الله يرحمك يا شارون
كانت مطاردات عنيفة ودامية التي دأبت عليها قوات النظام ضد شباب الثورة المعتصمين في شارع جمال خلال الأيام الماضية.. استخدمت فيها مختلف أنواع القمع من الرش بالماء المخلوط بمواد كيميائية ذات رائحة متعفنة، وصولاً إلى قنابل الغاز وحتى الأسلحة الخفيفة والثقيلة "مضادات 12/7"، وأثناء هذه المواجهة غير المتكافئة بين الشباب الأعزل والعسكر المدججون بأسلحتهم ركض بعض الشباب للاختباء في الحارات الخلفية والأزقة القريبة من شارع جمال وخلفهم العسكر والرصاص الذي لا يرحمُ أحداً.. مما حدا ببعض الشباب للصُّراخ أثناء المُطاردة: الله يرحمك يا شارون.
وهيَ اللوحة التي عبَّر عنها رسام الكاريكاتور كمال شرف بهذه اللوحة التي لخَّصت المشهد الحقيقي في لوحة فنية معبِّرة.
حتى السلفيين لم يسلموا
أحد مشاهد هذه المُطاردات الطريفة والعنيفة في ذات الوقت كان في لجوء بعض الشباب المعتصمين إلى أحد المساجد الذي يقع تحت سيطرة إحدى الجماعات السلفية، حيثُ دخلوا إليه هروباً من العَسكر، ووجدوا هناك مجموعة من الطلبة السلفيين وهم يقرؤون القرآن، الأمر الذي حدا بهم لأخذ المصاحف والجلوس لقراءة القرآن كنوع من التمويه كي لا تتم ملاحقتهم من قبل العَسكر، لكن الأخيرين اقتحموا الجامع ووجدوا الشباب وهُم على هذا النحو مع الطلبة السلفيين، الأمر الذي جعلهم ينطلقون إليهم في سيل من السباب البذيء.. وبطبيعة الحال فقد تم ضربهم ضرباً مُبرحاً في باحة المسجد ولم يسلم من الضرب السلفيين الذين ظن العسكر أنهم منخرطون في الثورة!
تحيّةٌ ونعي!
بينما كُنا نحن نستمع في مقر الصحيفة "القريبة جداً من ساحة المواجهات" إلى أصوات إطلاق النار في الهواء من مضادات الطائرات والرصاص الحي وقنابل الغاز مباشرةً على المواطنين.. وبينما كان "البعض" يتهموا هؤلاء الشباب من المنصة بأنهم "مندسين" وبأنَّهم لا يمثلون الثورة.. كان هؤلاء يواجهون بالشجاعة التي نعجز عنها نحن.. وبالنذالة التي يتقنها "البعض" و(شُجعان الزحمة وقطاف الثمرات) آلة الموت والنار!!!!!
ما كان يحدُث على بُعد أمتارٍ قليلة منا كان أبعد من قدرتنا على المُكابرة.. وأكثرُ بكثير من أن ألا نخجَل..
قُبلةُ ودٍ وإقرار وإكبار لكل قلبٍ في هؤلاء الشباب، لكل عقل، لكل يد.. لكل رأس.. فهم رجالُ الثورة، ورجالُ الميدان الذين نزايدُ عليهم وبهِم دائماً.
تحيةٌ إليهم وننعي كل متاجرٍ بهم إلى الآدميَّة.
من قال أن ساحة الحريَّة في "عصيفِرَة" فقط؟!
تعِز كلُّها ساحةٌ للحريَّة
أثناء المواجهات الضارية بين قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي من جهة وشباب الثورة العُزَّل من جهة أخرى في الثلث الأول من شهر أبريل (3-12) أبريل والتي راح ضحيَّتها ما بين 20 – 30 شهيداً بحسب إحصائيات غير مؤكدة، حكى أحد الشباب المُشاركين في الاحتجاجات التي امتدت حتى أمام مدرسة الشعب ووصل بعضها إلى محافظة تعز وراح فيها عشرات الضحايا بين شهيد وجريح أنَّ مجموعة من الشباب المنتمين لأحد الأحزاب حاولوا تثبيط الشباب الصامِد في شارع الحروي (بين جولة الإخوة وحوض الأشراف)، والذين قضى كثيرٌ من أصدقائهم وأحبائهم بسبب تلك المجازر الدامية، طالبين منهم العودة إلى ساحة الحريَّة، ليصرخ أحد الشباب قائلاً: (من قال أن ساحة الحريَّة في عُصيفرة فقط؟ تعِز كلُّها صارت ساحة للحريَّة).
هذا التعبير البليغ عما يعتمل في عقول شباب الثورة غير المؤطرين بحسابات السياسة وتوجيهات القيادات والذين خرجوا للشوارع من أجل ثورة حقيقية وبنَّاءة هي ما تُلخِّص ما يحدُث في الأيام الأخيرة حيثُ أغلق شباب الثورة عدداً من المباني الحكومية وقطعوا شارع جمال عبد الناصر الشريان الحيوي لمدينة تعِز في تصعيد لحالة العصيان المدني رُغم ما راح فيها من ضحايا حتى غدت تعز كما يقولون "ساحة للحريَّة"..!
