عدد الرسائل : 2794 العمر : 36 الدولة : قلوب الناس تاريخ التسجيل : 08/09/2008
موضوع: القات " .. كارثة اجتماعية بدأت تجد من يواجهها الإثنين 12 يناير 2009 - 17:46
" القات " .. كارثة اجتماعية بدأت تجد من يواجهها
( فجأة شرد تيس الراعي وراح يمضغ نبتة خضراء غريبة ، فكان أن استدل الراعي على الشجرة ، ومضغ بدوره من أوراقها ، وذاق متعة كبرى جعلته يكتب الشعر في مديح هذه النبتة ) . هذه هي الأسطورة التي يتناقلها اليمنيون حول بدايات القات واكتشافه في الأزمنة السحيقة ، لكن هذا " الاكتشاف " الطبيعي وعلى الرغم من بعض فوائده ، يعود بأضرار كبيرة على اليمن وأهله . وهي الأضرار التي حدت ببعض الجمعيات الأهلية ، والمثقفين ، وحتى رجال الدين إلى محاربة هذه الشجرة " الشيطانية " . القات شجرة خضراء فارعة ، يمضغ اليمنيون أوراقها فتمنحهم النشاط ، لكنها تسلبهم في المقابل الكثير من الوقت والمال والصحة . ويرى كُثر أنها تؤثر بسبب انتشارها الواسع في نهضة اليمن وتؤخرها . وإذا كان القات مغرقاُ في القدم بحسب الأسطورة سالفة الذكر ، فإن شهرته خارج اليمن والاهتمام المتزايد بدراسته كظاهرة اجتماعية واقتصادية وثقافية ، يعد حديثاً بعض الشيء . ولعل السبب في ذلك يرجع بحسب بعض الدراسات إلى الزيادة الملحوظة في إنتاجه خلال السنوات الأخيرة . وقد ترافق اتساع انتشارها مع انتشار هجرة اليمنيين إلى السعودية ، وغيرها من دول الخليج .. ففي أوائل السبعينات من القرن الفائت ، هاجر العديد من اليمنيين ومن بينهم المزارعون للعمل في دول الخليج العربي ، ما أدى إلى إهمال الكثير من الأراضي الزراعية ، التي استعيض عنها اقتصادياً بالمدخرات المحولة من العاملين في الخارج إلى ذويهم في المناطق الريفية والحضرية . بدأ مع هذا الرخاء الاقتصادي النسبي يزداد طلب القات ، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره فتحسنت تدريجياً أوضاع المزارعين وارتفعت مستويات معيشتهم ، وتضاعفت بالتالي المساحة الإجمالية للأراضي المزروعة بالقات 13 مرة من 8000 هكتار في عام 1970م إلى 103000 هكتار في عام 2000م ، هذا في الوقت نفسه الذي تضاءلت فيه مساحة الأراضي المزروعة بالبن والعنب ، وهما المحصولان الرئيسيان المنافسان للقات في اليمن . على الرغم من مضار القات الكثيرة ، بالنسبة إلى بعضهم يدافع آخرون عن زراعته ، محتجين بجدواه الاقتصادية فتصل حصته من إجمالي الناتج المحلي إلى نحو 54% من مساهمة البترول كمعدل وسطي . ويبلغ متوسط إسهام القات في إجمالي الناتج المحلي لقطاعي التجارة والنقل بين 8.5% و5.7% وإلى ذلك تخطى إسهام القات المباشر وغير المباشر في إجمالي الناتج المحلي نسبة 10% . وفي مجال العمالة أسهم القات في إيجاد العديد من فرص العمل فبلغت نسبة العاملين في إنتاج القات حوالي 25% من إجمالي العاملين في القطاع الزراعي ، كما بلغت نسبة إسهامه في زيادة نسبة العاملين في قطاعي التجارة والنقل حوالي 7% من إجمالي عدد العاملين فيهما . وبصورة إجمالية فقد بلغ إسهام القات في العمالة حوالي 14% من العاملين في الاقتصاد الوطني البالغ عددهم في 1999م حوالي 3.6 مليون نسمة . على الرغم من هذه المنافع الاقتصادية إلا أن القات يشكل خطراً كبيراً على أحد أهم موارد اليمن الاقتصادية ، وهو المياه الجوفية المهددة بالجفاف ، بسبب الزيادة غير المسبوقة في مساحات إنتاج القات ، ونتيجة حفر الآبار بطريقة غير منظمة أو مخطط لها ، ولاستهلاك زراعة القات كميات كبرى من المياه أصلاً . وهذا الجفاف يهدد أكثر ما يهدد العاصمة صنعاء خلال السنوات القريبة المقبلة ، وتطاول آثار زراعة القات السلبية التصدير الزراعي ، فتحد زراعته من التوسع في إنتاج محاصيل أخرى ، مثل البن والخضار والفاكهة ، كما يؤثر الإنفاق المتزايد على القات ، ومستلزمات التخزين في التنمية الاقتصادية في اليمن فتقدر الدراسات الميدانية الوقت المفقود في التخزين بجهد أكثر من 25% من إجمالي عدد العاملين في عام 1999م . وإذا كان استخدام القات يؤدي إلى الإحساس بنشاط مباشر ، فقد أثبتت الدراسات أيضاً أن