هل أنت مشتاق ؟ + إشكالية الحشد والاختزال + ابن "سلفاكير " يعلن إسلامه + شباب بأجساد نصف عارية‎

هل أنت مشتاق ؟

د.إبتسام بوقري

إذا كنت باكستاني وإسمك (مشتاق) فليس هذا ماأسألك عنه .. بل عن مشاعر
الشوق في قلبك لمن طال غيابه وكثر أحبابه وليس شوقاً إلى طعامه وشرابه حين تفطر بل
إلى روحانيته وصوم نهاره وقيام ليله .. هل قلت في نفسك : (إني لأجد ريح رمضان) كما
قال الصحابي رضي الله عنه : إني لأجد ريح الجنة . هل دعوت بشوق: ( اللهم بلغني
رمضان ) فكم من اللذين رحلوا قبله ولم يبلغوه ، وهناك فرق كبير .. فقد جاء
صحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه رآى صاحبيه برؤيا في الجنة
أحدهما مات شهيداً لكنه تعجب أن الآخر الذي توفي بشكل عادي في درجة أعلى منه !!
فسأله عليه الصلاة والسلام : هل عاش بعده ؟؟ قال : نعم .. وهل صام رمضان ؟؟ قال :
نعم .. فأجابه النبي الحبيب أنه بهذا رفعت درجته عن صاحبه الشهيد ! يآآآآلله كم هو
عظيم هذا الشهر الكريم .. فضله سبحانه على سائر الشهور وخصه بالبركة والرحمة وجعله
عطية ربانية لعباده المسلمين وفرصة ذهبية لينالوا فيه أعظم الأجور.. ترى هل أنت
حقاً مشتاق ؟ ومادليل شوقك ؟ هل أستعديت لإستقباله من شعبان أم أنك ستنتظر حتى
يطرق بابك فتفتح له دون أن تستعد .. ولن تستطيع حينها أن تقدم مايليق به من حسن
الضيافة .. فإن مضى رجب فلا يفوتك شعبان فهو كما قال الداعية د.علي أبو الحسن :
" شهر بناء الذات النبيلة التي تستحق عيش التجربة الرمضانية " .. فمن
فاته شعبان فلا يأمل برمضان كما يحب إلا برحمة وفضل من الله .. وكان شهر رجب لوضع
البذور وشعبان للزراعة ورمضان للحصاد وقد أستفدت كثيراً من ورشة عمل الإستعداد
لرمضان التي حضرتها معه ومما ذكره ضمنها برنامج شعبان .. بأن تسأل نفسك عدة أسئلة
وتضع الإجابة لها في آخر الشهر : ماأرجى عمل عملته في شعبان؟ ماهي مركزية شعبان
بالنسبة لك ؟ ماهي علامة أنك تغيرت في شعبان؟ كيف ستكون بيئتك في شعبان؟ مالذي
سيقويك في شعبان؟ ماهو رابطك الوجداني في شعبان ؟ أرجو أن لاتستهين بالإجابة على
هذه الأسئلة فشعبان هو رمضان مصغر.. وعلى قدر إهتمامك به سيكون شوقك لرمضان،وإن
وجدت رائحة زكية تشبه المسك تحيط بك فلا تتعجب إنها ريح رمضان العطرة قد وصلتك .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام في شعبان وحين سئل عن ذلك
قال صلى الله عليه وسلم : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر
ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " فالصيام من
وسائل الإستعداد ، وشغل الوقت بالطاعات بقدر الإمكان وعمل الخيرات وبسط اليد
بالصدقات ، والبعد عن المعاصي والسيئات وحفظ الجوارح عن المحرمات فمن لم يفعل ذلك
في شعبان سيصعب عليه الأمرفي رمضان .. ولابد من محاسبة النفس وإعطاء الناس حقوقهم.
وكما قال د. أبو الحسن:" تصفير العداد لتكبير الإعداد" لإعلان الجاهزية
القصوى لرمضان .


