أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فارس المحيا

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Default4
فارس المحيا


ذكر عدد الرسائل : 289
العمر : 38
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 08/11/2009

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Empty
مُساهمةموضوع: الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان   الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Emptyالإثنين 5 أبريل 2010 - 6:44

---------------------------------

--------------------------------

عبد الباري عطوان (و.19 فبراير 1950) هو صحافي فلسطيني عروبي مقيم بلندن، رئيس تحرير جريدة القدس العربي.


ولد عبد الباري عطوان سنة 1950 في مخيم للاجئين بمدينة دير البلح في قطاع غزة وهو واحدٌ من أحد عشر طفلاً لعائلة من تنحدر من أسدود. بعد الإنتهاء من الدراسة الإبتدائية في مخيم رفح للاجئين في غزة. أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في الأردن، عام 1967، ثم في القاهرة بمصر. وفي عام 1970 التحق بجامعة القاهرة. تخرج بتفوق من كلية الإعلام. ثم حاز دبلوم الترجمة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. بعد التخرج عمل لجريدة البلاغ في ليبيا، ثم جريدة المدينة في السعودية. وفي عام 1978 انتقل إلى لندن، حيث استقر، ليعمل في جريدة الشرق الأوسط و"مجلة المجلة" السعوديتان الصادرتان في لندن. في عام 1980 أنشأ مكتب لندن لجريدة المدينة، وفي عام 1984 عاد إلى جريدة الشرق الأوسط.

وفي عام 1989 تم تأسيس جريدة القدس العربي في لندن وعـُرض على عبد الباري عطوان رئاسة تحريرها. ومنذ ذلك الحين يقوم برئاسة تحريرها. أثناء حرب الخليج 1990/1991، نال القدس العربي شهرة واسعة بمعارضته للهجوم الأمريكي. وبالرغم من أن الجريدة لم تؤيد ضم العراق للكويت، إلا أن الجريدة رأت التدخل الدولي تدخلاً في الشئون العربية. وفي 1996 أجرى عبد الباري عطوان مقابلة صحفية مع أسامة بن لادن. ولإجراء المقابلة فقد سافر عبر الجبال متخفياً في زي أفغاني. فيما بعد، وصف عطوان رحلته بأنها "الأكثر إخافة"، وانطباعه عن الشيخ بن لادن بأنه ظاهرة، ومتطرف.

أسلوبه :

مقالات عبد الباري عطوان ولقاءته التلفزيونية تتميز بالصراحة التي تثير العديد من المسائل الخلافية، فترضي الكثير وتثير إعجابهم وتغضب الكثير. ولئن يعتبره البعض قاسياً، يعتبره البعض الآخر بطلاً وصوتاً معبرا عن مشاعر الجماهير العربية المسحوقة والصامتة. وكثيرا ما يظهر الأستاذ عطوان على شاشات الفضائيات العربية والأجنبية، ولاسيما على شاشة الجزيرة. وكان عبد الباري عطوان آخر من قابل أسامة بن لادن وظل ينعته بالشيخ بن لادن حتى في المقابلات مع الإعلام الغربي.



أنشطته المهنية :

إدارته للقدس العربي

استمرار جريدة القدس العربي منذ عام 1989 هو إنجاز معتبر لأي صحيفة تصدر في المهجر. وبالرغم من منع توزيعها في بعض الدول لفترات مختلفة إلا أن الجريدة نجحت في تنمية عدد قرائها، وقد ساعد في ذلك استعمالها المبكر للنشر المجاني على الإنترنت وكذلك طاقم التحرير الضئيل.

جوائز وأنشطة مهنية :

رشح الصحافي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير "القدس العربي" اللندنية، لعضوية لجنة تحكيم الجمعية الملكية للتلفزيون في بريطانيا، ليصبح بذلك أول عربي يترشح لهذا المنصب. يُذكَر أن الجمعية الملكية للتلفزيون تتولى تقييم الأعمال التلفزيونية، البريطانية والدولية، وتمنح جوائز سنوية للأعمال الفائزة، وتعتبر من أهم الجوائز على المستويين المحلي والعالمي. وتشمل قائمة الجوائز الممنوحة مجالات تغطية الأخبار المحلية والدولية، أفضل برنامج إخباري، القناة الإخبارية للعام، أفضل مذيع إخباري، اصغر صحافي للعام، أهم قصة اخبارية، وغيرها من الجوائز الخاصة بالأخبار، والتي تعتبر محط أنظار أغلب الإعلاميين في العالم.

جائزة التواصل الثقافي شمال- جنوب لسنة 2003 مناصفة مع إيغناسيو راموني, من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية (شعبة السياسة) بجامعة لندن.

ساهم في تأطير العديد من الورشات حول الشرق الأوسط بالجامعات البريطانية كما بالجامعات العربية.

ساهم في العديد من الدورات السياسية حول قضايا الشرق الأوسط بالعالم العربي كما بالغرب.

متحدث ممتاز وبدون كلل لفائدة القضايا العربية ب "CNN" كما ب "سكاي" و "ITN" و ال "PBS" الإذاعية والتلفزية .

من أشد الداعمين والمدافعين عن القضية الفلسطينية و القضية العربية و من أشد المنتقدين للأعداء والمتآمرين حكاما كانوا أو غير ذلك.

مؤلفاته :

- "تاريخ القاعدة السري" بالإنجليزية في عام 2006

- وطن من كلمات:




صدرت عن دار الساقي للنشر في لندن الطبعة الأولى من مذكرات عبد الباري عطوان "وطن من كلمات". كما وضع عطوان عنوانا آخر يوجز مضمونه وهو: "رحلة فلسطينية من مخيم اللاجئين إلى الصفحة الأولى". ويهدي عبد الباري رحلته التي بدأت مصاعبها القاسية بقسوة صقيع الشتاء في مخيم دير البلح، في قطاع غزة إلى "الأطفال اللاجئين في العالم كله، خصوصا أطفال المخيمات في فلسطين والمنافي". كما يخص بإهدائه في الوقت نفسه الكاتبة الراحلة مي غصوب، إذ "لولا إلحاح مي غصوب وإقناعها لما كان لهذا الكتاب أن يصدر". ويقع الكتاب في 271 صفحة يسجل فيه عطوان محطات بارزة في رحلته الصعبة من مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة، إلى المشاركة في صنع الصفحة الأولى لصحف عربية عدة، من "البلاغ" الليبية، إلى "المدينة" السعودية، ثم "الشرق الأوسط" اللندنية، حتى "القدس العربي"، اللندنية أيضًا التي أمضى فيها تسعة عشر عاما في تجربة مهنية وإعلامية متميزة. "وطن من كلمات" موجه إلى جمهور يقرأ بالإنجليزية، لذا يقول عطوان إن تفاصيل مهمة من مذكراته سوف تتضمنها النسخة العربية التي لا يعرف متى سترى النور. أما بالنسبة للنسخة الإنجليزية فهناك ثلاث دور نشر عالمية، كندية وفرنسية، وإسبانية، أبدت اهتماما بشراء حقوق النشر. الغلاف الأخير للكتاب شهادة من الكاتبة بولي توينبي تتفق فيها مع تصور الكاتب لما قدمه في كتابه، تقول: "إن هذا التصوير للحياة والأوقات التي عاشها صحفي مميز، يوفر رؤية داخلية للعالم كما يراها شخص ولِد وتربى في معسكر لاجئين فلسطينيين في غزة. إن الصوت الموثوق لعبد الباري عطوان، وكتابته التصويرية الحادة، يعيدان إلى الحياة طفولة مليئة بالأحداث وسط صعاب وأحداث مأساة منطقة الشرق الأوسط".

