لماذا تعز؟

لماذا تعز؟
تعز اصل الثورة في اليمن ووقودها منذ الازل. تعز انتفاضة الشعب اليمني وشعلة التغيير في كل الازمنة. تعز عاصمة العلم والثقافة والابداع والسلام في اليمن.
تعز التضحيات لاتنتظر مقابل وتحتمل نكران الجميل. تعز حقل التجارب للمحافظين والقادة عسكريين وامنيين ومدنيين, يتدربون فيها على اذلال المواطن والقتل والتطفيش. تعز مشاريع الاستخدام لمرة واحدة. تعز جباية المال العام والخاص والرشاوى. تعز بدون ماء وبدون درجات وظيفية وبدون مشاريع تنموية وغير ممثلة في سلطات الدولة بنسبة عدد سكانها, ولا بعلمائها ومثقفيها وسياسييها وخيراتها.
مسيرة الحياة ابداع ثوري جديد لابناء تعز لم يسبقهم فيه احد في التاريخ البشري, هزت مضاجع طغاة اليمن القتلة وازلامهم المرتزقة. واسقطتهم اخلاقيا وسياسيا وعسكريا دون طلقة رصاص واقل عدد من الضحايا.
تساؤلات بريئة:
للعسكريين الحقيقيين: ماقولكم عندما تواجه الالة العسكرية والامنية مواطنين لا يحملون السلاح الناري ولا حتى السلاح الابيض؟ بماذا يستطيع القاتل تبرير جريمته؟
لقبائل اليمن: ماذا يقول العرف القبلي في قتل الاعزل وعابر الطريق والمرأة؟ وهل يحق للقبائل التي ينتمي اليها القتلة ان ترفع راسها بعد ان سكتت عن افعالهم ولم تدنها او تستنكرها ولم تبرء نفسها من تلك الافعال الاجرامية المخالفة للشرع والقانون والعرف؟
لمدعيي العلم بدين الله: ماهو راي الشريعة الاسلامية في قتل النفس المحرمة واين هم مما حدث ويحدث؟ هل هم متخصصين بالافتاء لمن يدفع مقدما ويغدق عليهم بالعطايا؟ وهل ميز رب العالمين دم الحاكم عن دم المحكوم حتى تسكتوا عن دماء الضحايا من ابناء الشعب اليمني؟
للسياسيين والثوريين: كيف يمكن للثورة الشبابية والدولة المدنية المنشوذة والشعب اليمني الابي ان يعيدوا لتعز وابنائها حقوقهم ومكانتهم في العلم والثقافة والسياسة ومواقع اتخاذ القرار؟
اثبتت تعز وابنائها انهم ينبوع لا ينضب من العلم والثقافة والابداع والتضحيات في جميع مجالات الحياة, وواجهوا كل انواع الحروب النفسية التي تشوههم وتنسب اليهم كل السيئات. ففي الجنوب هناك طرف يعتبر قيادة ابناء تعز لثورة 14 اكتوبر خطيئة, وينسب لهم كل مشاكل الجنوب الدموية حتى بعد ان عزلوهم من كل المواقع العسكرية والامنية والسياسية. هناك طرف في الجنوب يشكي من حرب 1994م ويتحفظ عن ذكر نظام صالح الذي اشعل تلك الحرب, ويقدم الاعذار لابناء الجنوب ممن قادوا تلك الحرب, لكنهم لا يخجلون في ان يشتموا تعز وابنائها وينسبوا لهم حرب 1994م ويتهمونهم بكل مآسي تلك الحرب المشؤومة. واجه ابناء تعز كل الحروب الاقتصادية والمعيشية في حرمانهم من الدرجات الوظيفية العامة بالقبول باي عمل شريف في البناء والبيع والمطاعم وغيرها رغم حصولهم على اعلى الشهادات, لذا تجدهم في كل بقاع اليمن وخارجها خلوقين مسالمين مبدعين وشغوفين بالعلم والتعلم ويحصلون على اعلى التقديرات لكنهم عند التعيين يستبعدون من الوظائف. في هذا الجانب يقول احد اصدقائي المحترمين من ابناء ابين, بان احد ابناء تعز كان زميل دراسة له في جامعة صنعاء, ويعمل في مخبازة, تخرج بالمرتبة الاولى رغم ظروفه, في حين عاش صديقي وضعا افضل في منزل والده وتوفرت له كل الامكانيات دون ان يستطيع تجاوز الخباز من ابناء تعز, غير انه تعين معيدا في الجامعة في حين اشتغل ابن تعز في فرزة باصات الاجرة بصنعاء. كذلك الحال في الاول على دفعته في كلية الحقوق جامعة عدن عندما عمل في بيع الاحذية تحت مسجد النور الى ان توظف بعد خمس سنين. الادهى من ذلك في مجلس جامعة عدن وعند مناقشة أي موضوع يتعلق باي من ابناء تعز فاننا نجدهم يسقطون الى الحضيض مستخدمين الفاظا سوقية للتعبير عن مستواهم مثل (هذا من اصحاب خينة دقوه).
لقد اخترع ابناء تعز مسيرة الحياة التي اعتبرها أستاذ العلوم بجامعة صنعاء الدكتور عادل الشرجبي في تصريح لصحيفة "أخبار اليوم" أنها فاجئت نظام صالح وبعثت الروح في الثورة، وأكدت أن قطار الثورة لا يزال ماشياً في المسار الثوري, وهي دليل على عزم وإصرار ثوار الساحات والشباب التي اربكت نظام صالح الغريق المفكك الصفوف, فلم يعرف كيف يتصرف مع هذا الابتكار الثوري. من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي نصر طه مصطفى في حوار مع (سما الإخبارية) أن تعز عندما تنزع الشرعية عن حاكم ما فيجب أن يبدأ الجميع في العد التنازلي لحكمه. مضيفا: هذا ما فهمه صالح وما فهمناه جميعا لذلك فقد رمى بأكثر المسئولين حقدا وإجراما ليذيقوا تعز الثورة والمدنية والحضارة والثقافة صنوف العذاب والتنكيل. وتابع نصر طه يحاول هذا النظام المتهالك أن يثبت أنه لازال قويا بضرب المواطنين الأبرياء في تعز وفي غير تعز... لكن تعز بالنسبة له ذات رمزية شديدة فكيف يحق لها أن تشعل الثورة ضده وتقودها وتنهي شرعية حكمه...
فهل آن الاوان للاعتذار من تعز ورد الاعتبار لابنائها الشرفاء؟
د. محمد البنآ