جدتي تحت الحصار..
-----------بكيبورد/ جلال الدوسري..3/12/2011م.
والدة والدتي؛ جدتي التي أجد غلاها يجري مجرى الدم في شراييني وأوردتي,جاوز عمرها السبعين عام,قدر الله لها أن تعيش ماتبقى من عمرها مع الأمراض والألام,إلى درجة أن تمسي وتصبح وهي لاتنام,فبالإضافة إلى فقدانها التركيز في السمع والرؤية والكلام(نتيجة ضمور في المخ),فقد أصيب قدمها بكسر لأحد العظام,مما أفقدها نهائيآ القدرة على الرقود والجلوس والقيام..
(قدر الله وماشاء فعل ولا إعتراض مهما حصل)..
في مطلع الأسبوع الماضي لوحظ وجود إنتفاخ بما يشبه الورم في بطنها,فكان لزامآ أن يتم نقلها إلى أحد المشافي أو المستوصفات الخاصة من أجل المعاينة وإجراء الفحوصات اللازمة لمعالجتها,وتتطلب ذلك أن تنقل مسيرمايقارب الساعتين بالسيارةمن القرية إلى المدينة تعز في صباح يوم الأربعاء 30/11/2011م,أي في يوم إجازة بمناسبة ذكرى الإستقلال,مما أضطر ناقليها من أبنائها وبناتها ومنهم والدتي أن يقرروا الإنتظار حتى اليوم التالي ومكثوا جميعآ عند أحد الأقارب في حارة الدحي وما أدراك ما وقع ويقع على حارة الدحي,كما وقع ويقع في كل حارة وكل حي,من عدوان سافر غاشم تقوم به عصابة إجرامية أقل ماتوصف به أنها لاتخاف الله ولاتستحي..
ومع هذا القرار بضرورة الإنتظار حتى يكون في الغد نهار ,شاءت الأقدار أن تقع جدتي ومن معها تحت الحصار الذي يفرضه بقايا نظام الثعلب المكار,علي عفاش وعصابته الأشرار,من الصوفي إلى قيران إلى العوبلي إلى ضبعان إلى كل مطبل وزمار..حيث أنه مع غروب شمس يوم الأربعاء أشتد العدوان,وارتفعت وتيرة وكثافة إطلاق النيران من مكان ومكان ومكان إلى كل مكان وأي مكان,دون أية مراعاة أوحسبان,لما قد يسببه هذا الفعل الجبان من الرعب والفزع للسكان,ناهيك عن مايحدثه من خسران يصل إلى حد تدمير واسع للبنيان وإزهاق لأرواح الكثير من بني الإنسان..
ومع الإستمرار في عملية إطلاق النار ليل نهار,رزحت جدتي ومن معها تحت الحصار,وليس لهم سوى والتهليل والتسبيح والإستغفار,مكبكبين مابين جلوس وقيام,حتى وصل الأمر بهم أن عزموا على أن يكون الصيام بعد أن أوشك أن ينفد ماكان مخزن من شراب وطعام..
ظلت جدتي في هذا الوضع لأربعة أيام بالتمام,حتى بعث الله برجل شهم همام,غامر وتمكن من بلوغ المرام,عابرآ بسيارته فوق وبين الركام,وتحت نيران قذائف بني الحرام..ليخرج جدتي ومن معها ويوصلهم عائدين إلى القرية بسلام..
أحمد الله أن جدتي من العدوان والحصار نجت,لكنها للأسف عادت من حيث ذهبت وبالوضع والحالة الصحية التي من أجلها ذهبت..
في الختام:
لم يكن ليحزنني لوأن جدتي المقعدة المتعبة أستشهدت فسأحسبها شهيدة إلى الفردوس أرتقت؛ولكن ماكان سيحزنني أن أسمع الطغاة البغاة القتلة الفجرة وهم يقولون أن ما من قصف ولا ضرب يتم إلا من وعلى مايسمونهم بالميليشيات المسلحة,وأن يقولوا أن جدتي-حفظها الله-عندما قتلت كانت تحمل السلاح وتقاتل في صفوف المتمردين(لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)..
والأن؛ ترى كم هناك من جدات مازلن تحت الحصار؟؟؟؟