القات يسبب ارتفاعاً مؤقتاً في ضغط الدم ، ويربط بعض الدراسات الأخرى بين النوبات القلبية والتخزين ، كما يمكن أن يعرض القات مستهلكيه للطفيليات ، مثل الأميبا والإسكارس وغيرهما ، نظراً إلى أنه يمضغ طازجاً ، وغالباً ما لا يغسل قبل مضغه ، كما أنه يعد ناقلاً لأمراض الدسنتاريا والتيفوئيد ، كما توصل بعض الأبحاث إلى استهلاك كميات كبرى من القات قد يؤدي إلى تليف الكبد ، إذا ما كان مصحوباً بسوء التغذية ، يضاف إلى ذلك أن لجوء مزارعي القات إلى استخدام المبيدات لمقاومة الآفات ، وتحسين نوعيته أدى إلى الإضرار بكثير من المخزنين . وفي تظاهرة هي الأولى من نوعها نظمت جمعية مواجهة أضرار القات في مدينة تعز الملتقى الأول لخطباء المساجد ، إدراكاً لدورهم في التوعية بأضرار القات ، وحضر الملتقى 43 خطيباً ، اتفقوا على ضرورة توعية الناس بمقاطعة القات ومواجهة أضراره ، كما حرمه بعضهم صراحة . واحتج أحد أعضاء مجلس النواب وأحد الخطباء العصريين اليمنيين " شوقي القاضي " في تحريمه للقات بأن كل مُسكر حرام ، كما التبذير والإلهاء عن الفريضة وتعثر النشء وتدني مستوى التربية ، وعلاقة القات بالرشوة ، والتسيب الإداري والفساد . داعماً ذلك كله بآيات وأحاديث شريفة تسوغ حرمة تعاطي القات . وقد حذا حذوه أحد مشايخ السلفية " عقيل المقطري " مستعيناً كذلك بدراسة أميركية تثبت أن القات نوع من أنواع المخدرات . ويعد تحريم القات خطوة رائدة في اليمن حيث لم يكن هناك من يجرؤ على ذلك ، إذ كان يعد على نطاق واسع من التقاليد والممارسات اليمنية التي لا يشذ عنها أحد . بدأت حملة مواجهة القات تنشط في الآونة الأخيرة ، لاسيما بعد أن تبناها سياسي مثقف كان وزيراً للتربية والتعليم وسفيراً في دول عدة . ثم أنشأ مؤسسة ثقافية كرست حيزاً كبيراً من نشاطها لمواجهة أضرار القات . في البداية نظر إليه الناس كمجنون ، واليوم بدأت معنويات أعداء القات ترتفع وباتوا يشكلون حزباً يضم كل فاعليات المجتمع ، من تجار وصحافيين وسياسيين وجامعيين ، وبدأت إنجازات هذه الأنشطة تظهر على السطح ، حيث بدأ بعض مالكي مزارع القات يقصدون فروع الجمعية طالبين منها مساعدتهم في اقتلاع حقول القات الخاصة بهم . وعلى الرغم من أن القات هو أكثر المحاصيل الزراعية ربحية على الإطلاق ، حيث قدرت الدراسات الميدانية التي أجري بعضها في هذا المشروع إجمالي عائد الهكتار الواحد من القات بحوالي 2.5 مليون ريال في عام 2001م بينما قدرت عائد الهكتار من المحاصيل الأخرى بحوالي 547 ألف ريال كمعدل وسطي ، إلا أن شاباً يدعى " فؤاد علي هزبر" كان يمتلك حقلاً من أشجار القات ويجني منها الكثير ، طلب مساعدة الجمعية للتخلص منها ، وبالفعل تحركت الجمعية وصحيفة " الراصد " التي كرسها صاحبها الصحافي الساخر عبد الودود المطري للحرب على القات ومراسل " الجزيرة " واقتلعوا أغصانها وهم يهللون بأكبر إنجاز حصلوا عليه بعد عناء طويل . ولم يكن هزبر آخر من يقتلع أشجار القات ، وإن كان أولهم ، فقد قرر أحد مالكي حقول القات في مديرية جبل حبشي في تعز ، وهي قرية يعيش سكانها على تحويلات مغتربيها في السعودية وعلى حقول القات ويدعى " أحمد محمد البركاني " على اقتلاع أشجار القات من حقله . وعلى الرغم من أن هاتين الحالتين لا تعبران بالضرورة عن وعي عام بخطورة القات ، غير أنهما تؤشران على الأقل إلى متغير مهم في الوعي اليمني المعاصر ، ربما يجد ببعض الجهد والمثابرة ، وعياً أوسع ، خصوصاً إذا دعمت جهود محاربة القات بحلول اقتصادية وزراعية بديلة تجعل إقناع الناس بالتخلص من هذه العادة أمراً أيسر بكثير .
تحقيق : مجلة زهرة الخليج العدد - 1300
afef
عدد الرسائل : 1850 العمر : 48 الدولة : qatar تاريخ التسجيل : 22/11/2008
موضوع: رد: القات " .. كارثة اجتماعية بدأت تجد من يواجهها الإثنين 12 يناير 2009 - 20:15
يسلموووووووووووووو
عبد الغني النويهي
عدد الرسائل : 2794 العمر : 36 الدولة : قلوب الناس تاريخ التسجيل : 08/09/2008
موضوع: رد: القات " .. كارثة اجتماعية بدأت تجد من يواجهها الثلاثاء 13 يناير 2009 - 23:16