فگري قاسم
يجعجعونا لما ندوخ السبع دوخات .. يسرقوا أعمارنا هكذا عيني عينك ويعاملون الناس كما يعامل السيد عبيده الرخاص وعند الموت فقط نكتشف أن الوطن يتسع للجميع؛ هييييييييه .
ظل الزميل يحيى علاو – وهو صانع الابتسامات في وجوه الناس وفي قلوبهم – يعاني لأشهر طويلة من آلام المرض دون أن يهتم به أحد ، ولما مات كلهم "تنابعوا " يدفنوه ! كلهم حفارو قبور اصلاً، وما من موهبة لدى قادة البلد وقادة أحزابها وكبار تجارها أفضل من هذه المهمة اللئيمة .ولو كان لديهم غير هذا الابداع لما كان هذا البلد ميتاً بامتياز.
شيء يفقع المرارة صحيح .. في اليمن، وأنت ميت كلهم يتنابعوا للتباكي عليك .. أما وانت حي كلهم "يجعجعوا ابوك" وكلهم يسرقوك وكلهم سبحان من خلق الدعممة !
لا أحد يتسابق على الموتى كما يتسابق ساسة اليمن ووزراؤها وكبار موظفيها عليهم، انهم لايجدون افضل من الموتى فرصة ذهبية لإظهار انهم اناس طيبون وهو-بالتاكيد- ما لايستطيعون فعله مع الاحياء لأنهم اصلاً مسؤولون وسياسيون وتجار قليلو حياء الا من رحم ربي.
أثناء معاناة المذيع الناجح يحيى علاو لم نسمع من أحد حتى نخس واحد من طابور حفاري القبور.. ولما مات تسابقوا كلهم لسرقة رصيده وحضوره الابداعي البهي. حزب الإصلاح مثلاً "نبع" ينعي خسارته برحيل واحد من أبرز أعضائه وحميدالأحمر يوجه بدفنه في مقبرتهم الخاصة كمن يقولوا للناس " كما هه ، هذا الميت حقنا مش حق الدولة ".
و الرئيس ايضاً "نبع" ببرقية عزاء ومواساة ونائب الرئيس كمان ، كانا كمن يقولا للناس " لاتصدقوش ، هذا الميت حقنا مش حق أبو حد".
اين كان حفارو القبور هؤلاء عندما كان يحيى علاو يئن لأشهر من قسوة السرطان الذي أكل رئته ؟ وحدها المملكة العربية السعودية هي التي التقطت أنينه المتعب ونقلته للعلاج إليها على نفقة الملك.
الفرق بين الملك والجنرال هو أن الأول ملك من بيتهم ولايقبل على نفسه ان يكون في بلاط سلطانه أشخاص مثل حسن اللوزي او مثل محمد شاهر أو مثل سمير اليوسفي وغيرهم من قتلة الابداع والمبدعين في اليمن .
وأما الفرق بين الملك والشيخ ،هو أن الأول يهنجم في اليمن ويبتسم لشعبه في المملكة على عكس الشيخ الذي يهنجم في اليمن و"يدندل آذانه" في المملكة !
قبل علاو بأسبوع واحد فقط مات الزميل والمصورالصحفي البديع /عادل العريقي ربع أرشيف الصور في اليمن التقطتها عدسته الأنيقة، ومع هذا فإن مؤسسة الجمهورية جازته كما جازى الحمار أمه . ظل عادل لأشهر يعاني من مرض في الكبد – كان المرض يتطور يوماً بعد يوم وقضى التقرير الطبي بسرعة نقله للعلاج في الخارج وهو لايزال يمارس مهامه بثبات وصبر ويبرطع يومياً الى مكتب رئيس مجلس الادارة الزميل سمير اليوسفي بحثاً عن تذكرتي سفر وبدل علاج حتى تكرم هذا الاخير ومنحه تذكرتين و60,000ريال –فقط - بدل سفر وحق علاج وحق كوووول شيء .. هو إلا مصوّر؛ ما عديشتي ؟ الزايد معه.
ذهب عادل الى القاهرة وقبل وفاته بـ10 أيام هاتفني " فكري أنا أخو ك شوف لي حل ، الزلط خلصت وتكاليف العلاج في المستشفى مكلفة " لايزال صوته يخترق طبلة اذني ولا أزال أبحث عن المحافظ الصوفي الذي لاتعنيه مثل هذه الإنسانيات أبداً هو يعرف يهدر ويتصور فقط.
كان عادل لايريد أكثر من ان يتشافى ليعود الى وظيفته ويعمل مجرد شاقي مع رب العمل ليس إلا . وحتى هذه الفرصة استكثروها عليه . في القاهرة مات واستقبل رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية جنازته ببيان نعي "هذا الميت حقنا " هاتوا اللي بعده.
لابأس .. الأحذية التي طاردت وزير الإعلام حسن اللوزي في جنازة الفقيد الكبير يحيى علاو لابد أنها – يوماً ما- ستطارد سمير اليوسفي وعلي ناجي الرعوي وعبده بورجي وأحمد الحبيشي وعلي حسن الشاطر وباسليم والخميسي وكل مسؤل تسبب في إرهاق مبدع وفنان أحب البلد لكنهم جعلوه يموت كافراً بها .
علينا أن نموت ونحن مطمئنون جداً ، ذلك لأن الإنسان اليمني الآن لم يعد هو ذاك الإنسان الحافي حق زمان .. ويوماً ما ستتطاير الأحذية بالأكيد.
عزرائيل في النقابة
انتهيت من كتابة هذا المقال صباح السبت، وفاجأتني رسالة موبايل تقول إن الزميل عبدالقادر محمد موسى المحرر الاخباري في الفضائية اليمنية انتقل هو الآخر إلى رحمة الله في الاردن.
سنمنح عزرائيل عضوية نقابة الصحفيين.. الفاتحة إلى روح علاو،عادل، موسى.