يتمني ألا تقرأ زوجته هذا الحوار:


عبد الباري عطوان:


ولدت في جمهورية الفقر والجوع والأنيميا ذاكرة مليئة بالحكايا والقصص، لطفل اسمه عبد الباري عطوان، ولد بخيمة في شهر شباط (فبراير) عام 1950 في دير البلح الصغيرة والجميلة القابعة علي البحر المتوسط، بين نخيل شامخ وباسق، نخيل علمه الشموخ ورفع رأسه عاليا، عاش طفولة بائسة وفقيرة لكنها في رأيه متميزة وعادلة، حيث الجميع متساوون في الجوع والمعاناة والأنيميا، ملابسه وملابس سواه في المخيم مما كانت توزعه وكالة الغوث، والمدرسة التي التحق بها وأقرانه هي ذاتها، ولأنه ـ كما يقول ـ ابن مخيم كان لزاما عليه أن يقاتل كل شيء، حتي الوطاويط علي حبة البلح، كان يجري ورفاق الطفولة وراء عصفور محاولين إمساكه، ويركضون وراء الصيادين لاختطاف سمكة منهم. ضمن ثقافة تدعي ثقافة المخيم عاش الناس ذات المحن وذات الظروف، وكأن جمهورية المخيم كانت مثل جمهورية أفلاطون لكن في الفقر وفي الجوع والمرض وأكل السردين باعتبار أنه الأرخص، والتمر الذي توزعه وكالة الغوث، وبقدر ما تركت أثرها فيه، فقد علمته المثابرة والكفاح من أجل لقمة العيش، لكنها خلفت في أعماقه عقدة الخوف من المستقبل والجوع، في ظل غياب خيارات العمل. من بلدة علي البحر المتوسط تدعي سدود أو أشدود والتي يقال عنها أنها كانت أقدم ميناء في التاريخ، نزح أهله كما بقية الفلسطينيين بعد حرب 1948 باتجاه دير البلح، تحت تهديد سلاح الجنود الإسرائيليين، حاملين معهم القليل القليل علي أمل العودة التي لم تتحقق، فكبر سؤال داخله: كيف لأناس آمنين وبسطاء إلى حد السذاجة أن يعاملوا بتلك الطريقة الوحشية والبشعة . أب وأم وسبعة ذكور وثلاث إناث كلهم عاشوا في خيمة، ولو أن والده لم يمت وعمره 42 عاما لكان عددهم 20 إلى 25 ولدا، حيث الطموح آنذاك كان الإنجاب. كانت عيون أبي زايغة، ويبدو انه كان حاطط عينو علي أرملة، وعندو مشروع زواج منها، كنت أشوفو دائما يصيبه الحبور والانبساط عندما تمر، وقد تعطرت أكثر من اللازم، صحيح كان عمري 14 عاما لكني فهمت أن والدي عاشق، إلا أن القدر لم يمهله، كان أبي يحبني كثيرا لأنني كنت متفوقا في الدراسة، لكنه في الوقت نفسه كان يضربني كثيرا لأنني كنت متمردا وعنيدا وأرفض بعض قراراته وأجادله فيها، وعلي ذمة والدتي أنه كان يقول لها إذا بينفع في أولادك واحد فهو عبد الباري، ولأنني الأوسط كنت أحظي بالضرب بينما الكبير والصغير يحظيان الدلال، لكن يبدو أن الضرب أثمر بدليل أنني وصلت إلى ما أنا عليه اليوم ، ثم غرق محدثي في ضحكة عميقة وكأنه استعاد كل المواقف، فنهضت ذاكرته حية من جديد، واسترسل في الكلام المباح.

في دير البلح


للحديث عن الأم شجون خاصة، فهي شمعة العائلة وزينة الدار، جهة القلب وتاج الرأس، تتعب.. تسهر.. تعد أيام عمرها من خلال عمر أولادها: كان علي أمي تربية عشرة أولاد في ظل غياب أبي الذي تركها في عز صباها، في ثلاثينيات عمرها، عانت كثيراً من أجلنا، كانت أمي خفيفة الظل ولأنها تتقبل المزاح كنت أناديها باسمها وتحببا يا ظريفة أمي امرأة عظيمة ككل النساء العظيمات، و إنسانة ذات قدر كبير، تحملت التعب وشظف العيش، عاشت في المعسكر وماتت فيه، لم تكن تجربتها سهلة لهذا لم تستمتع بحياتها، ورغم أننا حاولنا توفير أجواء الراحة لها إلا أن هذا جاء متأخرا، كان علي أمي أن توزع الحب والحنان علي عشرة أولاد، كل واحد ينتظر دوره ليحظى ببعض من هذا الحب وذاك الحنان، أمي مثل أي أم فلسطينية رائعة تغسل وتطبخ وترعي عشرة أولاد، والمعيل الوحيد بعد وفاة أبي هو أخي الذي كان قد تعاقد للعمل بالتدريس في السعودية، أذكر أن أمي ربت الحمام والدجاج وجلبت الماعز لتوفر لنا الجبن واللبن، كنا نتقاسم زغلول الحمام وورك الدجاجة، حقا لعبت دورا كبيرا في حياتنا وكانت تعمل من لا شيء شيئا وتحاول تغذيتنا بشتى الطرق والوسائل، حيث لم يكن بمقدورها شراء اللحم من السوق . كانت الأحذية بالنسبة لنا كأطفال مجرد قيد، ليس لأننا نملكها ولا نريد انتعالها، بل لأن أقدامنا لم تعتد عليها، ولم نكن نملك نقودا لشرائها، أنا مثلا لم ألبس حذاء إلا عندما أصبح عمري ست سنوات، ليس لأنني كبرت، بل لأن قانون المدرسة فرض علي الطلبة عدم الذهاب إليها حفاة، كنت قد ورثت حذاء عن أخي الأكبر الذي أخذه من الأونروا التي كانت تعطي أحيانا مع الملابس أحذية، بقي هذا الحذاء مدة طويلة ربما لجودته، أو لان مهمته كانت محصورة بانتعاله أثناء الاصطفاف في الطابور فقط، بعدها اخلعه واضعه في الحقيبة، كلما صغر الحذاء علي قدمي أحدنا ينتقل بشكل أوتوماتيكي إلى الآخر، لكن بشكل عام تسطحت أقدامنا بسبب السير حفاة، وبسبب الحذاء الضيق .

بداية الوعي


أعطيات الأونروا كانت مثل هدية ثمينة، فيها يجد أبناء المخيمات فرصة لستر أجسادهم النحيلة، كانت هذه الأعطيات رغم عيوبها تفرح أي طفل أو أي شاب أو رجل، لأنها غالبا غير مناسبة ومضحكة، ومن الممكن أن يرتدي رجل سترة نسائية أو قميصا نسائيا دون أن يعرف ذلك، المهم عنده أن يحمي جسده من البرد. وبين كوميدية المواقف وتراجيديتها كان ينتقل بسرعة من خلال حركات وجهه ويديه أو بقهقهة وربما بابتسامة ساخرة: كنا مساكين فقراء، نرضي بان تتحول أكياس الطحين التي كتب عليها هدية من الشعب الأمريكي ليس للبيع أو المبادلة إلى سراويل لتأتي الكتابة والحبور بهدايا لم يكن هناك بديل عنها، آنذاك لم تكن عند أي واحد منا نزعة عداء تجاه الأمريكان فالموقف الأمريكي عام 1956 من أزمة السويس كان جيدا، إذ أجبر الإسرائيليين علي الانسحاب من قطاع غزة الذي أنتمي إليه، بل كان العداء لبريطانيا وفرنسا، أي للدول التي استعمرتنا وساعدت في تشريدنا، كما أن للأونروا فضلا علينا لأنها كانت تقدم لنا شهريا الزيت والسكر والتمور والأجبان، وتعمل لنا تغذية إضافية، فنختار ضعاف البني من الأطفال والذين يعانون من الأنيميا ونوفر لهم وجبة يومية أثناء الدراسة، ولأنني كنت ضعيف البنية كنت ضيفا مزمنا علي هذه التغذية البيتية، وفقر أب يعاني من قرحة معدة توفي بسببها . سن الثانية عشرة كانت جيدة لبدء تلمس الوعي السياسي، فشقيقه الأكبر كان مدمن قراءة الجرائد والمجلات القديمة التي يشتريها ويأتي بها إلى البيت، لتتوافر لعبد الباري فرصة القراءة، بدءا من موضوعات الفن والفنانين مثل كل الناس، مرورا بقراءة التحقيقات السياسية، وانتهاء بعيون الأدب العالمي المترجمة مثل البؤساء لفيكتور هيغو و العجوز والبحر لهمينغواي و الجريمة والعقاب لدوستويفسكي التي كانت معقدة بالنسبة له وهو في سن الخامسة عشرة، فقد عانى من أجل فهمها وإكمالها، ومن ثم التفاخر أمام أصحابه بأنه أكملها.

