رسالة "مريم" إلى ســورية ..

رسالة "مريم" إلى ســورية ..
أيتها الشقيقات :

من الأرض التي صنعت الإنتصار في تموز قبل خمسة
أعوام، جئناكن اليوم وفي تموز بالذات، لنحيّي سورية
التي أسهمت في هذا الإنتصار الذي أعز العرب،
فكانت كما قبله في انتصار تحرير العام 2000، الداعم،
وكانت المؤازر، وكانت الحاضن، بعدما كانت الموحّد
للـ10452 كلم2 أرضاً وشعباً، في أقسى طعنة وجهت
لمؤامرة التقسيم والتفتيت والتهجير التي ضربت لبنان...

جئناكن اليوم، لنعلن وقوفنا إلى جانبكن في صمودكن
بوجه المؤامرة نفسها، لتشحن بها عن وجه سورية
الحبيبة، ولتبعدن عن بلاد الشام اللون الأسود وثياب
الحداد، ولتثبتن للأقربين والأبعدين أن عاصمة الأمويين
عصية على كل المقاولين الدوليين وعلى صفقاتهم
التي يبرمونها على دماء أبنائها ومستقبل أجيالها
وسيادة أرضها...

أيتها الشقيقات :

إننا ومن قلب أعتصرته تجربة المرارة والألم، ومن ثقة
بأن للمرأة الكلمة الكلمة، إن قالتها تردد صداها وأخترقت
حتى الأذن الصماء... فكيف بكلمة المرأة السورية التي
كانت أول من تبؤأت مراكز قيادية في مواقع السلطة
في العالم العربي، في حين تجهد سواها اليوم لتنتزع
مطلباً بقيادة سيارة حتى من المنزل إلى أقرب دكان...

إننا ندرك أن الدور المطلوب منكن كبير وكبير جداً،
فأنتن الوحيدات القادرات على نهي المضللين عن التمادي
في لعبة تهورهم... أفهموهم: أن الشهادة لا تليق إلاّ
بساحات الشرف في مواجهة العدو الإسرائيلي.

أفهموهم: أن كل نقطة دم تراق خارج تلك الساحات
حرام وحرام... وحرام أن يسمحوا لمتعطشي دماء الأبرار
بأن يدمروا حجراً واحداً مما أنجزته سورية خلال عقود..
وحرام حرام أن يفسحوا في المجال أمام العابثين
أن ينخروا مسيرة الإصلاح تحت خبايا المؤامرة المغلف
بشعار الإصلاح...

أفهموهم: أن كل نقطة دم تراق، وكل شهيد يسقط
خيانة وطنية كبرى، وخدمة مجانية لعدو ما زال يحتل
أرضنا ويتربص بنا ويحوك المؤامرات ضدنا، ويتأهب
للإنقضاض على مقدساتنا وتدمير حضارتنا...

أخبروهم أن من يصدّر لنا الشعارات هم سماسرة وتجار
دماء ومصدّرو فتنٍ وناهبو ثروات، وأنهم أبعد الناس عن
الروح السلمية، والممارسة الديمقراطية وأحترام
حقوق الإنسان...

أخبروهم أن ركائز العدالة الدولية المزعومة لا تعمل
اليوم إلاّ بمكاييل شهود الزور...

وقولوا لهم: ارفضوا أن تتحولوا وقوداً يطهي الخارج عليه
مآدبه، فيشبع هو ويرميكم كتلة نار تحرق أجسادكم
وأرزاقكم، وتمحو ماضيكم ، وتلتهم حاضركم وتقضي
على أحلام مستقبلكم...

أخبروهم: أن الشعب وحده مصدر السلطات،
لا الكاميرات الخفية ولا الشاشات المستأجرة
والأقلام المشتراة ولا حفنة الدولارات، وأن الشرعية
تستمد من قوة الداخل ولا تستجدى من منابر
الخارج... وأوضحوا لهم أن الفارق شاسع بين الثورة
لأجل الإصلاح وبين التخريب والفتنة... فثوار سوريا كانوا
على مر التاريخ القادة الأحرار لا المنقادين، وكانوا
أصحاب الجباه العالية لا من الملثمين...كانوا من
التوحيديين لا من الذين يفرقون بين دين ودين...

أيتها الشقيقات :

لا يعتقدن أحد أننا جئنا نعطيكن في الوطنية دروساً،
أو في البطولات أمثولة، وبلادكن هي من أنتشلتنا
من أتون الإقتتال ذات يوم، وأسهمت في لم شملنا
وتثبيت استقرارنا، بل جئنا نعلن وقوفنا معكن ومع
سورية بشعبها وجيشها وقيادتها جنباً إلى جنب،
في وجه ما يستهدفها من الأعداء، وممن وضعوا أنفسهم
في خانة الأعداء...

أيها الشقيقات :
لقد انزلقنا ذات يوم إلى عملية تدمير ذاتي، فحولتنا
المؤامرة أرامل وثكالى وأمهات شهداء ومفقودين
ومعوقين... فلا ترتكبن الخطيئة القاتلة إياها ضد ذاتكن
وشعبكن ووطنكن...

دوركن كبير وكبير جداً فرجاء لا تسخفن الدور...

وعهد ووعد منا أن نبقى إلى جانب سورية، فمصيرنا
واحد، وأستقرارنا واحد، وأنتصارنا واحد، ووعدنا دائماً
بإذن الله كما وعد مقاومتنا التي صنعت نصر تموز،
صادق صادق...