نظام ايران يتسم بالمرونة رغم الانتخابات المثيرة للجدل
نشرت بتاريخ - الاربعاء,17 يونيو , 2009 -12:15 46 بيروت (رويترز) - كشفت انتخابات ايران المتنازع عليها خلافات في صفوف نخبة سياسية ودينية تواجه اخطر تحد داخلي منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979 لكن من المرجح أن يخرج منها النظام سالما سواء بوسائل نزيهة أو غير نزيهة.
ويقول اودو شتاينباخ الباحث في شؤون الشرق الاوسط ويتخذ من برلين مقرا له "هذه نقطة حاسمة ستحدد ما اذا كانت ايران تستطيع التحرك قليلا نحو الديمقراطية او ما اذا كانت ستعود بضراوة الى نوع من الدكتاتورية الاسلامية."
وأدت الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الجمعة وشهدت انتخاب محمود احمدي نجاد لولاية ثانية متقدما بفارق كبير على منافسه الاصلاحي مير حسين موسوي الى خروج مظاهرات حاشدة في الشوارع شارك فيها ايرانيون يعتقدون أن السلطات تلاعبت بالنتائج.
ولم يسبق قط أن كان الشقاق داخل النظام الحاكم في خامس اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم علنيا الى هذا الحد. وقال دبلوماسي غربي في طهران "هذه هي المرة الاولى التي يكون فيها (الخلاف) معلنا بهذه الدرجة. قبل ذلك كان هذا يجري خلف الابواب المغلقة."
وتدعم شخصيات تقليدية بالمؤسسة معسكر موسوي مثل الرئيسين السابقين اكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي اللذين يشعران بالقلق بشأن سياسة احمدي نجاد الخارجية المشاكسة والاقتصاد الشعبي الذي يطبقه واللذين يصوغان مستقبل ايران.
ولم يتردد الرئيس في مهاجمتهم بوصفهم رموزا لطبقة فاسدة استثمرت خدمتها السابقة للثورة في كسب الثروة والامتيازات على حساب فقراء ايران المتدينين في الريف والاحياء الفقيرة بالمدينة.
وكان الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي المفترض أنه فوق النزاع السياسي متحيزا لاحمدي نجاد الذي يدعمه ايضا الحرس الثوري وميليشيا الباسيج.
وينسجم خامنئي ايديولوجيا مع عداء الرئيس للولايات المتحدة اكثر من حديث الاصلاحيين عن الديمقراطية والرغبة في تحسين العلاقات مع الغرب حتى اذا دافعوا هم ايضا عن امتلاك ايران برنامجا نوويا تؤكد أنه سلمي.
وستعقد الفوضى الداخلية في ايران اي استجابة لمحاولة الرئيس الامريكي باراك اوباما فتح حوار يهدف الى اقناع الجمهورية الاسلامية بتقديم تنازلات نووية مقابل مكافات دبلوماسية واقتصادية.
وجاء في مذكرة لشركة بي.اف.سي اينيرجي "لن يكون هناك على الارجح رد على انفتاح ادارة اوباما على ايران ليس بسبب اي حماس حقيقي في ايران للتحرك نحو برنامج للتسلح النووي لكن لان الصراع على السلطة بين النخبة السياسية في ايران سيحول دون تفاوض اي احد بجدية مع واشنطن."
ويقول ابراهيم يزدي وهو زعيم حزب معارض محظور في ايران لرويترز ان زوبعة الانتخابات عمقت الانقسامات بين "شخصيات الثورة" وبين الناس والحكومة. وأضاف "هذه هي اكبر أزمة منذ الثورة."
وقال محلل ايراني اخر طلب عدم نشر اسمه ان "معركة مفتوحة" تفجرت بين احمدي نجاد ورفسنجاني قد وحدت معظم شخصيات المؤسسة بما في ذلك خاتمي وعلي لاريجاني رئيس البرلمان ضد الرئيس.
وأشار المحلل الى أن خلافا دب بين خصوم احمدي نجاد في النخبة السياسية بشأن الكثير من القضايا لكنهم جميعا يعتقدون أن سياسته الخارجية فاقمت من عزلة ايران.
وفوض خامنئي الذي ربما فاجأه حجم المعارضة بعد الانتخابات مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا بالاشراف على اعادة فرز جزئي للاصوات لكن من غير المرجح أن يغير هذا النتيجة التي تم اقرارها علنا.
وكتب كليف كوبتشان من مجموعة يوراسيا لاستشارات المخاطر "على الرغم من ضجيج الاحتجاج فان نتائج انتخابات ايران سيتم تأكيدها على الارجح وسيتوحد النظام السياسي في الغالب حول خامنئي."
وقال شتاينباخ الباحث في شؤون الشرق الاوسط انه على غرار خاتمي من قبله خدم موسوي نظام الحكم الاسلامي لفترة طويلة ولن يسمح بأن تصل الاحتجاجات الى مرحلة تجعل النظام مثار تساؤل.
واستطرد قائلا "لكن اذا كان هذا سيتصاعد ويتحول الى أعمال عنف مع خروج الناس الى الشوارع فان النظام سيلاحقهم بوحشية باستخدام كل الوسائل المتاحة لديه."
وألغى موسوي رئيس الوزراء السابق اجتماعا حاشدا اخر كان من المقرر عقده يوم الثلاثاء "حفاظا على ارواح" أنصاره بعد مقتل سبعة في اليوم السابق. وكان انصار احمدي نجاد قد دعوا الى مظاهرة مضادة في نفس الميدان بطهران.
وقارن احمدي نجاد المحتجين بالمشجعين الساخطين لفريق كرة قدم خاسر ونفى حدوث اي تزوير في ما وصفها بأنها انتخابات "نظيفة وصحية."
لكن من المرجح أن تتلوث سمعة ايران بأنها تتمتع بديمقراطية حيوية وان كانت مقيدة بشدة وأن تنفر قطاعات كبيرة من المجتمع نتيجة الاعتقاد بتزوير الانتخابات.
وقال شتاينباخ ان انصار موسوي عبروا عن ما هو اكثر من الاحباط السياسي اذ لا يستطيع الكثير من الشبان العثور على وظائف حتى الحاصلين على مؤهلات جامعية.
وأضاف "انهم يبحثون عن بديل افضل لاحمدي نجاد الذي تلقى عليه اللائمة في اضعاف ايران اقتصاديا واجتماعيا... هناك احباط من الوضع الاقتصادي."
وأشارت مذكرة شركة (بي.اف.سي) اينيرجي الى أن خامنئي أراد أن يخسر موسوي لكنه لا يشعر بارتياح تام لفوز احمدي نجاد بينما كانت الخطوة التي اتخذها بالسماح لمجلس صيانة الدستور بالتحقيق في مزاعم بارتكاب مخالفات في التصويت محاولة لحماية شرعية الدولة.
لكن اذا لم يتم الحد من سلطات احمدي نجاد فقد يواصل تطبيق سياسات التوسع والدعم التي تزيد من التضخم.
وجاء في المذكرة "حين تصبح اخفاقات تلك السياسات الاقتصادية جلية... يرجح أن يشن حملة عنيفة ضد اكثر من كبش فداء.
"لن يستهدف الاصلاحيين فحسب ولا رفسنجاني وحده لكن الطبقات المتوسطة الثرية والحضرية بوجه عام."
من اليستير ليون
