اليمن جواد بلافارس أم فارس بلا جواد
نورد قصة تأليف الكسندر هيام
منقول بتصرف (ونعتذر عن الإطالة هذه المرة )
كانت تلك هي المرة الأولى التي يقوم فيها الصبي بأعمال والده وذلك لمرضوالده
ولم يجد من يعتمد عليه سوىولده الوحيد فقد حل الشتاء والمطر على الأبواب ولابد من حرث الأرض وبذر البذور قبلالموسم.
بدأ الاستعجال واضحا علىالصبي وهو يحث خطاه نحو الإسطبل ليخرج الجواد الذي اشتراه والده لحرثالمزرعة.
أمسك بلجام الجواد وشده بقوة كي يقتاده للعمل ظل الفتى يشد اللجام والجواد لايتحرك منمكانه.
احتار الفتى فهو لم يكنيعرف الكثير عن الجياد فرأى سوطا فقرر أن يستخدمه لإجبار الجواد علىالحركة.
أمسك بالسوط واتخذ مكانه خلف الجواد وضربه كي يتحرك خارج الاسطبل وبالفعل تحرك الجوادخارجا.
أتى الصبي بالمحراث وشدهالى الجواد ثم جذب اللجام وسار متجها الى المزرعة لكن الجواد رفض الحركة مرةاخرى.
وبدأ الصبي بسوط الجوادويصرخ والحصان يصهل ويرفض الحركة.
كان الأب يرقد متعبا على السرير فاستيقظ عندما سمع الجلبة وتحامل علىنفسه ليطل من النافذة.
وعندما رأىابنه يضرب الجواد والجواد يرفض الحركة نادى عليه: ماذا تفعل؟
فأجاب الولد: الحصان يرفض الحركةوالعمل.
قال ابوه :كيف يرفض العملوهو مخلوق لذلك؟
فقال الولد:صدقني...لقد رفض أن يتحرك بعد أن ربطت إليه المحراث
فسأله الوالد: وهل أسقيته الماء؟
فأجاب الولد: سيشرب قبل أن يعمل؟سأسقيه بعد العملطبعا..
أجابه أبوه:وهل تملأالسيارة بالوقود قبل أن تسير أم بعد أن تتوقف؟
وأنت هل تتناول إفطارك قبل الذهاب إلى العمل أم عندماتعود؟
سكت الولد لبرهة وعاديجادل:الجواد ليس سيارة فهو كائن حي وليس ألة.
فرد عليه الاب: ولهذا السبب يابني عليك أن تعامله بشكلأفضل وأكرم مما تعامل الآلة.
اذهبفاسقه أولا ثم خذه للعمل فالجياد تحب أن تشرب قبل أن تعمل هذه طبيعتها يابني وإذالم يشعر
الجواد بأنك تحبه وتحافظ عليه فلن يستجيب لقيادتك.
فكالولد المحراث وأمسك اللجام بيديه وجذب حصانه بعنف باتجاه النهر. فرفض الجواد أنيستجيب.
رفع الولد السواط فيالهواء ليهوي به على الجواد
فقالله والده:يابني ماهكذا تعامل الجياد...سوف تتعب وتتعبه معك..اجذب حصانك برفق وبحزمودع السوط.
جذب اللجام برفق فبدأالجواد يستجيب ويتحرك باتجاه النهر فاستغرب الولد طويلا ولكنه أخفى دهشته مضىالجواد نحو النهر .
عند النهر وجدالكثيرين يسقون جيادهم فلم يجد مكانا لجواده وتحتم عليه ان ينتظر طويلا حتى اتىدوره ليسقي جواده .
لكن الجوادوقف ساكتا ولم يحن رأسه ليشرب.دهش الولد ولم يدر مايفعل سوى أن يصرخ في الجوادليشرب ودون جدوى.
سمع الفتى صوتاخلفه يقول هيا بسرعه اسق جوادك لنأخذ دورنا.
التفت اليه الولد وقال:ولكنه لايريد أن يشرب وأنا تركت السوط فيالبيت.
تعالت ضحكات المزارعين وسأله احدهم :وهل تسقي جوادك بالسوط لاعجب إذن أنه لايريد أنيشرب.
هنا قفز الولد إلى الماءوأمسك برأس الجواد وجذبها إلى الماء ولكن الجواد رفض أن يشرب فجذبه الولد بعنف إلىالماء ورفض أن يشرب أيضا.
تضايقالمزارعون وطلبوا منه أن يعود الى اخر الطابور .
في الخلف رأى الفتى أحد المزارعين يربت على جواده ويطعمهقوالب من السكر الابيض فاقترب من المزارع وسأله: هل تعلمني كيف أجعل جوادي يطيعني ويشرب؟
نظر إليه الرجل وقال:أعرف ماتكابده مع هذا الجواد فقد تملكتني في مثل سنك نفس الحيرة ولم أتعلم كيف أتعامل مع الجياد الا من جنية النهر. عليك أن تسال جنية النهر فهي تعرف الكثير عن الجياد .
