كان شارل ديجول من أعظم زعماء فرنسا في العصر الحديث ويحظى باحترام شعبها نظرا للدور الذي قام به لتحريرها من النازية ولكن عندما هب الشباب إلى الشوارع متظاهرين ضد حكمه قال بكل كرامة وعزة أن الأوان لديجول آن يتقاعد وذهب إلى قرية خارج باريس دون ملاحقة أو محاكمة.
وحتى اليوم يرفع الكثير من الفرنسيين قبعاتهم احتراما له كلما ذكر اسمه فقد فضل ترك الكرسي ليسمح لجيل شاب آن يدير فرنسا نحو المستقبل وفقا لتطلعات جديدة دون آن يدعي خوفه على وحدتها أو مكانتها بين الأمم.
وفي أمريكا فوجئ الرئيس نيكسون بتسرب فضيحة واترجيت فكان عليه ترك منصبه والتنازل عن السلطة لنائبه دون أية اعتراضات أو تهديد لان الإرادة الشعبية هي الأقوى وعاش بعد ذلك كمواطن عادي ولكن محترم من قبل الناس فقد أخطاء ولكنه لم يقرر آن يتمادى في الخطاء.
حسني قال انه لن يترك كرسي الرئاسة إلا مع نهاية فترة رئاسته ورفض تفويض صلاحياته للنائب الذي اختاره بنفسه وكلف محازبيه بطرد المعتصمين والمتظاهرين من الميادين وحتى إخفائهم وقتلهم معتقدا انه اقوي من مصر وشعبها وجيشها.
ولان إرادة الله هي الغالبة وإرادة الشعوب من إرادة الله إذا كانت على الحق فقد عزلته القيادة الوطنية لجيش مصر لا جيش مبارك وببيان مقتضب غادر الكرسي مرغما على طائرة إلى شرم الشيخ دون أية مظاهر احترام لرجل كان يوصف بأنه بطل حرب أكتوبر وقائد النهضة المصرية والرجل الذي لم تلد مثله امرأة.
وهنا اتضح آن حسني لم يتعلم من ديجول ولذا لن يجد مصريا محترما لديه الاستعداد لرفع قبعاته احتراما له وبمجرد آن وصل إلى شرم الشيخ سارع لمفاجأة المصرين بخطاب يهدد فيه ويلوح وكأنه يعتقد إن ذاكرة الناس ضعيفة أو انه فوق الشبهات والفضائح.
وعلى حين غرة له ولزوجته ولأبنائه قفزت الفضائح الواحدة تلو الأخرى لهم ليفاجأ انه لم يتعلم من نيكسون الذي غادر الكرسي مع أول فضيحة واعتذر لشعبه وقبل تحمل تبعات الفضيحة.
حسني يبدو انه لم يدرس التاريخ جيدا فكتب التاريخ تقول آن يوم مولده كان نفس يوم ميلاد سجن طره الذي أصبح يظم بين جنباته وزراءه وأولاده وزوجته وفي انتظاره غرفة ضيقة بداخله بعد آن تمتع لسنين طويلة بسعة القصور ورفاهيتها في طول مصر وعرضها وخارجها أيضا
نظامه الساقط في فخ الخيانة حاصر شعب مصر قبل آن يحاصر أهلنا في غزة فكان اسؤ حاكم لمصر على مدار التاريخ في هذا البلد الذي كان لاعبا رئيسيا في كل قضايا العالم من قديم الزمن وحوله إلى مجرد بلد تنتهي فضائته ببحرين ويابسة.
مصر الصدر الرحب والبلد الذي اتسع للقادمين من كل الدنيا من ما قبل هجرة نبي الله إبراهيم إليه جعله فساد حسني أضيق من خرم الإبرة فإذ بالملايين من أبناء شعبه يطرقون كل أبواب الدنيا بحثا عن حياة ولقمة عيش كريمة في الوقت الذي كان ينهب هو وحاشيته معظم ثروات هذا البلد الغني بخيرات الله.
واليوم ضاقت الدنيا على حسني ولم يعد هناك أحدا لديه الرغبة في استقباله أو حتى محادثته بالهاتف بعد آن كان لا يستقر في مصر إلا لأيام ليعاود السفر من بلد لأخر حتى أصبح مصدر إزعاج لحكام العالم بسبب هذه الزيارات التي لم تكن ذات أهمية لبلدانهم وحتى لمصر نفسها.
طوال فترة حكمه قهر وابكي شعب مصر الطيب بسياساته الاقتصادية الفاشلة وقرارات التجويع وقانون الطوارئ وفساد وظلم رجال الإدارة والأمن واليوم يبكي بعد آن ارتد عليه فساده وفساد أقربائه وحاشيته وهو الذي لم يتوقع آن يتحول إلى شخص مجرم يحقق معه وفي انتظاره حبل المشنقة وشظف العيش الذي أذاقه لغالبية المصريين من يوم توليه السلطة.
وفي الأخير يطرق حسني برأسه إلى الأرض والدموع تتدفق من عينيه يبكي على ضعفه وهوانه على الناس ولسان حاله يخاطب من تبقى من طواغيت العرب وعلى رأسهم على عبد الله صالح بان يتعظوا فالكرسي دوار وتلك الأيام يداولها الله بين الناس.