الجمعية تعلن تأييدها الكامل للمطالب المشروعة للمعتصمات أمام وزارة الداخلية
وتدين بشدة قمع وزارة الداخلية مظاهر التعبير
السلمي التي تجلت في محاصرة المتظاهرات ثم اقتيادهن
لإدارة البحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض
الرياض، المملكة العربية السعودية
الاثنين 4 ربيع الأول 1432 هـ، الموافق 7 فبراير 2011م.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه، الذين أقاموا معالم العدل والشورى.
في يوم السبت 2 ربيع الأول 1432 هـ، الموافق 5 فبراير 2011 م تجمع قرابة الخمسين سيدة أمام مبنى وزارة الداخلية بالرياض، حاملات لافتات كتب عليها "أطلقوا أسرانا أو حاكموهم علانية"، وهن بذلك يشرن إلى آبائهن أو أزواجهن أو إخوانهن أو أبنائهن الذين تم اعتقالهم تحت ذريعة ما يسمى "مكافحة الإرهاب"، وإيداعهم السجون الانفرادية لعدة سنوات، تصل إلى عقود من الزمن، دون تهمة أو محاكمة شرعية علانية وعادلة، بل أنه في حالات كثيرة يقضي المتهم سنوات طويلة في المعتقل دون محاكمة، وحتى القلة الذين تمت محاكمتهم محاكمة سرية وصورية يبقون في المعتقلات ولا يخرجون منها حتى بعد انتهاء فترة الحكم الصادر عليهم.
وفي ظل هذه الأوضاع المهينة للكرامة والمشينة بالشرع والمزرية بالنظام والتي يعيشها المعتقلون والسجناء داخل زنازينهم ومعانات أسرهم اليومية والمتكررة في جميع جوانب حياتهم من انعدام لحقوقهم المادية التي جعلت هذه الأسر في حاجة ماسة للناس ليتكففوا منهم ما يمكن لهم أن يأكلوه ويشربوه، وفشل الأجهزة العدلية وإخفاق هيئة التحقيق والإدعاء العام في إنصاف المعتقلين، وصمت هيئة حقوق الإنسان عن إنكار هذه الانتهاكات، واستمرار وزارة الداخلية في حرمان المتهمين من أبسط حقوقهم الإنسانية التي كفلتها الأنظمة السارية، وتحت الإصرار على المحاكمات السرية التي تفتقر إلى أبسط معايير العدالة الشرعية والنظامية؛ قامت مجموعة من قريبات أولئك المعتقلين بالتظاهر سلميا أمام مبنى "وزارة القمع والاعتقال" للتعبير عن رفضهن للانتهاكات الواضحة والصريحة لأبسط الحقوق الإنسانية ولإظهارهن للظلم الواضح المتمثل في اعتقال أقربائهن تعسفيا دون مسوغ شرعي أو مستند نظامي، ويقصدن كذلك إثارة الانتباه المحلي والدولي لتلك المآسي والجرائم التي ترتكب ضد أولئك المعتقلين وأسرهم، والتي تصل إلى مستوى "الجريمة ضد الإنسانية" لأنها ثابتة ومنهجية، حيث يصل تعداد المعتقلين السياسيين تعسفيا في سجون وزارة الداخلية أكثر من ثلاثين ألفا، وفقا لتقديرات الجمعية، فلا تكاد تخلو أسرة سعودية من وجود قريب لها معتقل في سجون المباحث السرية.
والجمعية وهي تصدر هذه الإدانة فإنها تتساءل عن ما هي صيغة التعبير التي تسمح بها وزارة الداخلية إذا كانت تقمع جميع مظاهر التعبير السلمي كالتظاهر والاعتصام، فهل تعي وزارة الداخلية حجم الاحتقان الذي يعاني منه المواطنون؟ خصوصا أنها تعتقل كل من عبر عن رأيه بطريقة سلمية، حيث سبق أن اعتقلت وزارة الداخلية قرابة الخمسين متظاهرا خرجوا في شارع التحلية في مدينة جدة يوم الجمعة 24 صفر 1432 هـ، الموافق 28 يناير 2011م احتجاجا على سوء حالة البنية التحتية في أعقاب السيول التي اجتاحت ثاني أكبر المدن السعودية للسنة الثانية على التوالي، كما رفضت وزارة الداخلية التصريح لعدة اعتصامات سلمية خلال السنتين الماضيتين.
وتنتهز الجمعية هذه الفرصة لتكرر مطالبها:
أولا: الترخيص والسماح للاعتصامات والتظاهرات السلمية مهما كانت مطالبها، التي تعتبر أسلوب حضاري للتعبير عن الرأي يتماشى مع المواثيق الدولية التي وقعت وصادقت عليها الحكومة السعودية، وتستنكر الجمعية ما وصفته وزارة الداخلية "أن تجمعهن يمثل سلوكاً خاطئاً."
ثانيا: الإفراج الفوري عن جميع المعتقلات اللاتي مارسن حقهن المشروع وتم اعتقالهن أمام وزارة الداخلية يوم السبت الثاني من ربيع الأول 1432 هـ، الموافق 5 فبراير 2011م، وقامت وزارة الداخلية باعتقالهن لدى إدارة البحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض، ثم زعمت من خلال أحد الصحفيين المتعاونين مع الوزارة أنهن من أسرة واحدة، وأنهن قد جئن من المنطقة الجنوبية، وزعمت الوزارة أن إطلاق سراح ذويهن عن طريق القضاء، بل واشترطت الوزارة أخذ التعهد على ولي أمرهن بعدم قيامهن بنشاط مماثل، وما يوضح التضليل الذي كتبه هذا الصحفي المأجور هو أن المتحدث الرسمي للوزارة أدعى لبعض الصحفيين الأجانب أنه قد أطلق سراحهن جميعا.
ثالثاً: محاسبة من قام بعملية اعتقال المعتصمات على تصرفه غير الشرعي وغير النظامي وإقالته من منصبه, والتشهير به حتى تتم محاكمته من قبل أهالي المعتقلات في المحاكم الشرعية لتعرضه غير المشروع لهن.
رابعاً: الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين تمت محاكماتهم وامضوا فترة عقوباتهم.
خامساً: الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين لم تستطع وزارة الداخلية توجيه اتهام لهم، فضلا عن محاكمتهم علانية.
سادساً: الجمعية تطالب وزارة الداخلية بإعادة النظر في سياساتها وتعاملها مع المواطنين المبنية على القمع والقبضة الحديدية والتجاهل وتقييد الحريات العامة، فهذا النهج هو الذي أدى إلى الثورات الشعبية التي تدور رحاها الآن في العديد من البلدان العربية، فثلاثية الاستبداد: القمع والظلم والفساد هي التي أدت إلى سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، و"قانون الطوارئ" وما صاحبه من الظلم ومصادرة الحريات العامة هو الذي دفع شباب مصر الشرفاء إلى الثورة ضد نظام حسني مبارك الآيل للسقوط، والسعيد من وعظ بغيره، قبل فوات الأوان، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
يقول الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" (سورة المائدة، آية
جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية
http://www.acpra17.org/news.php?action=view&id=109