اندهش الولد من كلمات المزارعوسأله من هي جنية النهر؟ وكيف تعرف الكثير عن الجياد؟
فأجابه الرجل: أنت تعتقد أنني أهذي. ولكن هذا ماحدث معي بالفعل.ماعليك سوى أن تلقي قطعة نقود في النهر ثمنا للنصيحة التي ستحصل عليهاوتخبرك الجنية بما عليك أن تفعله.
مضى المزارعون لحرث أراضيهم وانتصف النهار ولم يبقى غير الولد مع جواده الحرن.
مرة أخرى اقترب الولد منالماء ليسقس الجواد فلاحظ شيئا يلمع بين الرمال المبتلة انحنى الفتى ليلتقط ماوقعت عليه عيناه فوجد بين يديه قطعة من الذهب فأخذها يتأملها ويتعجب لبريقهاالأخاذ.
تحرك الجواد حركة مفاجئةفأسقط القطعة الذهبية من يد الولد إلى ماء النهر استاء الولد وصرخ جواد غبي وأمسكبالجواد وجره من جديد
وقال: الان سأجعلك تشرب أو سأجعلك تغرق فتلتهمك جنية النهر ظل الولد يجذب جواده حتى سمع صوتاتحت الماء يقول: ماهكذا تشرب الخيول..!!
فجزع الولد وتلفت حوله قائلا:من الذي يتكلم؟
فأجابه الصوت أنا جنية النهر
فاشتد جزع الولد وقال:أرجوكي انصرفي أنا أخاف منك فلم أرجنية من قبل.
فرد عليه الصوت:كيف تخشاني وأنت لم ترني من قبل لاتخش شيئا اعتبر نفسك في حلم وانتهز الفرصة واسألني عنكل ماتريد ولاتنس أنك أنت الذي استدعيتني
فسألها الولد:لماذا جوادي لايعمل؟
قالت :الجواد لايريد أن يعمل معك فهو غير سعيد وهو يريد أن يعود للعملمع والدك.
فقال الولد :إذن يرفضني انا ولايرفض العمل؟
فاجابته الجنية: تماما
فسألها الولد: كيفاذن اقتعه بالعمل معي؟
أجابته الجنية:طبق قاعده المعاملة بالمثل :
1-إذا كنت تريده ان يعمل معك فأحب انت العملمعه
2-اذا كنت تريده ان ينفذماتريد فنفذ له انت مايريد
هذه نصيحتي :المعاملة بالمثل وهي تنطبق على كل شئ سواء حيوانا او انسانا عندما تعامل ايشئ في العالم باسلوب ما فانه يعاملك بنفس الاسلوب.
قال الولد:أنا امنحه مايريد لقد احضرته هنا كي يشرب ولكنه يرفض ان يشرب كما ترين فماذا افعل؟ الوقت ينفذ وانا لم احرث الارض بعد.
ثم توجه الى الجواد:أرجوك اشرب
قالت الجنية:لن يشرب وهوتعيس ذلك هو حل اللغز.
فسألها الولد: أي لغز؟
قالت: لغز الجوادلايريد أن يعمل الا بعد ان يشرب ولايريد ان يشرب الا بعد ان يشعر بالسعادة فماذاتفعل؟ ذلك هو اللغز عليك أن تفهم وتعرف مايريد.
اعترض الولد وقال: ولكن كيف افهمه وهو لغز؟ ان مايريده ايجواد هو ان يشرب ويأكل ويعمل ؟
فأجابته الجنية :هل هذه هي اهم الاشياء لديك؟أن تشرب وتاكل وتعمل فقط؟
وقف الولد وفكر لبرهة ولميجب.
فسألته الجنية:اذن ماهي اهمالاشياء لديك؟
ابتسم الولد وقال بهدوء: والدي عندي وصحته تهمني كثيرا كذلك دراستي فأنا اريد ان اكمل تعليمي واعمل مهندسا زراعيا مزرعتنا مهمة عندي ايضا وانا اشعر بالقلق تجاهها الان فاأنا اخشى ان تسقط الامطار قبل ان اتمكن من حرثها بسبب هذا الجواد الغبي.
فقالت الجنية: لكنك لم تذكر شيئا عن الاكل والشرب والعمل انت تكلمت عن سعادتك وعن امنياتك.
فقال الولد: هذه اهم عندي من الاكل والشرب.
استيقظ الولد من حلمه ووجد نفسه واقفا في نفس المكان الذي وجد فيه العملة الذهبية .
