خطاب القرآن لقاتل النفس المحرمة
يامرنا ربنا في كتابه الكريم الاية 33 من سورة الاسراء بعدم قتل النفس المحرمة بقوله تعالى "وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ", وجعلت الاية 151 من سورة الانعام, قتل النفس من المحرمات "قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ". كما جعلتها الاية 74 من سورة الكهف, من المنكرات بقوله تعالى "فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً", وجعلتها الاية 68 من سورة الفرقان, اثم بقوله تعالى "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً". بالمقابل اعتبرت الاية 28 من سورة المائدة امتناع المؤمن عن قتل النفس المحرمة حتى وان سعت هي الى قتله, قوة في الايمان بتفضيل الخوف من الله على الخوف من القاتل, بقوله تعالى "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ". كما تامرنا الاية 190 من سورة البقرة بعدم الاعتداء بقوله تعالى "لاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ", ويوضح تفسير الميسر معنى الاية بالقول (لا ترتكبوا المناهي من المُثْلة، والغُلول، وقَتْلِ من لا يحل قتله من النساء والصبيان والشيوخ، ومن في حكمهم. إن الله لا يحب الذين يجاوزون حدوده, فيستحلون ما حرَّم الله ورسوله), حيث اعتبر الاعتداء على الغير تجاوزا لحدود الله وتحليل للمحرمات, مدخلا قتل النساء والاطفال والشيوخ في حكم الاعتداء.
ان الاية 32 من سورة المائدة تجعل من قاتل النفس بغير نفس او الفساد في الارض, مثل قتل جميع الناس, ويفصل القرأن الكريم بين ثلاث حالات للقتل هي القتل الخطأ, القتل العمد, القتل تنفيذا لأوامر الرؤساء, وعلى النحو التالي:
1- القتل الخطأ: تخرج الاية 92 من سورة النساء القتل الخطأ من حكم الاعتداء وتحكم فيه بقوله تعالى "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً".
2- القتل العمد: عندما يوجه القاتل سلاحه او قذائفه مباشرة نحو اخوانه المؤمنين او الى مساكنهم او اماكن تواجدهم في الاسواق والشوارع والاحياء السكنية, فانه بهذا الفعل يكون ملعونا ومغضوبا عليه من رب العالمين ومخلدا في نار جهنم وله عذابا عظيما بقوله تعالى في الاية 93 من سورة النساء "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً".
3- هناك نوعا ثالث من القتلة ينفذ اوامر القتل بتعليمات من رؤسائه معتقدا بانه معفي من جرم القتل العمد للنفس المحرمة, غير ان الاية 32 من سورة سبأ تضعهم في خانة المجرمين ويحذرهم العلي القدير ممن اعطوهم الاوامر وبانهم سيتخلون عنهم يوم الحساب بل وسيشهدون عليهم بانهم بالاصل مجرمين, بقوله تعالى "قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ", وتضع الاية 66 من سورة التوبة المجرمين في خانة الكافرين بالقول "لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ", وتحبط الاية 69 من سورة التوبة اعمال رؤسائهم بالقول "كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ".