اليمن ينتحب صوتك يحمي اليمن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الصُّلْحُ خَيْرٌ والمؤمنون إخوة, وصلح أعوج افضل من شريعة سابره, بهذه الضجة الاعلامية والسياسية والدينية بتسال الجميع من يهدد اليمن؟ هل هناك عدوان خارجي او انقلاب؟ لماذا كل هذا الاستنفار والتخوين والتهديد؟ من ينتخب ويساير هو العاقل والمؤمن والوطني ومن يقاطع خسر الدنيا والاخرة, ويخون دماء الشهداء. ففي هذه المرحلة قضايا الناس ودماء الشهداء والاستقرار ليست أولوية, والمطلوب من اليمنيين ان يتركوا الماء والديزل والشمع ويبحثون عن كهرباء لمتابعة الدعاية الانتخابية, فالأولوية الاهم الان هي الصندوق. يرد على هذا التساؤل سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر بإن ما يجري هو تداول سلمي للسلطة داخل صفوف المؤتمر بين الرئيس ونائبه, فجميع صيغ المبادرة الخليجية الثلاث تمت داخل مبنى الرئاسة وليست مفروضة من خارجه.
ان ما يحدث اليوم في اليمن يشتم منه رائحة جيفة نتنة فرقت الجماعة وفضت الاعتصامات وزرعت الشك والقلق حتى اعلن المشاركين في ندوة "الثورة اليمنية.. الخلفية التاريخية، والخصوصية والآفاق"، التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات, بان الثورة اليمنية رغم مطالبها العريضة وتضحياتها الجسيمة، أجهضت بالكامل أو أصابها الجمود. فقد عزت الدكتورة هدى علوي رئيسة مركز المرأة للتدريب والتاهيل بجامعة عدن, إيقاف الثورة إلى أن الكثيرين اقتنعوا بأن المبادرة الخليجية تمثل أفضل الحلول الممكنة، وكان لزاما تجنّب التصعيد الثوري وإيقاف الحراك عند هذا المستوى. ورأت الدكتورة أن التدخل الخارجي حطّم حلم الشعب اليمني وصدم الساحة الثقافية, مضيفة بأن اليمن بانتظار أحداث مقلقة، بعد اعتماد ما سمتها الصفقات والمساومات التي مكّنت المجرمين بحق الشعب من الإفلات من العقاب. أما النقيب السابق للصحفيين اليمنيين عبد الباري طاهر فقال إن اليمن في وضع خطر وأمام منعطفات شديدة التعقيد، في ظل تفاهم القوى السياسية التقليدية على المبادرة الخليجية، التي تحرص على عدم انتصار الثورة, وطبقا لذلك فإن متاعب الثورة اليمنية تتعزز، لكون القوى الغربية تتعاطى مع الوضع اليمني من منظور الدول الخليجية، التي صادرت أهداف الثورة بانتخابات رئاسية شكلية "تغيب صالح وتبقي الصالحية." ولأن اليمنيين لم يضحوا بدمائهم "مقابل انتخابات هزلية لا تغني شيئا"، فإن البلد سيسقط في فوضى سياسية عارمة بعد اغتيال طموحات شعبه من قبل أطراف داخلية وإقليمية.
من كل ذلك نخلص الى ان حزب الاصلاح الحليف الاستراتيجي السابق لنظام صالح والحليف التوافقي الحالي لنظام صالح نجح نجاحا كبيرا في استعادة ثقة حلفائه السابقين بالقليل من التضحيات غير المهمة من بعض الشباب المتحمس والطموح, واعاد نقل المعركة مرة اخرى باتجاه الحوثيين وابناء الجنوب. وكان الزمن يعيد نفسه, بكل هذه الفتاوى السياسية والدينية التخوينية والتجريمية ضد من يخالفهم, وسياتي يوم ينكرون فيه صدورها عنهم.
ان الانتخابات عملية سياسية ديمقراطية يكشف فيها كل طرف اوراقه ويحدد خياراته ويدعو انصاره الى ما يراه مناسبا له دون تخوين للاخر, فحرية كل طرف تنتهي عندما تمس حرية الطرف الاخر. لكننا نشاهد عملا اخر غير ما نعرفه فالحكومة باحزابها التوافقية وكل امكانياتها المادية والاعلامية والدينية والقبلية لا تدعو المواطنين الى المشاركة في الانتخابات فحسب بل والتصويت للمرشح التوافقي, وهي بذلك غير محايدة تستخدم المال العام في العمل السياسي, وتمارس الكذب والنفاق السياسي لحشد المواطنين واستخدامهم في اغراض سياسية غير ما تصرح به.
لقد اوضحت لنا هذه الفترة القصيرة بشكل عملي معنى المفاهيم السياسية التي تروج لها هذه الاحزاب التوافقية عن المستقبل المدني لليمن, فالديمقراطية تعني الانصياع لمخططات الاحزاب ومن يخالف تسحب منه صفة الوطنية ويوضع في خانة الخونة واعداء الوطن. الشفافية تعني الكذب والنفاق فلكي تحقق هدفا سياسيا غير مقبول شعبيا عليك ان تكذب كذبة بيضاء مغطاة بفتوى سياسية ومال قذر لتدفع الجماهير الى تاييده دون ان يشعروا بذلك. الدولة المدنية هي التي تعتمد التجييش القبلي والمذهبي والامني واستخدام السلاح في حسم الخلافات وتطويع الجماهير والمناطق واستخدام المال العام والاعلام الرسمي لاغراض سياسية. كما فضحت دجل الاحزاب السياسية المتسترة بالدين, والتي استطاعت تطويع الدين لخدمة الاغراض السياسية, وترويض اعضائها وانصارها المنقادين بشكل اعمى خلف تفسيراتها المغلفة خوفا من مخالفة رب العالمين.
في الاخير نسال الجميع من يهدد السلم الاهلي ويلوح بالحرب الاهلية؟ هل هم الشباب او المعارضة او غيرهم؟ هل ستكون المشاركة الشعبية اخر مطالبهم ام انهم سيعودون لاستخدام الحرب الاهلية والسلم الاهلي حتى يكرهوا الشعب على الانصياع لطموحاتهم طالما والسلاح مازال في ايديهم؟ وهل سيتم نشر محاضر نتائج الانتخاب اولا باول ومباشرة من المراكز الانتخابية قبل انتقالها عبر النت الى المكتب الفني للاتصالات ومن ثم معدلة الى اللجنة العليا للانتخابات؟
د. محمد البنا