مدرسة الوحدة حدادين "المدرسة اليتيمة"
كتب / وجدي السالمي
في مديرية جبل حبشي وبالشمال الشرقي لمدينة تعز يقع الهرم العلمي الشامخ "مدرسة الوحدة حدادين" والتي تأسست عام 1976م بجهود جما بذلها المواطنون .. أما تنمية الثورة الموعود بها كهدف لا تشمل منطقة الحدادين ولا خير الجمهورية المزعومة وصل إليه منذ ثمانية وأربعون عاماً من عمر الثورة عدا إضافة ستة فصول دراسية لهذه المدرسة مازالوا في قيد الإنشاء .
مدرسة الوحدة حدادين ـــــ المسمى مجازاً بمجمع الوحدة الثانوي لاعتباره المدرسة الثانوية الوحيدة في المنطقة من مجموع سبع مدارس مجاورة جميعهن أساسية ـــــ كانت نموذجاً وصرحاً علمياً رائعاً "ركزوا على كانت" في أداء رسالتها التعليمية والتربوية وحققت نجاحاً كبيراً في مستوياتها العلمية خلال ثلاثة عقود متواترة .. أما الآن أصبحت بشهادة القائمين عليها غير قادرة على أداء دورها والاستمرار بنجاحها بأسلوبها القديم في العطاء العلمي ولو بشكل نصف كامل .
تراجع مستوى المدرسة بشكل كبير وتقهقرت العملية التعليمية بشكل مفاجئ من جميع جوانبها .. رغم أن المدير هو ذلك الرجل المتواضع القديم الذي قادها بكفاءة واقتدار كبيرين منذ تأسيسها .. لكن لماذا عجز اليوم عن أداء دوره ... ربما هناك العديد من العوامل التي تداخلت وأثرت على أداء المدرسة بشكل مباشر ومنها قرار إحالة المدير إلى التقاعد مع أنه مستمراً بعمله بضغوط من مجلس الآباء لأنه لا يوجد البديل المناسب ذو الكفاءة التربوية والإدارية .
قرار التقاعد فتح صفحة خلاف وجبهة مواجهة بين الوكيل والمدير حيث الأول منهم أنتهز فرصة للحصول على قرار تولي منصب إدارة المدرسة مع أن مؤهله العلمي لا يمكنه من ذلك وشخصيته غير مرغوب فيها في أوساط الطلاب وأعضاء هيئة التدريس "حسب رأي الأهالي" من ثم قام بإعلان العصيان الإداري على قرارات المدير وعدم الانصياع لها بحجة أنها غير ملزمة وصادرة من مدير متقاعد .. وهذا الخلاف الإداري الغير مُعلن ألهى الإدارة عن قيامها بواجباتها الإدارية والتربوية وأدى إلى اختلالات في مختلف الجوانب الإدارية والتعليمية بالمدرسة.
وكان الأحرى بوكيل المدرسة التعاون مع المدير من أجل توفير المُدرسين لكون المدرسة تعمل منذ أربعة أعوام على التوالي بدون معلمين لمادة الرياضيات وأخواتها الفيزياء والكيمياء واللغة العربية واللغة الإنجليزية بالإضافة إلى مربي الصف الأول الابتدائي وكذلك الصف الثاني مع هذا تُسمى المدرسة "مجمع الوحدة الثانوي" .. مُدرسون هذه المواد نُقلوا في موسم المطالب (الانتخابات الرئاسية لعام 2006م) بقرارات سياسية وبمعايير حزبية وأصبحت المدرسة مفرغة وهيكل خالٍ من المضمون .. الطلاب لا يدرسون هذه المواد منذ زمن إلا أنه ترصد لهم الدرجات على أوراق النتائج عن طريق القياس وتقاس درجات مادة الرياضيات على ضرتها الفيزياء (العام المنصرم أُرسل نصف مُدرس لمادة الفيزياء يعمل بنصف جدول ونصفه الآخر في مدرسة أخرى) نصف مُدرس لمجمع ثانوي .. إنها قمة السخرية والاستفزاز لمشاعر طلاب يبحثون عن العلم .. أما مادة اللغة العربية تُرصد درجاتها على غرار جارتها التربية الإسلامية وكذلك الكيمياء فتُقاس على إبن عمها علم الأحياء وهكذا .. وهُناك طريقةً أخرى يتم فيها اختبار الطلاب وهي طريقة "الوهم" .. حيث يخضع الطالب لاختبار مادة الفيزياء حقيقةً ومادة الرياضيات مجازاً (وهات يا خواش طلعوا ذا بدل ذا واحسبوهم سويه) الآباء يبتسمون عندما يرون درجات أبنائهم عالية في مواد لا يدرسونها أصلاً .. نعم بهذه العشوائية وبتلك المسرحية وغياب الضمير يتم تدمير أجيال لا ذنب لهم سوى أنهم أرادوا أن يتعلموا .. وياما من طلاب تخرجوا وهم ليس بمقدورهم كتابة علامة التكامل أو معرفة قانون نيوتن أو من هو نيوتن أصلاً وما جنسيته.
