الحالة التي يمر بها الوضع اليمني ليست حالة استثنائية من الوضع العربي الراهن والتي تحققت فيه الثورات العربية إجمالا ويراهن الكثير أن اليمن أسوأ حالا من سابقيه تونس ومصر ويشبه الوضع الليبي الذي وصل إلى مرحلة ( الزنقة)
حيثيات هذه النظرة للوضع اليمني تنطلق من الرؤية للوضعين العسكري والإجتماعي فالمؤسسة العسكرية في تونس ومصر منفصلتان عن المؤسسة الرئاسية بينما في ليبيا متركزة في شخصي الرئيسين والقبلية بينما الوضع الإجتماعي تكتنفه الكثير من المشاكل على رأسها الجهل والسلاح
فالجهل بأهمية الوضع الذي نعيشه والجهل بأهمية التغيير والتخوف مما بعد سقوط النظام وعدم وجود مشاريع مستقبلية للدولة المرتقبة كل هذه هذه التخوفات تجعل العمل الثوري في اليمن محك اختبار حقيقي إضافة إلى التخوف من بعبع الإنفصال في اليمن
باعتقادي أن هذه التخوفات في اليمن هي نتاج الضخ الإعلامي الرسمي أكثر مما هي موجودة فعلا حيث يحرص الإعلام اليمني الحكومي على التلويح به لذر الرماد على العيون وتشتيت شباب الثورة والتشكيك في جهودهم للكف عن الاعتصامات والتظاهرات المطالبة بإسقاط النظام
والحقيقة التي نعيشها جميعا أننا جاهزون لأي فراغ سياسي مؤقت على أسوأ أحواله فنحن في اليمن نعيش غياب الدولة ومؤسساتها الحكومية منذ زمن بعيد
فلا خوف من بعبع الفوضى الأمنية لأن الأمن أصلا موجود ليس بسبب السيطرة الأمنية ولا أجهزتها عدا في بعض الأمور الجنائية والتي غالبا ما يتوصل الناس فيها إلى حلول يلجؤون فيها إلى العرف والقبيلة والحلول الشخصية أكثر من الحكومة أو الإعتماد عليها بل بتعود الناس على غياب هذه الدولة في كافة شؤونهم الحياتية المختلفة
جغرافيا اليمن تنقسم إلى مدينة وقرية فالقرية تمثل 80% في الماية والمدينة 20%
غالبية مساحة اليمن وغالبية سكانها لا يعتمدون على الحكومة ولن تتأثر بالفراغ السياسي لا من قريب ولا من بعيد
لا يوجد أدنى تخوف من حصول أي فوضى أمنية في المدن لأسباب منها تركيبة المجتمع اليمني المحافظ والمتدين ووجود الأعراف الإجتماعية وانضمام أغلب الناس إلى تيارات سياسية أو فكرية أو قبلية بحيث يستطيع كل من قادة هذه التيارات التأثير على أتباعهم سواء بالكف أو الحماية إضافة لذلك أن المدن اليمنية صغيرة والجميع يعرف الجميع تقريبا
ولا ننسى أن غالبية الشباب منظمون للثورة وهذا وحده يضع صمام أمان لأي فوضى قد تحصل هنا أو هناك
وأما بعبع الإنفصال أو الإمامة الذي يردده الحاكم فقد مله الناس حيث يعلم الجميع أن السبب الحقيقي للإنفصال هي سياسة النظام الحالي التي جعلت من الوحدة وحدة فيد ونهب منظم بل إن استمرار النظام الحالي يؤدي حتما إلى الإنفصال وتغييره بلا شك سوف يقضي على هذه الدعوات أو يعطى إخواننا في الجنوب حق تقرير المصير بطرق سلمية وهذا يعطي المستقبل السياسي لليمن حافزا لمزيد من الإنجاز على كافة الأصعدة العمل الجاد وتكريس مفهوم العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل للثروة لتفادي الإنفصال مستقبلا
لقد بات من الضروري علينا جميعا التكاتف لرحيل هذا النظام البائد الذي كرس كل هذه السلبيات ولم يسع خلال فترة الحكم منذ أكثر من ثلاثة عقود لحل أي مشكلة من شأنها الرقي والنهضة بالبلد
بل عكس مفهوم ومبادئ الثورة فعمل على تكريس الجهل حتى وصلت الأمية إلى أكبر مستوياتها
وقسم اليمن مناطقيا ومذهبيا ونشأت في فترة حكمه التمايزات المناطقية والقبلية واتكأ في فترة حكمه الطويلة على مراكز النفوذ والقوى القبلية ضاربا عرض الحائط بكل القوانين والدساتير والأعراف الدينية والسياسية مما أدى إلى غياب الدولة تماما على المسرح الإجتماعي والسياسي والإقتصادي وغابت كل عمليات النمو الإقتصادي وانتشر الفساد المؤسسي واختزل العمل المدني بشخصه هو فقط حتى صار النظام سلطة فقط تأتمر وتنتهي بشخص الرئيس
الفوضى تعم ولا أمل إطلاقا بإصلاح الأوضاع لأن النظام القائم حاليا أكثر تحجرا سيما مع انتشار المعارضة الشعبية الواسعة النطاق
الحل الوحيد للحفاظ على الوطن والشعب والوحدة والأمن والاستقرار هو رحيل النظام