الشباب و الارهاب الفكري
عبدالرحمن سعيد العسلي
تجارب الحياه تُنسيك بعضها بعضا ,وتتوارث بعضها بعضا حتى تجد نفسك كالمخبول اثر كل تجربه وكالمغفل في نهايات تلك التجارب. لا احد يجزم انه لم يصبح فريسه لفكره استوطنت دماغه وسوقها شياطين الانس والجن كلٌ حسب خبراته ,وكلٌ بلغاته المرهفه والمخدره ,وما كثره الاطياف والفرق والطوائف الا دليل على تنوع الشياطين ولغاتهم واساليبهم.
مما هو مشهور عند المختصين في علم النفس ان اسرع وسيله للتأثير -وغالبا ما يكون التأثير السلبي- هو استخدام العاطفه لتمرير الافكار ومن خلالها حقن العقل الباطن بما يريدونه فيصبح كلاما مقدسا وافكارا لا تقبل الحوار فيجعلون من هولاء بشرا عقولهم كالكوز مجخيا او كالقربه الملثومه , اذ ان كلماتهم المعسوله والمخلوطه بالمنطق والعاطفه تجعلك تقتفي اثرهم من غير وعي , لا استطيع اقول انه السحر ولكن ما يمكنني قوله ان تاثيره تاثير السحر فتردد ما يرددون وتعتنق ما يعتنقون بعقليه المعتوه وترديد المخًدَر .
ففي علم " الايزوتيريك" نجد تفسيرا منطقيا عن الوعي والاوعي ذلك ان الانسان ككل يحتوي على قسما لا مرئيا يتكون من مكونات لا ترى بالعين المجرده وهي اجهزه الوعي الخفيه وبالتالي السيطره والولوج الى هذه الاجهزه وهذه المكامن هو سيطره على طريقه التفكير واخذ القرارات والقناعات والى ما ذلك. ومما لا شك فيه ان الطريقه الاكثر فعاليه للسيطره على الانتماء الاواعي تبداء من دغدغه العاطفه ثم السيطره ثم التبعيه الكليه.
وبلغه الواقع يمكن القول ان انتماء الاوعي المؤقت يبداء بابتسامه تبدو من بعيد وكانها صادقه ولكنها كالسراب اذا جئته لا تجده شئيا , تلك الابتسامات تُرسل الى طرف اخر ذي فطره سليمه تقبل ما تراه حسنا وطيبا فهيهات هيهات ان تنسجم وتكتمل الصوره لان القاعده الخالده تقتضي ان الطيبين للطيبات والطيبات للطيبين , ان الصوره المعاكسه تماما ينبغي ان تكون فطره سليمه طيبه و صدق يهدي الى البر واخلاص القول والنيات.
كثير من الشباب يقولون وينادون لسنا نادمين اننا وقعنا بتلك الطرق وتلك البلاهه بقدر خوفنا ان ينطوي هذا الاسلوب المقزز على اكبر عدد من الشباب وقليلي الخبره , انها ان وقعت فهي الفساد العميم , والخبث الطميم , انه استبدال الشر بالخير والادنى بالاعلى , انه انقلاب على مبادئ الصدق والحق والعداله. ولسان حالهم يقول الم يجدوا الا هذه الطريقه ليقنعوا الاخرين بارائهم وافكارهم , ام ان افكارهم منفره للاخرين ولا يستطيع عاقل ان يتقبلها فلذلك لجأوا لمثل هذه الاساليب المكريه والتضليليه.
عموما , ما اجمل ان تثق بابتسامه تراها امامك وترى امام خيالك طيفا من القيم وأن الحياه لازالت تحمل في احشائها كنوزا من القيم والحب والالفه والسمو البشري , فتجنح بامنياتك واحلامك الى العالم المثالي حيث الابتسامه هي شعار كل شئ واساس كل تعامل فتحمد الله وتشكره على نعمه الظاهره والباطنه , وبالمقابل ما ابشع ان تكتشف ان تلك الابتسامات كانت مجرد خدعه ومكر احاط بك من كل جانب وانها ابتسامه كانت تحكي حكايه القلوب البريئه والثعلب الماكر وانها مسلسل من الابتسامات التي بدأت في الزمن القديم المذكور في كتاب الله العزيز في مواضع" واذا خلوا" فتشعر ولو للحظه عابره ان الفكر له امتداد وان الزمن وان مر على اناس كثير لازال يعيد تجارب قد خلت في امم سالفه.
اشعر الان وكان الابتسامه تصرخ قائله :اني مطيه استخدموها كما استخدموا الشباب الطيبين لبعض شانهم ردحا من الزمن فلا تكن قاسيا في معاتبتي واعلم ان الفرق بين الحق والباطل انه لا يمكن ان يتصارع الحق مع الحق لان الحق واحد , فهذا مثلي ومثلهم فثق ان الايام سترفع علم الاخلاق والحب والالفه وإن استغلالهم هذا ما كان الا استدراجا لهم وللايام فيما تحدث حكما وعبرا.
اجد نفسي ملزما ان اقول ان الطريقه التي يتم بها استدارج الشباب هي طريقه خاطئه مهما كان التبريرات لاي فرقه وطائفه , ان الطريقه الانسب هي ان تُبين فكرتك ومنهجك بكل جزيئاته فان قبلوا قبلوا والا فهذه هي حريتهم وهذا هو اختيارهم.
ان هذه الثقافه آن لها ان تاخذ حقها وان يكون لها قدم في اوساطنا وفي عقولنا وطريقه تفكيرنا فهي الطريق الحقيقي الموصل الى نتيجه لا خيال وسراب والمبني على اقتناع ووضوح.
