الاعتداءات
التخريبية مسلسل لا ينتهي
كتب: فضل
النويهي
من
المحزن والمضحك في آن واحد ما يحدث من مسلسل الاعتداءات الإجرامية ضد شبكة
الكهرباء في مارب .. وما يدعوني للضحك هنا ليس تشفيًا في نفسي أولاً ولا تشفيًا في
الشعب اليمني ولكن من باب (شر البلية ما يضحك).
انعدام
الشعور بالمسؤولية وتدني مستوى الولاء الوطني عند من يخلون بالأمن والاستقرار
ويقلقون السكينة العامة هو سبب كل ما نمر به وما عاناه ويعانيه الوطن من الويلات
والأزمات التي أضرت بالمصلحة العامة، وأرهقت الوطن، وأثقلت كاهل المواطن، وأعاقت
عجلة التنمية والبناء، وأهدرت مليارات الريالات بالرغم من أن الشعب في أمس الحاجة
لها. فلقد بلغت خسائر مؤسسة الكهرباء اليمنية جراء الاعتداءات على خطوط نقل الطاقة
الكهربائية 33 مليار ريال (الدولار الأمريكي 215 دولار أميركي) حسبما ذكرت وزارة
الكهرباء والطاقة في اليمن مؤخرًا.
فهؤلاء
الذين يعبثون بممتلكاتنا ويعبثون بمقدراتنا وجعلوا من أنفسهم جلادين وزبانية
يسوؤون الشعب بأسوأ طرق التعذيب ويضيِّقون عليه الخناق مرة إثر مرة من خلال قيامهم
بالاعتداءات التخريبية على شبكة الكهرباء أو على أنابيب النفط والغاز .. أي فكر
يحملون؟.. وأي مبادئي يتحلون بها ؟ .. وأي عُرف أو تقاليد تربوا عليها .. وأي
انتماء يشعرون به ؟
إن من
يقومون بهذه الأعمال التي يندى لها الجبين ويقطر من ألمها الفؤاد دمًا، لا يحملون
بين ثناياهم ذرة ولاء لوطنهم .. فلقد باعوا ضمائرهم بثمن بخس، وأهدروا إنسانيتهم
ووطنيتهم وانتمائهم برنين النقود.
فمن
ينتمي لهذا الوطن الغالي ويعد نفسه أنه يمني لا أظنه سيفكر حتى مجرد التفكير
الإساءة إلى وطنه .. ولماذا هذه الإساءة للوطن أصلاً .. الأدهى من ذلك عندما تجد
أن سبب هذه الإساءة هو لا شيء .. وإنما هي فقط مجرد إغاظة أو (قرصة وذن) لمسؤول ما
أو جهة ما أو حزب ما .. وهذه هي الكارثة بعينها عندما يتم اختزال وطن وشعب في شخص
أو حزب أو جهة أو فئة .. ونرى ضعاف النفوس ومشوشي الفكر من يقومون بتلك الأعمال
الصبيانية البلهاء نراهم يختزلون كل الشعب من أقصاه إلى أدناه في شخص أو فئة أو
جهة أراد من خلال الاعتداء على شبكة الكهرباء أو أنبوب النفط أو الغاز توجيه رسالة
إليه أو إليها .. لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فبأي عقول يفكر هؤلاء .. وكأنهم
لا يدرك أن المتضرر الأول والأخير من تلك الأعمال الدنيئة هو الوطن، وأن من يدفع
ثمن هذه العبثية وهذه التصرفات اللامسؤولة هو الشعب المغلوب على أمره، وليس كما
يظن أولئك أو كما يريدوننا أن نظن بأن المقصود من تلك الأعمال هو شخص بذاته أو جهة
بعينها أو حزب أو فئة.
لقد
أعماهم جهلهم أو تجاهلهم حتى ظنوا بأن كل من حولهم جاهلين مثلهم وإلا ما المسوغ أو
ما الذي يجعلهم يسيئون للشعب برمته ويهدرون إمكانياته ويتسببون في إيقاف عجلة
تنميته لمجرد أنهم يريدون أن يبعثون برسالة أو تهديد للمسؤول الفلاني أو الجهة
الفلانية ..
ألاَ
يعي هؤلاء أنهم يقترفون جرم شنيع في حق وطنهم، ألاّ يعي هؤلاء أنهم يمتهنون
إنسانيتهم ويسيئون إلى هذا الوطن الذي أكلوا من خيراته وترعرعوا تحت سمائه ونشأوا
فوق ترابه وتفيئوا خمائله، حتى ما أن قوي عودهم، تنكروا له، وأداروا له ظهورهم،
وأضمروا له شرًا، وتحينوا الفرص متى ما سنحت لهم طعنوه في مقتل وعاثوا فيه فسادا
مستغلين انشغال حراسه الأمناء والغيورين من أبنائه - الذين يعتزون بانتمائهم إليه -
في ترتيب وضعهم لمعاودة النهوض مرة أخرى..
ألا
يعي هؤلاء أنهم يعقون أمهم اليمن، وأنهم - ويا للأسف - يسيئون للوطن .. نعم إنهم
يسيئون لهذا الوطن الذي لم يسيء إلى أحد منَّا.
كفاكم
يا من تعبثون بمقدرات الوطن .. كفاكم يا من تعتدون على مصالح الوطن ومنشآته ..
كفاكم
يامن تهدرون طاقته بعبثيتكم ومراهقاتكم السياسية والقبلية والطائفية والمذهبية .. كفاكم
فقد أثخنتم الجراح ..
كفاكم
فقد أدميتم القلوب، وانتهكتم الحرمات، وأجرمتم في حق الوطن والشعب.
عن أي
مظالم يتحدث هؤلاء الذين يعتدون على مصالحنا ومقدراتنا وممتلكاتنا .. عن أي مطالب
يتحدث هؤلاء الذين يحرموننا من مقومات حياتنا .. فإذا كانوا قد اعتدوا على شبكات
الكهرباء وأنابيب النفط بمجرد أن لهم أو لأحدهم مظلمة أو مطلب لم يستجاب له .. فماذا
يحق لنا أن نفعل به إذا ما أردنا أن نقتص منه بأيدينا دون اللجوء إلى جهات
الاختصاص وحسب الدستور والقانون كونه اعتداء علينا وحرمنا من أبسط مقومات الحياة ..
فإذا فكرنا بنفس فكره وقمنا بأخذ حقنا منه بأيدينا كما فعل هو وأقتص لنفسه بيده من
خلال تفجير شبكات الكهرباء وأنابيب النفط .. لسنا في غابة ليأكل منا الكبير الصغير
ويسلب حقه ويظلمه ويحتقره. لقد كرم الله سبحانه وتعالى وجعلنا بشر .. يجب أن يعي
هؤلاء أن مقدرات الوطن وبنيته التحية ليست كلعبة بيد طفل متى ما أراد أن يغيظ
والديه أو يجبرهم على الاستجابة لمطالبه يقوم بتكسير لعبته، فيساروعن لتلبية رغبته
وإشباع نهمه.
يجب
أن تعوا أيها العابثون بأن مقدراتنا ليست لعبة بأيديكم تسدرون بها الأموال كما
أعتدتم في العهد السابق أن تحكم الدولة القبيلي وتهجره بالأثوار .. لقد أرسيت
مداميك دولة مدنية يسودها القانون والدستور .. وسوف تلاقون جزاؤكم العادل عاجلا أو
آجلاً وإن غدًا لنظاره قريب.