غالبا ماترتبط ذاكرة اليمنيين بتفاصيل التراث والثقافة ولم يغب المشهد القديم أبدا عن الحاضر بل يحيط به إحاطة السوار بالمعصم
العلاقة الوثقة بين الحضارة والثقافة جعلت من الموروث الحضاري اليمني ثروة لا يستهان بها وكنزا لو وجدت الإرادة الوطنية لصرنا من أكبرالحضارات التي مرت على تاريخ الإنسانية
فرق بين الحضارة والحداثة
الحضارة هي الثقافة بماتحمله من فكر وأدب ودين ووإلخ لكن في الماضي تسمى حضارة وفي الحاضر تسمى حداثة بمعنى أن تطلعاتنا وأدبنا وثقافتنا التي نعيشها الآن هي الحداثة
اليمنيون لهم حضارتهم الأصيلة النابعة من تصوراتهم للإنسان والكون والحياة
بغض النظر عن أحقية هذا التصور أو بطلانه فلسنا هنا في معرض الحديث عن العقائد والإلهيات
لكن ما أود قوله هو أن تاريخ اليمن القديم قبل الإسلام زاخر بأحداث وملاحم وأساطير لا تقل زخما عن تاريخ اليونان أو الفراعنة أو الصين مثلا
ذلك لأن التاريخ نقل لنا أساطير ذي يزن وملاحمه المعروفة
وكذلك ما نقله لنا القرآن الذي لا يحتمل إلا الحقيقة وحدها فيما ذكره
خلاف الشواهد المرئية والآثار التاريخية والقصور وبناء المدن وغيرها
فأين الخلل إذن في تقوقع ملحمة التاريخ اليمنية؟
ولماذا لم نصل إلى العالمية بعد
بينما وصل غيرنا إليها ونحن قد سبقناهم بعشرات الآلاف من السنين
في حضارتنا
الكثير لا ينظر الى التراث والحضارة سوى أنه أدب شعبي ومهاجل صاحبت حياة من عاشوا قبلنا
وهذا في رأيي ناتج عن فقدان النظر لما نملكه من تاريخ يستعصي على النسيان والإهمال الذي كان سببه الأكبر الإهمال الحكومي
وأكبر درجات الإهمال في عهد الأتراك والإماميين الذين لم يجيدوا سوى جباية الأموال والتشبث بكرسي الحكم وممارسة فرض القيود على العقل اليمني مما جعل الحضارة والتاريخ تترسب في قعر بئر الزمن
صحيح أن الأدب الشعبي ناطق لحالة معينة في تاريخ حياة الشعب بكافة فئاته وطبقاته
إلا أنه من المفروض ألا يلهينا ذلك عن الإلتفات للجوانب الأخرى
وبعد
فإن أدبنا الشعبي قد زخر بتصوير نواحي سياسية واقتصادية إجتماعية
عديدة ربما إن أسعفنا الوقت أفردنا ذلك في موضوع مستقل
وماذكرناه في عنوان هذا الموضوع إلا دليلا على نضج التصور الوجداني لدى الإنسان اليمني الذي يربط الحب والعاطفة بتفاصيل معيشته واقتصاده
فهو يشير إلى رفيقة دربه وحياته التي لم تنفصل لحظة عنه
قي تقلي الوزف
قي )في لهجة تعز فعل يدل على زمن المضارع
وهي اختصار
قد
وهي
قد هي تقلي الوزف
والوزف كماهو معروف فإنه لا يقلى وإنما (يدق في الحجارة أو المزحقه كما يسميها البعض )
لكن حبا في تغيير الروتين اليومي الذي ألف عليه اليمني والذي اعتبر الوزف وجبة أساسية وذلك لحرمانه من الأسماك لظروفه المعيشية الصعبة
والدم بكسر الدال هو القط
ومعروف عن القط ولعه الشديد بالوزف
وكما يقول المثل الشعبي (تعدل بالوزف عند الدم)
ينتسف أي أن الدم المذكور ينتسف بمعنى يرتعش رغبة وليس خوفا
عندما اشتم رائحة الوزف المقلي
وهذا يدل على الصعوبة التي كان يعيشها اليمني في مسكنه حيث تعيش في منزله المتواضع الأدمم وحتى الحيوانات الأليفة
الموضوع القادم
(ما عليك الا تلحي)
http://albokary.maktoobblog.com/
مدونتي