنا
نمرض فلا نجد وطنا يشفينا
ونجوع فلا نجد قوتا نسد به أودنا
ونتوه فلا نجد فيك إلا مزيدا من التيه
لن نغفر لمن اغتصب بكارة أرضنا ففرقها على حاشيته وزبانيته
لمن باع ثرواتنا ونفطنا وغازنا وبترولنا وحقنا في الحياة والعيش الكريم
لمن فتك بعقولنا واستهان بدماءنا وأعتم فجرنا
لحسرتنا حين نرى الناس يفخرون بأوطانهم وأنت جعلتنا نخجل من انتماءنا
حان وقت الحساب وصحفك مسودة قاتمة السواد
فمالذي فعلته
ومالذي كنت تفعله طوال فترة حكمك ؟
أين هي انجازاتك طوال هذه الفترة
نشأت دول وارتقت ووصلت إلى مصاف الدول العظمى
ونحن نسير كل يوم إلى الخلف
لا يمر علينا يوم دون أن تراق فيه الدماء ويتمزق فيه الوطن ويتشرذم فيه الناس
نريد أن نهنأ بوطن لا يمزق فيه سكوننا طلقة رصاصة ولا صوت مدفع أو قنبلة
نريد أن نخرج مع أهلنا وأولادنا بنزهة ونحن آمنون من الغيلة والقتل والموت
حقيقتك لم نكن نجهلها يوما لكننا كنا نجهل عظمتنا
وهانحن قد وصلنا
نواجهك بإيماننا وإصرارنا بحقنا في العيش
لا نطلب منك شيئا سوى حقنا
نطالبك بالرحيل ليس دناءة منا ولكنه كرم العظماء
نواجه مجنزراتك وأطقمك وأسلحتك بصدور عارية ليس ضعفا ولكنها شجاعة المؤمنين الذين يؤمنون بمبدأ (اطلب الموت توهب لك الحياة )