- حصلت هذه القصة بالفعل في حي الفليحي أحد أحياء صنعاء القديمة فقد ذهب أحد الأمراء من بيت الإمام لكي يسقى حصانه من أحد أحواض الماء الخاصة بالماشية وقد شاهد فتاة إحدى الفتيات وقد جاءت لكي تملأ صفيحة الماء ونزل من على حصانه وبدأ بكل وقاحة يغازلها ولأنه من بيت الإمام فلا يستطيع أحد أن ينهاه ولكن الفتاة هددته قائلة: أنا من أشرف النساء وأخوتي من أشجع الرجال ولو شاهدوك وأنت تعترض طريقي لقتلوك. مما أضحك الأمير وركب فوق حصانه وتتبعها إلى وصلت إلى بيتها وظل ينظر إلى نوافذ بيتها ويقف وقفة المنتظر لموعد منها ولكنه سرعان ما غادر مما جعلها تحس بالاطمئنان خوفا على سمعتها وخوفا من أخوتها الثلاثة الذين كانوا يعملون بالنجارة وعندما عادوا إلى الغداء أخفت عنهم الخبر خوفا من أن يتهوروا ويعملوا أي شيء قد يسبب لهم الكثير من المشاكل ولكن بعد العصر وعندما كانت تنظف نافذة المفرج (أو المنظر وهو مكان استقبال الضيوف) ورأت الأمير واقف ينظر إلى النافذة بكل وقاحة وعند عودة أخوتها في المساء شرحت لهم ما تعرضت له من مضايقات من الأمير الذي أخبرها باسمه فثارت ثائرتهم وكادوا أن يخرجوا بأسلحتهم في تلك اللحظة ليقتلوا الأمير إلا أن أخاهم الكبير قال: أرى أن نقوم بحفر حفرة عميقة في مدخل منزلنا من الداخل ونضع عليها غطاء من الحصير المقوى وعندما يأتي الأمير الفاسق لمغازلتك تدعيه إلى البيت وقولي له بأنه لا يوجد أحد في البيت ولن نذهب إلى السوق إلا بعد الانتقام من هذا الفاجر وعندما يسقط في الحفرة سنهيل عليه التراب وندفنه تحت أقدامنا..
- وبالفعل دفن الأمير تحت أقدام الإخوة الشرفاء وانتشرت الإشاعة في طول وعرض صنعاء أن الأمير فلان فقد في صنعاء في اليوم الفلاني ولم يعرف أحد مصيره وكلف القاضي الآنسي عامل صنعاء رجاله بالبحث والتدقيق إلى أن جاءته المعلومات أنه في نهار اليوم الذي فقد فيه الأمير توجه إلى حارة الفليحي وذهب القاضي الآنسي لأداء صلاة المغرب في جامع الفليحي وعندما فرغ من الصلاة دعا سادن الجامع إلى جواره وهمس في إذنه بعد أن أغادر سوف يسألك الناس ما قال لك عامل صنعاء؟ قل لهم : قال لي غدا أن أذهب إلى دار الحكومة ليصرف لي مبلغ من المال.. ومن لم يصدق كلامك وكرر عليك السؤال أكتب اسمه وأخبرني وسوف أصرف لك المكافأة .. وبعد مغادرة القاضي الآنسي انهالت الأسئلة على سادن الجامع وكان يخبرهم ويقتنعوا إلا الثلاثة الإخوة لم يقتنعوا إلا بعد أن أقسم لهم اليمين فكتب أسماءهم وذهب إلى عامل صنعاء وسلمه الأسماء وأخذ مكافأته..
- وفي الليل هجم القاضي الآنسي على بيت الأخوة الثلاثة ودخل البيت لوحدة وقال لهم : أقسم لكم بالله إذا قلتم لي الحقيقة لا ينالكم سوء. فقال الأخ الكبير : هل يرضيك لو جاء هذا الأمير المشهور بفسقه وجرائمه البشعة إلى باب بيتك ليغتصب ابنتك؟ قال القاضي: لا والله لا يرضيني ولا يرضي أحد من المسلمين. قال الأخ الكبير: تعال إلى الحفرة التي دفناه فيها لترى كيف جاء بقارورة خمر وسلاحه ونقوده ليغري أختنا الشريفة الطاهرة وهددها إذا لم توافق أنه سيختطفها ويغتصبها كما فعل بفتيات كثر وقد سمعنا بعد دفنه قصص عنه تشيب لها الرؤوس .. وعندما أخرجوه من حفرته ورأى القاضي الآنسي قارورة الخمر والسلاح والنقود قال لهم: أعيدوا عدو الله إلى حفرته وأقسم لكم بالله أن لن أبلغ ما عملتم يا أشرف الرجال .. وبقى الأمير مفقودا منذ ذلك اليوم.