تشير التصريحات الرسمية الى أن القمم الخليجية التي تعقد من حين الي اخر، ستشهد إقرار الاتحاد النقدي، تمهيداً لإطلاق العملة الخليجية الموحدة العام المقبل، فضلاً عن البحث في مسألة ربط العملة الخليجية بالدولار.
من المشكوك فيه ان تكون شعوب دول الخليج تنتظر العملة الموحدة، وربطها بالدولار أو اليورو، ولن نقول إن هذه القضية هي آخر هموم الناس، لكنها ليست أولوية لديهم. فشعوب الخليج تدرك منذ البداية أن أهم أهداف مجلس التعاون هو الأمن، لكنه فرّط به، ولم يفعل شيئاً في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي انشغل بها عن أمنه، ولم يقدم على خطوة ذات قيمة لحماية دوله من الحروب التي دارت رحاها في المنطقة ولا تزال. وفي كل قمة نسمع أنها تعقد في ظروف اقليمية ودولية بالغة الخطورة والدقة والتعقيد، فنتهيأ لقرارات حاسمة وجوهرية وملزمة. وقبل أن تلتئم القمة تتسابق وسائل إعلام البلد المضيف الى خلع وصف مبهر عليها من نوع «قمة الإنجازات»، حتى استحقت قمم الخليج لقب «كامل الأوصاف». وحين يتلى البيان الختامي لا نسمع إلا عبارات «ودرس المجلس»، و «بحث المجلس»، و «نظر المجلس»، و «تطلع المجلس»، و «استنكر المجلس»، ولكن لا قرار يصدر ويستفيد منه المواطن، وإن صدر فسرعان ما تتقاذفه البيروقراطية، والحساسيات الصامتة بين الدول.
منذ تأسيسه ظل مجلس التعاون يناقش القضايا ذاتها بلا نتيجة، الى أن جاءت دورته الثانية والعشرون في مسقط، والتي شهدت الإعلان عن الموافقة على إنضمام اليمن الى المجلس بناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لكن بعضهم في المجلس سمح لليمن بدخول مؤسسات فيه، واشترط تأهيله إلى الحد الأدنى من مستوى التنمية السائد في دول المجلس قبل قبول عضويته الكاملة. وخلال السنوات الأخيرة اكتشفنا ان التقرير الذي سيرفع الى القادة لانضمام اليمن كعضو فاعل ضاع في زحمة البيروقراطية، وأن قضية التأهيل مجرد اعتذار مهذب، وعلى طريقة «يصير خير».
الأكيد ان اليمن لن يصل الى مستوى التنمية السائدة في دول المجلس و «يتأهل»، قبل ان يحصل على عضوية كاملة في مجلس التعاون، وإذا كنا في السابق تعاملنا مع انضمامه بترف التحليل، فإن وضع اليمن لم يعد يحتمل، ولا بد من قرار شجاع بحسم هذه القضية قبل أن يفتك الفقر بجارنا العزيز.