مدالولد يده الى الجواد وربت على جبهته وقال: الان عرفت ماذا افعل استمر الولد فيمدابعة الجواد وسار بمحاذاة النهر دون ان يجذب اللجام سار الجواد خلفه بهدوء حث الولد الخطى فاسرع الجواد يشرب ليلحق به جرى الولد ضاحكا فجرى الجواد خلفه توقف الولد وانحنى يغرف من مياه النهر بيديه ويرفعهما نحو فم الجواد فوجد الجواد يشرببسرعه انحنى الولد ومد يديه في الماء فمد الجواد رقبته نحو الماء واخذ يشرب حتىارتوى وما إن فرغ حتى بدا نشيطا ومفعما بالحيوية فما كان من الولد الا ان اعتلىصهوة الجواد وانطلق به نحو المزرعة.
لكن شيئا غريبا حدث.اعتاد المزارعون حرث الارض في خطوط مستقيمة ولكنالجواد رفض السير في خط مستقيم وقبل ان يعترض الولد اسرع الجواد يجري بسرعه مشكلادوائر حول المزرعة فهم الولد مايريده الجواد فقد اخبره والده ان الجواد تدرب في حلبات السباق فما كان من الولد الا ان تركه يجري ووراءه المحراث وفي نهاية كل دوره كان الولد يشد راس الجواد برفق للداخل كي يشكل دائرة اصغر من سابقتها استمر الجوادفي الجري واستمر الولد في قيادته حتى حرث كل المزرعه وكان ذلك انجاز اخر ان يحرث كل المساحة من الارض بيوم واحد.
في اليوم التالي جرى الجواد بنفس الطريقة وفي هذه المره علق الولد به عربة بذر البذورواتمها في نفس اليوم ايضا عاد الولد الى البيت فرحا لانه حرث وبذر المزرعة قبل هطولالامطار ووجد والده قد شفي من مرضه فاستقبله فرحا وقال:لدي مفاجأة لك
فسأله الولد: ماذا؟ماذا؟هيااخبرني
فاجابه الوالد:هل تذكرالقطعة الذهبية التي وجدتها في النهر واعطيتها لي بالامس
فاجاب الولد:وماذا عنها؟
فقال الوالد"اتضح ان ثمنها كبير جدا ستتمكن من اكمال تعليمك كما كنت تريد
فرح الولدوربت على جبهة الجواد وقال مبتسما :لولاالله ثم عنادك ماحدث ذلك.
]size=24](انتهت القصة)
قراءة سياسية للقصة :1.ظن الفارس أن الفرس لايحب العمل ثم ادرك ان المشكلة فيه لا في الفرس فهو الذي لم يستطيع إخراج أفضلما في الفرس طوال أكثر من ثلاثين سنه .
2.تكمن المشكلة في الفارس وليس في الفرس كان الفرس يتوقع من الفارس ان يقوده لكن الفارس ترك الفرس يقوده.
3.المواطن اليمني يريد التقدير المعنوي قبل التقدير المادي ويريد الوفاء قبل الماء. لكنه لم يحصل على شي منهما.
4. ظن الفارس بعد عجزه ان هناك طريقة واحدة لحرث المزرعة وحاول أن يفرضها علىالفرس الذي لم يكن مدربا على العمل والفارس لا يريد الحرث بخطوط مستقيمه والحصان يحب الركض في دوائر مغلقه .
5- الفارس والفرس معزولين ويعملون بتفرد ولم يرجعوا للمزارعين الا في المواسم
6. مشكلة الفارس لم يثق في كل منحوله ولم يثق في الجواد نفسه.
7.عندما اوقع الخيل العملة الذهبية (المشترك) من يد الفارس في النهركان ذلك غباء .
8- المعارضة التي تبدو غير مقبولة وتفسر بطريقة سلبية تكون أكثر فائدة.
-9 في عهد الفارس امتلأت كل الموسسات بالموظفين العاديين.وخلت من الموظفين المتميزين . فتخيل دولة امتلأت بالجياد التي لا تفعل شيئا سوى ان تنام وتاكل وترفس كل من يسهر على خدمتها فلا تجرعربة او تشارك في سباق فيالها من طاقة مهدرة.
10 - بدون الفارس يبقى الجوادطاقة مهدرة بل مستهلكة وخربة ولايعطي سوى الرفت والفضلات .
- 10 لم يدرك الفارس انه لا يستطيع أن يقودجواده بالسوط وحده وهذه حقيقة لا يدركها إلا الفرسان.
11- إذا كانت الخيول تحتاج إلى معاملة محترمة كي تعمل فما بالك بالإنسان؟.
-12 مازال الفارس في اليمن يعتقد أن جواده لايعطش ويرفض أخذه إلىالماء.
13- يبدأ التغيير بتغييرالافتراضات الشخصية فاذا تغير الفارس تغير نظام العمل وإذا تغير نظام العمل تغيرالعاملون
14- أصبح من الصعب على الفرس والإنسان الشعور بالانتماء نحو شخصية الفارس . [/size]