الطريق إلى عمان


عام 1967 عندما اندلعت الحرب فضلت له عائلته مغادرة فلسطين متوجها نحو الأردن لمتابعة دراسته وإعالتها بعد حصوله علي وظيفة، فعائلته لا تريد أن تخسره، ولا تريد أن يكون ابنها جزءا من تاريخ ربما يعاد ثانية، أي حينما احتلت إسرائيل قطاع غزة وقامت بعملية تصفية الذكور من سن السابعة عشرة إلى سن الخمسين كي لا يصبحوا فدائيين، وهكذا ترك أهله ووطنه، وصورة كانت عالقة في ذاكرته عن ابنة الجيران التي أحبها بداية مراهقته أي عندما كان عمره حوالي 14 عاما، صبية في عمره ليست جميلة وقصيرة القامة، فالحب أعمى كما يقول، إلا أنه فشل في لفت نظرها، رغم أنه حاول مغازلتها ومحادثتها وكتابة الشعر لها. ذهب أهلي إلى الاسكافي وطلبوا منه وضع 30 جنيها في نعل حذائي، ثم رافقني عمي إلى موقف الباص لأذهب إلى عالم مجهول مخيف ليس لي فيه أصحاب وأقرباء، المهم وصلت إلى عمان ونزلت في الفندق العربي الذي يمتلكه سوري قومي، تعاطف معي وأعطاني سريرا علي السطح بسعر زهيد، عندما نمت ربطت قدمي بالسرير لأن أمي أوصتني ألا أسكن في أبنية عالية كي لا أمشي أثناء النوم وأقع، لأني كنت أعاني من هذه المشكلة، ورغم أنني جئت من أجل إكمال دراستي إلا أنني لم التحق بالجامعة لان التعليم فيها مكلف، فاضطررت للعمل بعد ثلاثة أيام من وصولي في الشركة العربية للمعلبات، وتقاضيت من أول مهنة في حياتي 30 فلسا في اليوم، كما كنت اكسب عشرة فلوس أخرى إذا عملت ساعات إضافية، لأعيش وأشتري بعض المجلات والكتب مثل الأسبوع العربي و الحوادث و الطليعة و الكاتب من سوق السيل الشعبي، وأرسل لأهلي مصروفا، في حين كنت احرص يوم الجمعة علي دخول السينما، والاستمتاع بوجبة في مطعم شعبي اسمه الهنيمي، بوجبة الكفتة بالطحينة الدسمة جدا، والرخيصة أيضا ربما لأنها مصنوعة من الكرشة والأمعاء . في عمان رأي ان أبناء المخيم فيها أكثر رقيا من أبناء مخيمات فلسطين، حيث بإمكانهم الحصول علي فرص عمل في عاصمة مزدهرة، في حين أن أمثاله القادمين من مخيمات فلسطين يعيشون الظروف الأسوأ، كان يري كمراهق أن بنات مخيم عمان أنظف، وأكثر إشراقا، خدودهن متوردة، يلبسن البنطال ونصف الكم، وبلوزات ضيقة ويبرزن مفاتنهن، وهذا ما لم يعتد عليه بين بنات مخيم دير البلح المسكينات اللاتي يعانين من الأنيميا، فالفوارق الطبقية كانت موجودة وفاضحة بين الفلسطينيين، لهذا لم يفكر حتي بالنظر إلى فتاة من طبقة تختلف عنه، ورغم انه اليوم رئيس تحرير صحيفة إلا أن أبناء الطبقة الغنية من الفلسطينيين لا تعترف به كما يشير، صحيح أنهم يجاملونه، لكنهم وكما يشعر يصفونه بالفلاح واللاجئ، وهو في المقابل يتساءل من هؤلاء الأغنياء حتي يكونوا أفضل منه. وفي السنة الثانية من وجوده في عمان عمل سائقاً في أمانة العاصمة، حيث لم يتخيل يوماً أن يبقي مجرد عامل، كان مستمتعاً كمراهق في عمله الذي أشعره أنه أصبح محط اهتمام بنات الجيران، لدرجة أن واحدة منهن حاكت له بلوفر صوف مكتشفاً فيما بعد أنها حاكت خصلة من شعرها مع الخيوط ، ورغم أنه أصبح بالنسبة للفتيات مشروع عريس إلا أنه قاوم المغريات وما أكثرها.

