هذا التعريف حسب ما ذكر والله أعلم
الحمد لله ذي الجلال والإكرام والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد سيد ولد عدنان وعلى ءاله الأطهار وصحبه الكرام.
فيما يلي نبذة عن حياة الشيخ العارف بالله احمد إبن علوان اليماني وهو من كبار أولياء اليمن
نسبـــه :
هو القطب صفي الدين أبو العباس : أحمد بن علوان بن عطاف بن يوسف بن علي بن عبد الله بن مطاعن بن عبد الكريم عيسى بن إدريس بن عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) . ( وذلك حسب ما ذكره كثير من مؤرخي اليمن ) .
والده : علوان بن عطاف: أحد الكتاب المشهورين في اليمن في نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الهجريين، أصله من بلد (خاو) وهي قرية شرق مدينة يريم محافظة إب حالياًَ .
عمل كاتباً للإنشاء لدى الملك المسعود بن الكامل الأيوبي، وكان يسكن خلال عمله مع الملك المسعود منطقة المعافر في موضع من نواحي جبل حبشي يعرف (بذي الجنان ) .
حكي أنه صحب الملك المسعود في إحدى الحملات العسكرية إلى شمال اليمن في سنة 617 هـ، وكان علوان حينئذ متواجدا تحت جبل ، فوقع عليه كسف أدى إلى وفاته رحمه الله .
يذكر أن حكم الملك المسعود قد استمر في اليمن مابين 612هـ، 626هـ.
ولادة الشيخ:
ذكر القاضي والمؤرخ بهاء الدين محمد بن يوسف بن يعقوب :
الجندي (ت 732 هـ) في تاريخه أن مولد الشيخ أحمد بن علوان في موضع يقال له ( ذي الجنان من جبل ذخر ) ، وفي حين يقول المؤرخ الخزرجي ( أن مولد الشيخ في قرية عقاقة من ناحية صبر ) والقريتين تابعتين "لجبا" عاصمة المعافر ، وقال عنها الجندي في(السلوك في طبقات العلماء والملوك ( جبا جبلٌ مبارك خرج منها جمعٌ من أعيان الفضلاء ) وقال في موضع آخر ( جبا بلد كبير خرج منها جماعة من الفقهاء وهي أكبر بلاد في اليمن فقهاء ومثقفين) ولم تذكر كتب التاريخ التي بين أيدينا تاريخاً محدداً لولادته ولعله كان على وجه الاحتمال مابين أواخر القرن السادس الهجري وبدايات القرن السابع الهجري ـ والله أعلم.
عقبه :
أشار المؤرخ الجندي أنه كان للشيخ أحمد بن علوان ولد اسمه محمد يسكن ذا الجنان ـ أصل موضعهم ـ وكان على طريقٍ مرضي من طريق المسلمين إلى أن توفي في مستهل شهر شوال سنة 705 هـ ) رحمه الله .
حياتـه :
تربى الشيخ في أحضان والده على ما جرت عليه أولاد الكتاب والمقربين من الدولة ، وتلقى علومه على كبار رجالات عصره ونبت نباتاً حسناً ، وكان قارئاً كاتباً فاضلاً ، تعلم الكتابة والنحو اللغة والتصوف والقراءات والتفسير والفقه والحديث ، ودرس الفلسفة والمنطق والأدب والتاريخ ، وكتاباته تدل على ذلك .
وكانت بيئته الاجتماعية والثقافية مزدهرة بأنواع الفنون والمعارف والعلوم والآداب.
وفاتـه :
توفي الشيخ أحمد بن علوان رحمه الله ليلة السبت العشرين من شهر رجب سنـة 665 هـ ودفن بقرية يفرس من أعمال جبل حبشي محافظة تعز حالياً وتبعد عن مدينة تعز بحوالي 25 كم ودفن بمسجده المعروف باسمه .
مذهبه الفقهـي :
أشار الشيخ أحمد بن علوان في كتابه التوحيد أنه ( يذهب في الفقه مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ) وهو المذهب السائد في المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن .
طريقته الصوفية :
أخذ الشيخ أحمد بن علوان التصوف على يد الشيخ عمـر الطيار ، وقد أشار إلى ذلك الشيخ في إحدى قصائده التي رثا بها شيخه العارف بالله أبو حفص عمر بن المسن المعروف بالطيار المتوفي سنة 645 هـ .
( كنا الظلام وكنت أنت سراجنا كنا العِطاش وكنت أنت الساقـي
لا بالمَهين ولا المُهين لقادم منا أبا حفصٍ ولا البــــــراقِ
أسست فينا الخير واستنهضتـنا لمراتِبٍ علوية ومـــــراقِ
وهديتنا سُبلاً بهن سبقتنــــا حُبيتَ من هــادٍ ومن سبــاقِ
تحدو بنا وتشوقُ نحو إلهنــا حُييتَ من حادٍ ومن شـــواقِ
وقد كانت طريقة الشيخ عمر بن المسن قادرية : نسبةً إلى الشيخ العارف بالله عبد القادر الجيلاني المتوفي سنة 561 هـ .
جاءت هذه الطريقة إلى اليمن عبر مجموعة من العظماء هم : علي الحداد ومدافع بن أحمد الخولاني ، وعثمان بن ساوح ، وعمر بن المسن وعلي بن أحمد الرميمة ، رحمة الله عليهم جميعاً ، عندما التقى بعضهم بالشيخ عبد القادر في مكة .
