(المؤيد) و(أيوب) .. إستجداء حاكم

أثناء توجهي إلى مطار صنعاء للمشاركة في إستقبال الشيخ المؤيد وزايد, مررت بالشارع الذي يسبق القاعدة الجوية ووجدتُ عجباً وما ليس غريباً, حيث كانت سيارات مؤتمرية تصدح مكرفوناتها بأغانٍ ثورية للفنان أيوب طارش, فأيوب كالمؤيد والثورة والوحدة والديمقراطية مجرد قيم نبيلة ومعانٍ سامية يوارى بها سوءاته.

ورغم فرحتي بعودة المؤيد وزايد كمواطنين يمنيين تعرضا للظلم (الألماني- الأمريكي) بصورة تكشف زيف الإدعاء الغربي بإحترام سيادة الدول وحماية حقوق الانسان وحرياته, إلا أن الألم كان يعتصرني متزامناً وأنا أقرأ في أخيرة صحيفة وكالة الأنباء الرسمية خبراً عن نزول راقصات فرنسيات إلى شوارع باريس للرقص من أجل جمع أموال لتغطية نفقات علاج الفنان اليمني أيوب طارش.

وقبلها بأيام كان أعضاء مجلس النواب وآخرين يعلنون عن تبرعات لفنان اليمن الكبير هذا الذي (يتمسح) النظام الحاكم بأغانيه, ويعجز عن منحه حقه بالرعاية والعلاج, بإنتظار مكرمة رئاسية يتوزع (منها وأذاها) صفحات الصحف وتُبث كرسائل إخبارية عبر الموبايل.

فالفنان أيوب – رغم آلامه وأوجاعه ومآساته – بالنسبة للحاكم مجرد وسيلة (يتمسح) بها, كشأن أغانيه وروائعه الوطنية والثورية, وهو ذات الأمر بالنسبة للمؤيد وزايد حيث كانا وأغاني أيوب وسيلة لـ(التمسح), فوضع عودتهما وآلامهما وأوجاعهما في مرتبة المنجزات الثورية والوطنية التي لا يتوقف الحاكم عن تحقيقها بإستمرار ودون ملل.

لا الأمر يقف عند ذلك, فعندما كنت برفقة وفد برلماني زار محافظة صعدة إثر الهدنة التي سبقت الإنتخابات الرئاسية والمحلية (2006), كانت سيارات التوجيه المعنوي للقوات المسلحة تسبق الموكب وأخرى تتبعه, عليها مكبرات صوت تصدح بأغاني أيوب الثورية وتوزع الآلاف من صور الرئيس ذات جودة عالية, وعلى إستحياء تنثر أوراق حجمها صغير ورديئة وضع عليها بألوان باهتة العلم اليمني.

بالتأكيد الموقف كان لا يستدعي الأغاني الثورية, ويُفترض أنه موقف للتهدئة والتسامح وتصفية النفوس بين اليمنيين, وهو لا يختلف عن إستقبال المؤيد وزايد, حيث كان يُفترض غياب أغاني أيوب الثورية, فالوقت ليس مناسباً لمثل ذلك وأيوب لازالت آلامه وأوجاعه وأنينه يصلنا من الأردن, وأخبار التعاطف مع مآساته تعود إلينا من راقصات فرنسا, تحتقر وطن أصابه الصمم تجاه آلام عمالقته ومبدعيه, وإحتقار لحكام يجعلون من تلك الآلام وسائل للتمسح وإستجداء الشرعية وتقمص الوطنية ويصقلون من المآسي أسلحة للتشهير والإهانة والنيل من الكرامة.

في صعدة ومع كل جولة حرب تبدأ أو تنتهي, لا تتوقف ميكرفونات التوجيه المعنوي في المعسكرات وعلى السيارات عن بث أغاني أيوب, وليس مبالغةً القول أنها حاضرة جنوباً مع كل مواجهة ضد الحراك, دون أي إحترام للقيم التي رسمتها ريشة الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان.