وبإمكانك تحديد المرتبة التي تريدها لنفسك كما صنفها الله في ثلاث أنواع
: " فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " فأي نوع أنت
وهل تستطيع الإرتفاع بمرتبتك ؟ لتكون سابق بالخيرات بإذن الله.


بدأ العد التنازلي قبل بدء شهر البركات فهيا لنلحق بالسباق لنكون من
الفائزين .

نعاني كثيراً في حواراتنا الفكرية من إشكالية تسيطر على بعض المتحاورين
حينما يلحِّـون في حواراتهم للتأكيد على نتيجة قرروها سابقاً ، فتجد أحدهم يدخل
إلى ساحة الحوار ليؤكد رؤيته السابقة من خلال حشد الأدلة التي تؤيد ما قرره وذهب
إليه فيسوق لك الشاهد بعد الآخر ويعدد لك عشرات الشواهد والأدلة المنتقاة
والمتحيزة مع لي أعناق بعضها لتؤيد ما ذهب إليه ثم يختزل النتيجة لتأكيد ما سبق أن
قرره .

وظاهر أمره أنه بحث واستعرض المشكلة من جميع جوانبها حتى وصل إلى النتيجة
بينما حقيقة أمره أنه سبق أن اختزل رؤيته
وأصدر حكمه لكنه من باب الحيلة الذهنية-اللاشعورية أحياناً- يحشد الشواهد
التي يعمل على انتقاءها لتؤيد فكرته واختزاله السابق للقضية التي يطرحها.


ولولا خشيتي أن أقع في مصيدة الحشد والاختزال لسقت لكم الشواهد الكثيرة
من مشهدنا الثقافي الذي نراه كل يوم من كلا الطرفين والذين يعلو صوتهما ويرتفع إلى
درجة تحجب عنا الأصوات المعتدلة والمتزنة ، وقد حاولت التقاط صورة من هذا في مقال
سابق بعنوان المشهد الثقافي.


وهذا أسلوب الضعفاء لأنه يحسنه كل أحد، أما فحول الفكر وأصيلي الرأي فلن
تجد هذا من شأنهم وإذا نظرت فيما يكتبه أمثال هؤلاء الرواد مثل ابن تيمية والذهبي
وابن خلدون والشاطبي حينما يطرحون رؤاهم وأفكارهم فإنك ستجدهم يستعرضون جميع
الآراء حتى التي تخالف ما ذهبوا إليه ثم يناقشونها ويردون عليها بحسب ما وصلوا
إليه.


وستجد آخرين غير هؤلاء من أئمة الفكر ورواد العلم وإنما اقتصرت عليهم
لشهرتهم ومعرفة أكثر الناس لهم ومن المعاصرين أيضاً أدباء ومفكرون وعلماء ربانيون
تجد لديهم تحرراً من إشكالية الحشد والاختزال ، بل وستعجب إذا سمعت أحد هؤلاء
الكبار يقول لا أدري فيما ترى صغاراً لا يتوانون عن القطع في كل مسألة تثار ولو
كانت غير ذات فائدة !.


ومن الإنصاف للنفس أن يعتني الإنسان بفكرته ويكرر النظر فيها مرة بعد
أخرى ويضع نفسه مكان خصمه في عملية تبادل للأدوار وحين يفعل ذلك فإنه سينصف نفسه
قبل أن ينصف خصمه وسيتخفف من عناء كيل التهم للآخرين والخوض في أعراضهم ونواياهم ،
وقديماً قيل من ساواك بنفسه فقد أنصفك.وفي مأثور الحكم عامل الناس كما تحب أن
يعاملوك .


وأعظم من ذلك كله أمر الله عزوجل لعباده: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ
تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) [النساء : 135].

وليس
فيما سبق دعوة للرضا بكل ما يثار أو السكوت عن خطل الرأي وداعية السوء لكنه تذكير
لمن كتب وحاور وأبدى رأياً أن يزنه بميزان الحق والعدل قبل أن يعلنه وينقده قبل أن
ينشره ، وإذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده.