ولهذه القصيدة موقف رائع ووقفة حانية من وقفات الأب والداعية والأخ الكبير سيد قطب لجميع من حوله سيد قطب رحمه الله, ففي أحد أيام سجنه وقبل إعدامه, وقد مر به أحد السجانين من أمام باقي الزنازين فإذا بأحد الإخوة المسجونين يمد يده بحرارة لتحية الأستاذ سيد معرضاً نفسه لما لا يعلمه إلا الله من ألوان التعذيب والابتلاء من جراء هذا التصرف, فتأثر الشيخ عليه رحمة الله بنبل تصرف الأخ ومدى حرارة التحية فأخرج رحمه الله هذه القصيدة الرائعة (أخي أنت حر), والتي تشير بحنان عن مدى مكنونات الأستاذ سيد وأحاسيسه وحبه لإخوانه رحمه الله والتي تعبر أيضاً عن مدى شموخ وسمو الروح على ما لاقته من ابتلاء وآلام, رحم الله جند الإسلام في كل زمان ومكان وأعزهم وأعز بهم دينه
القصيدة
"أخي أنت حر"
أخـي أنت حــرٌ وراء الســـــدود
أخــي أنت حـــرٌ بتلك القيــــــــود
إذا كـنـت بالله مستعـصـــمــــــــاً
فمــــاذا يَضيرك كيـد العبيــــــــــد
أخــــي ستبيدُ جيوشُ الظـــــــلام
ويُشــــرِقُ في الكونِ فجرٌ جديــد
فــأطلقْ لروحِــكَ إشراقـَهـــــــــا
تـرى الفـجرَ يرمُـقـُنا من بعـيــــد
أخــــي قد أصابك سهـمٌ ذليــــــل
وغـــدراً رمـاك ذراعٌ كـليـــــــــل
ستُبترُ يــومـاً فصـبـرٌ جـميـــــــل
ولم يَـدْمَ بعـدُ عريـنُ الأســــــــود
أخـي قد سَرَت مـن يديـك الدماء
أبت أن تُشـــلّ بقيـد الإمـــــــــــاء
ستَـرفعُ قُــربـانهـا للسمـــــــــاء
مـخـضـبةً بدمـاءِ الخـلـــــــــــــود
أخـي هل تُـراك سئـمـتَ الكفــاح
وألقـيتَ عن كاهـليكَ الســــــلاح
فمن للضحـايـا يواسـي الجــراح
ويرفـع رايـاتِها مـن جـديـــــــــــد
أخـي هـل سمـعتَ أنـينَ التُـــراب
تـدُكّ حَصـاه جيـوشُ الخـــــــراب
تُـمَـزقُ أحشـاءه بالحِـــــــــــراب
وتصـفـعـهُ وهو صلـب عنيـــــــــد
أخي إنـني اليـوم صـلب المِراس
أدُك صخـورَ الجبـالِ الــــــــرَّواس
غـداً سأُشـيح بفـأسِ الخـــــلاص
رؤوس الأفــاعي إلى أن تـبــيـــد
أخـي إن ذرفـتَ علـيِّ الدمـــــوع
وبللّـتَ قـبري بهـا في خشــــــوع
فأوقد لهـم من رفـاتي الشمـــوع
وسـيروا بهـا نحـو مجـدٍ تلــيــــــد
أخـي إن نمُـتْ نـلـقَ أحـبابـنـــــــا
فــروْضـاتُ ربي أُعــدت لـنـــــــــا
وأطـيـارُها رفـرفـت حـولـنـــــــــا
فـطوبى لـنا في ديـار الخـلــــــــود
أخــي إنـني ما سـئمتُ الكفـــــاح
ولا أنـاألقـيـتُ عـني الســــــــــلاح
وإن طـوقتـني جيـوشُ الظــــــلام
فإني عـلى ثـقـةٍ بالصـبـــــــــــــاح
وإني عـلى ثقـةٍ مـن طـريقــــــي
إلى الله رب السـنـا والشــــــــروق
فإن عـافـني السَّـوقُ أو عَـقّــــي
فـإني أمـين لعـهـدي الوثـيـــــــــــق
أخــي أخــذوك عـلى إثـرنــــــــــا
وفَـوج على إثر فـجـرٍ جـديـــــــــــد
فـإن أنـــا مُـتُّ فـإني شـهيـــــــــدٌ
وأنت ستمـضي بـنـصرٍ مجـيـــــــــد
قـد اختـارنا الله في دعــــــــــوته
وإنا سـنـمـضي عـلى سُـنـتــــــــــه
فـمــنا الـذين قــضوا نحبهــــــــم
ومـنا الحـفـيـظ عـلى ذِمـتـــــــــــــه
أخـي فامـض لا تلتـفـت للـــوراء
طريقـك قد خـضبته الدمــــــــــــــاء
ولا تـلـتـفت هـهنا أو هـنــــــــاك
ولا تـتـطلع لـغـيـر السـمـــــــــــــاء
فـلسـنا بطـير مهـيض الجنـــــاح
ولن نُستـذل .. ولن نُسـتـبــــــــــاح
وإنـي لأسمـع صـوت الدمــــــاء
قـوياً ينـادي الكـفـاحَ الكفـــــــــــاح
سـأثـــأرُ لكـن لـربٍ وديـــــــــــن
وأمـضي عـلى سُـنـتي في يقــــــين
فـإما إلى النـصـر فـوق الأنـــــام وإمـا إلى الله في
الـخــالـديـــــــــن