ينتابني الحزن لمعاناة طلاب المدرسة الذين حرموا من حقهم في التعليم وينتابني الأسى عندما أرى ذلك الهرم التعليمي عاجز عن النهوض بعد إن كان في قمة العطاء .. إدارة التربية والتعليم بالمديرية غائبةً تماماً عن هذه الإشكالية ومتجاهلة وضع هذه المدرسة مع أنها تعلم العجز القائم من المدرسين طوال هذه السنوات وهذه مصيبة عظيمة لأنها تعلم وكان بمقدورها معالجة هذه الإشكالية من التوظيف الجديد للمديرية .. أو القيام بمسح ميداني لجميع المدارس لتحقيق نوع من العدالة في توزيع المدرسين.. إلا أن معيار الأولوية لا يتحكم بتوزيع المُدرسين بل معيار القوة والغلبة والمحسوبية و(الزلط) هو من يتحكم بتوزيع المُدرسين .. لذا لا غرابة بأن توجد وفرة من المدرسين في مدارس أخرى مثل مدرسة الوفاء ميلات حيث يتواجد فيها ما يتجاوز خمسة مدرسين أحياناً للتخصص الواحد لأن مُديرها أحد المشائخ وعضو في المجلس المحلي للمديرية .
قبل شهر جاء مُدرس تخصصه لغة عربية قادم من محافظة لحج إلى مديرية جبل حبشي حينها تم إرساله إلى مدرسة الحمراء الأساسية وكان مدير إدارة التربية والتعليم بالمديرية قد أوعد بإرساله إلى مدرسة الوحدة حدادين .. إلا أنه خلف وعده لأن إدارة المدرسة
(لم تدفع عربون) بعشوائية قبيحة وقرارات جافة وارتجالية وانحسار الضمير يُدار مكتب التربية والتعليم بمديرية جبل حبشي .. وإذا لم يكن كذلك ما أُرسل مدرس تخصص إلى مدرسة أساسية إلى الصف السادس مع وجود أولوية لمدرسة الوحدة حدادين كونها ثانوية لكن ماذا نحن منتظرون من مدير إدارة التربية بالمديرية الذي فشل يوماً بإدارة مدرسة قبل حصوله على قرار إدارة التربية بالمديرية لأنه من سلة المشائخ .. هكذا يكافئ الفاشلون.
اما عضو المجلس المحلي المهندس عبدالله الأمير أجابني عندما طرحت عليه إشكالية المدرسة بأنه طرح موضوع المدرسة أكثر من مره في إجتماعات المجلس المحلي وتم تشكبل لجان مسح ميدانية الا ...أن هذه اللجان بتعاون مع مدير التربية بالمديرية يبيعوا المدرسين حسب التخصص....وأقترح حلاً بأن نذهب الي إدارة التربية بالمديرية لنشتري مدرسين انهم يبيعوهم كالسلع في البقالات.