حكومة وفاق وطني أم حكومة اتفاق سياسي
الجميع يعلم ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي والامني في بلادنا متدهور الى درجة خطيرة, وجاء تشكيل حكومة الوفاق الوطني لانقاذ البلاد واصلاح الاوضاع ووقف التدهور قدر المستطاع. غير ان السياسيين اليمنيين وعلى عكس نظرائهم في البلاد الاخرى, يضعون المكاسب السياسية البحتة في المرتبة الاولى لاهتماماتهم في كل مناحي الحياة.
ان توصيف حكومة باسندوه على انها حكومة الوفاق المتلازم مع الوطنية, يجعل منها نظريا حكومة فعالة ومنتجة, لان الوفاق يقترب في معناه من التكامل والانسجام مضافا اليه الوطنية التي توجه القدرات والامكانات في خدمة الوطن والمواطن, وتذوب فيها الخلافات ويتفتت مفهوم لعبة السياسة القذرة. لكننا في اليمن فهمنا الوفاق على انه الاتفاق السياسي المنحصر في اعطاء المعارضة نصف وزراء الحكومة فقط. في المقابل تم تلغيم كل طرق الحكومة ووضع العراقيل امامها لدفعها نحو الفشل والتحريض ضدها, بدلا من التنافس الشريف لاظهار الافضل للوطن من كل طرف.
بالعودة الى بدايات هذه الحكومة وحتى قبل تشكيلها اعلن صالح توجيهاته بصرف رواتب 60000 شاب ممن تم تعيينهم اثناء ثورة الشباب في الوقت الذي تم فيه افرغ خزينة الدولة, ودعا الكحلاني مؤخرا الحكومة الى تقديم الموازنة العامة للدولة حتى يتم اعتماد ميزانية المجلس التي قدرت بخمسة مليارات و 905 ملايين ريال، اضافة الى خمسة مليارات أخرى لاستكمال بناء مقر البرلمان. كما استمر اعلام المؤتمر وتوابعه في توجيه الاتهامات والشائعات وقلب الحقائق حول عمل وزراء المعارضه, ووصل الامر الى استخدام قيادات مؤتمرية لاسلوب الشوارع داخل البرلمان. بالمقابل توجه وزراء من الطرفين الى انجاز اعمالهم دون الالتفات الى الالاعيب الصبيانية لمن يعتبرون انفسهم من المقربين لصالح, واتجه اخرون الى انتظار نتيجة المفاجئات التي اعدوها للحكومة وبشرونا بها مسبقا.
في الواقع تعتبر مشكلة تسليم محافظة ابين لتنظيم تم اعداده في الاجهزة الامنية, من اخطر المشاكل خاصة بعد تكرار السيناريو والتلويح به لتاجيل الانتخابات الرئاسية, في حين تكتفي المؤسستان العسكرية والامنية اللتان يقودهما صالح وعائلته بالوقوف الى جانب تسليم المدن الواحدة تلو الاخرى عبر سحب قواتهم الى داخل العاصمة. وتقف حكومة الوفاق عاجزة عن فعل شيئ بسبب عدم سيطرتها على القوات الخاصة والحرس ومكافحة الارهاب, مع ذلك يقول وزير الدفاع "ان المؤسسة الدفاعية والأمنية تمثل الضمانة الرئيسية لاستعادة الأمن والاستقرار والسكينة العامة والسلم الاجتماعي وهي ركيزة أساسية تقوم عليها جهود حكومة الوفاق الوطني في التنفيذ الناجح لبرنامجها وأهدافها الوطنية". في حين يقول نائب وزير الاعلام عبده الجندى في مؤتمره الصحفى يوم الاربعاء: "إن اليمن يحميها القانون والدستور وليس الافراد", لكنه في رده على سؤال وكالة أنباء الشرق الأوسط حول الموقف فى "رداع"، يقول "إن قوات الامن تنتظر الأمر بالضرب لكن صالح قال لابد من الحفاظ على حياة المدنيين والسكان العزل", في اشارة الى ان صالح هو الدستور والقانون. اضافة الى ذلك يتحدث الاعلام التابع للمؤتمر عن مخطط لتفجير القصر الجمهوري بصنعاء. فهل حقا هذا هو الوفاق الوطني, وهذه هي الوطنية؟
د. محمد البنا