مُعاصروه :
عاصر الشيخ أحمد بن علوان رحمة الله عليه كثير من علماء وصوفية اليمن الكبار أمثال الشيخ أبو الغيث بن جميل ، وعمر بن المسن وعلي بن أحمد الرميمه ، والشيخ سلمان بن إبراهيم ، ومن أعيان الفضلاء : السلطان بن العلاء السمكري والأمير شمس الدين علي بن يحيى العنسي ، وعبد الوهاب بن رشيد ، وداود النسّاخ وعلي بن عمر بن أحمد ، ومحمد بن الحضرمي والنقيب علي بن يحيى بن عمران وغيرهم ، وبينه وبين هؤلاء حوارات ورسائل ورد بعضها في كُتب الشيخ أحمد بن علوان .
آثاره الفكرية والعلمية :
أ?- الطريق :
أراد ابن علوان أن يكون مجدداً في المجال الذي وهب حياته له ووظف كل إمكاناته في سبيله وهو ( الدعوة إلى الله ) عبر منهج العرفان أو المتصوفين .
نظر إلى التصوف والمتصوفين نظرة الناقد المنصف فلم يستهوه الانحياز لهذا المنهج أو ذاك، لينبري مدافعا عن الممارسات والتصرفات الخاطئة ، كما لم يدفعه التعصب للتأصيل والتبرير لبعض الأفكار ، أو التسويق الأعمى لها .
حيث مارس التصوف في حياته ، ولكنه التصوف النقي القائم على منهج الكتاب والسنة المباركة .
لقد دفعت به القناعة إلى مواجهة أهل مذهبه بالحقيقة مخاطباً لهم اعلموا أن الفقر ليس بحلق اللحى ، ولا بالاقراع والحفاء ، ولا بسوء الخلق والجفاء ، ولا بأكل الحشيشة المسكرة المطيشة ، ولا بالدفوف والمزامير ، ولا برقص كل متواجد مستعير ، ولا بالأحكام المخالفة لأحكام الملك الكبيـر ، والمنافية لسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم الذي ليس له نظير .
إنمـا الفقر : علم بالطريـق ، وعمل على المتابعة والتحقيق والإيمان والتصديق ، مع ما يمد الله به من العصمة والتوفيق ) .
وقد قدّم للجميع بمن فيهم من لا يتخذ التصوف مذهباً في السلوك والمعرفة ، آراء وأفكار ، ونموذجا في العبادة والتقوى يصلح للجميع رافعاً شعار :
فإن أخذت بقولـي فـزت يوم غـدٍ
وإن أبيـتَ فـربُ العـرشِ يجزينـي
ولعلّ هذا هو ما يجيب على التساؤل الذي يرد كثيراً في الذهن :
لماذا لم تنشأ طريقة علوانية مستقلة كبقية الطرق الأخرى ؟
كانت أُمنية ابن علوان أن يظل فِكره مائدة يلتقي عليها الجميع وفعلاً تحقق لهُ ذلك .
فهذا عبد الهادي بن محمد السودي يؤكد هذه الحقيقة في قصيدة له يمدح فيها ابن علوان رحمه الله .
تخالف الناس إلا في محبته فبينهم في هواهُ وصلةُ الرحمِ
إذ لم يؤسس الشيخ / أحمد بن علوان طريقة صوفية بالنمط الذي يعرفه أصحاب الطرق الصوفية ، متجاوزاً بذلك الأُطر التي تفرض التجزئة والانغلاق والتمحور في قوالب ضيقة ، وإن كان هو نفسهُ قد تخرج من مدرسة القادرية كما أشرنا .
لكنهُ عوَّل على المضمون قبل الشكل وعلى الجوهر دون العرض .
وإذا كان لكل إمام من أهل الطريق وسيلة وهدفا يستقيهما من شرائع الإسلام وحاجة الزمان والمكان ، فإن المحبة لله ولرسوله وللمؤمنين : هي الوسيلة الكُبرى التي دارت عليها أفكار الشيخ ابن علوان رضي الله عنه .
كما أن الغاية التي عمل لاجلها هي : المعرفة بالله التي ليس بعدها جهل .
قال ابن علوان : " فالحب فيه مذهبي وديني" ، مفلسفاً بعد ذلك كل قول وفعل وعمل واعتقاد في خدمة هذا الحُب للهِ ولرسوله .
وقد قال في هذا السيـاق :
لي رحى بالحـب دارت فــأدارت كُلَ قُطــــبِ فالمعانـي تحت خفضـي تحتَ رفــعـي تحت نصبـي
وقال في موضـع آخر مخاطباً من يُحب :
إنـي لأغربُ من يهوى وأنت كذا
غريبة الحُسن ما غيري يشاهده
وتلك في نظره هي خلاصة ما جاء به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي اصطفاهُ اللهُ حبيباً فهو عليه السلام رسول الحُب والمحبة وهو طريق آل البيــت النبوي ومن والاهم وسار على هديهم من كرام الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
(( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزةٌ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائِم )) صدق الله العظيم
ب?- مؤلفاته
لم يبق بين أيدينا من مؤلفات الشيخ أحمد بن علوان رحمه الله سوى أربعة كُتب هـي :
1) التوحيد الأعظم المبلغ من لا يعلم إلى رُتبة من يعلم .
2) الفتوح .
3) المهرجان .
4) البحر المُشكل الغريب .
وتدور كلها حول التصـوف والسلوك والمعرفة والعقـيدة ، وجميعها مطبوعة ، قامَ بنشرها مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء