طلعت سامحني لم أكن أعلم؟"حديث المدينة العدد 91"
في مؤخرة المسيرة التي انطلقت من جامعة تعز بإتجاه ساحة الحرية صباح الثلاثاء الماضي الموافق 19/4/2011، كنت أنا والصديق كمال شعلان والفنان أيوب طارش عبسي فقط الراكبين على متن سيارة شعلان ، ايوب طبعاً كان حاضراً بصوته الذي كان يصدح (وهبناك الدم الغالي.. وهل يغلى عليك دمُ).
الكل يمشي على الأقدام عدا الشهيد طلعت عبدالله الذي كان على متن سيارته " الدينا" ونحن فقط كنا في السيارة الوحيدة أمامه ( انا وشعلان وأيوب طارش) وكان قد التحق بنا في بئر باشا.
المسيرة تسير راجله وسط الشارع الوحيد في المدينة (جمال) و يتزايد أعداد الشباب في المسيرة الكل ينظم إليها ، ووحدنا رافقنا المسيرة أو كنا في مؤخرة المسيرة على مقاعد السيارة ترافقنا السيارة "الدينا".
بعد جولة المرور ببضعة أمتار سمعنا صوت إطلاق نار كان الإطلاق في البداية في الهواء حينها ارتفعت أصوات طالبات الجامعة توازي أزيز الرصاص، وهن يصدحن " ارحل ارحل" دقائق ويمر طقمان عسكريان الأول من الأمن المركزي والآخر من الأمن العام ومعهما الغنيمة التي خرجوا من أجلها وهي سيارة الشيخ محمد عبدالرحمن صبر.
أحد أفراد جنود طقم الأمن العام والذي يحمل الرقم"8544" صوب بندقيته الكلاشنكوف باتجاه مؤخرة المسيرة وأطلق النار وفمه مملُؤاًً بضحكات عالية ( انظر صورة الجندي وهو يطلق النار أعلاه) قلت لكمال الرصاص "فشنج" ــ رصاص صوتيه ــ وعللت له بالقول بدليل برود أعصاب الجندي الذي أطلق النار " لأنه لا يوجد رجل يقتل وهو يضحك
لم أكمل الجملة .. حتى ارتطمت السيارة التي خلفنا "الدينا" (سيارة الشهيد طلعت) بمؤخرة سيارة كمال ، خرج كمال من بابه يتفقد الضرر الذي لحق بسيارته وخرجت أنا من الباب الأخر ملوحاً بيدي باتجاه سائق الدينا "أطالبه بالتركيز" ومثلي فعل شعلان لكن حينها كان السائق منحني على مقود ـ دركسون ـ السيارة وينزف دماً على إثر رصاصتين أصابتا كبده، كنا لا نعلم أنه قد أستشهد وأن ارتطام سيارته بسيارتنا كانت لفقدان السيطرة قبل أن تنبهني إحدى الطالبات أن الرصاص قد سكن في جسد "طلعت" الطاهر، ندمت وصديقي وما زلنا الى الآن وسيرافقنا الندم دوماً وذلك لرفع أصواتنا بوجه السائق ـ الشهيد ـ طلعت الذي كان ينتظر أن نغيثه ونسعفه الى أقرب مشفى وهذه المهمة أنتصر بها سائق الدرجة النارية ذلك الشاب الأسمر الذي كان معد نفسه لمهمة إسعاف الجرحى في حالة حدوث أي طاري حيث قام بإسعاف " طلعت " الي مستشفى الحكمة الخاص لكن الموت كان ينتظره هناك حيث فارق الحياة قبل وصوله الي المستشفى.
سامحني أيها الشهيد قسماً لم أكن أعلم بأن بندقية ذاك الجندي القبيح قد أصابت جسدك.