ولذلك ليس غريباً عدم إحترام آلام وأوجاع الشيخ المؤيد وزايد بعد عودتهما, فصورتيهما نافستها وتغلبت عليها صور الرئيس ولافتات شكره على منجز يُفترض أنه واجب دستوري يتوجب مساءلته في حال كان مُقصراً عن القيام به.

لكن ما هو أكثر حزناً أنه خلال الأسبوع التالي كانت الصحافة تنشر خبران يرتبطان بأيوب والمؤيد كنتيجةً للثقافة المُراد ترسيخها من العقلية الحاكمة, ففي الأول الفنان أيوب يشكر فخامة الرئيس للإلتفات إليه والتوجيه بترتيب سفره للعلاج في ألمانيا على نفقة دولة غنى وشدا أعذب الألحان لها كحلم لليمنيين لم يتحقق بعد, وهي دولة المواطنة والمساواة والعدالة والمؤسسات.

أما الخبر الثاني فقد كان عبارة عن بلاغ صادر عن اللجنة الوطنية للدفاع عن المؤيد (يُناشد) فخامة الرئيس التوجيه بسرعة ترتيب علاج المؤيد في الأردن على نفقة دولة عمل فيها ولأجلها حتى وصل إلى منصب رفيع قبل ان يتم إقصاؤه كمستشار وزارة.

منح المؤيد وأيوب (مَكرمة) كان سبباً – كالعادة - يوجب على الإعلام الرسمي ومن ورائهما الإعلام الحزبي والأهلي عزف ألحان المن وتراتيل الأذى ومقاطع الإهانة والتشهير, رغم انهما سُيعالجان على نفقة الدولة ومن خزينتها العامة التي تُضخ إليها الأموال من خيرات الوطن وثروات الشعب وجيوبه وكده وتعبه ومديونيات سيتكبد سدادها أبنائه وأحفاده, فيما الكثير من (إياهم) يُمنحوا ملايين الدولارات تحت لافتة العلاج سنوياً دون حتى (منٍ أو أذى) وبلا تشهير وإهانة, عكس شيخنا المؤيد وفناننا الكبير أيوب.
ومما يؤسف له أكثر أن من يعتبرون أنفسهم مشاعل للحرية وقناديل للحقوق يساهمون في ترسيخ تلك الثقافة من خلال رسائل المطالبة أو الأخبار الصحفية, والمفترض انهم أول من يكف عن مسايرة الحاكم في ذلك, حيث يتوجب ان نطالب بالحقوق ونسعى لإنتزاعها من بين أنياب العبث والفساد الحاكم وتتوقف مناشداتنا للحاكم ورسائل شكره لقيامه بواجب منح المواطنين حقهم في الرعاية والإهتمام. رشاد الشرعبي الإثنين 2009/08/24 الساعة 04:32:58

function check_length()
{
text = fetch_object("text");
if(text.value.length > 350)
{
alert("_MAX_TEXT_SIZE");
text.value = text.value.substring(0, 350);
}

}
function check_comment_form()
{
name = fetch_object("name");
if(name.value == "")
{
alert("الرجاء إدخال الأسم");
return false;
}
subject = fetch_object("subject");
if(subject.value == "")
{
alert("الرجاء إدخال العنوان");
return false;
}
text = fetch_object("text");
if(text.value == "")
{
alert("الرجاء كتابة النص");
return false;
}
return true;
}
function fetch_object(idname)
{
if (document.getElementById)
{
return document.getElementById(idname);
}
else if (document.all)
{
return document.all[idname];
}
else if (document.layers)
{
return document.layers[idname];
}
else
{
return null;
}
}

مشكور
أخ/وهبان الشرجبي

والشكر موصول
عد ما غنى أيوب
وكتب الفضول
للأخ/رشاد الشرعبي..

موضوع يستحق التقدير
لفتات إنسانية كريمة
من الكاتب يسطرفيها
معاناة فنان اليمن الكبير
أيوب طارش عبسي
الذي نتمنى له
الشفاء العاجل..