الرحلة في اتجاه مصر


وصل شقيقه الأكبر خريج جامعة المنوفية قسم الهندسة الزراعية إلي عمان قبل أن يسافر إلي السعودية التي تعاقد فيها للعمل في نجران التي كانت بدائية جداً، محتملاً الحياة الصعبة والظروف القاسية من أجل أهله، مضحياً بجماله ووسامته، علماً أنه كان محباً للحياة والرقص والدبكة والتدخين، فحبه للحياة جعله يرفض الزواج إلي أن توفي.. ولأنه مؤمن بي بشكل غير عادي، فقط طلب مني إكمال تعليمه وتحقيق طموحه في مصر، فسافرت إليها عام 1969. عملت لجوءاً إنسانياً عند ابن خالتي في الإسكندرية، حاملاً معي كمية من الأرز والسكر، وحصلت علي البكالوريا من مدرسة العروة الوثقى التي أسسها جمال الدين الأفغاني، فيها عشت أجمل أيامي الدراسية، حيث أعفيت من طابور الصباح لأنني فلسطيني، كما كلفت في كل مناسبة وطنية بكلمة فلسطين علي أساس أنني المناضل الكبير عبد الباري عطوان ، وأنا متأكد أنها لم تكن كتابتي عظيمة، لكن المقاومة كانت في أوجها، كل ما أذكره أنهم كانوا يصفقون لي كثيرا، ويجلسونني في الصف الأول، ثم التحقت بكلية الآداب في القاهرة قسم الصحافة متحديا رغبة أهلي ومحيطي، الذين رأوا أنه لا جدوى من دراستي في ظل غياب الدولة الفلسطينية والصحافة الفلسطينية والعربية، لم أستسلم لأنني شعرت أن الصحافة هي الوحيدة التي تكسر الفوارق الطبقية، وأن هذه المهنة هي نافذتي، والصحافي هو الوحيد الذي باستطاعته مقابلة الشخصيات الكبيرة مثل الوزراء والرؤساء والملوك، معتبرا أن في داخلي أمورا كثيرة يجب ألا تموت، بل لا بد أن أعبر عنها . الناس أيامها كانوا يخافون من كلمة صحافة لأنها برأيهم مرتبطة بالسياسة والأنظمة والقمع والاعتقال والموت، كان أهله خائفين ألا يجد ابنهم عملا، وكي يبدد هذا الخوف ويضمن مستقبله انتسب إلى جانب قسم الصحافة للجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة الترجمة، كما حصل علي رخصة قيادة، لم يكن يريد يوما أن يبدو أمام من تحداهم فاشلا في حال لم يجد فرصة في الصحافة، كما أنه حرص منذ البدايات أن يكون صحافيا مستقلا، فرفض عرض مسؤول اتحاد الطلبة العمل في الإذاعة الفلسطينية، حين كانت فتح أقوى التنظيمات وتمتلك إمكانيات كبيرة ومالا كثيرا، ورفض لأنهم كانوا يريدون تجنيده وتنظيمه وهو لا يريد، رغم حاجته الماسة للمال. كنت أفضل البقاء إنسانا حرا، لست منتميا إلى أي تنظيم أو فصيل، وهذا ما أنا عليه الآن، صحيح أنني عضو مجلس وطني فلسطيني مستقل، لكني والله لم أترشح ولم أختر ذلك بل قرأت اسمي في الصحافة ككل الناس بعد أن أخبرني مراسلنا في عمان عام 1989. وبشكل عام كنت أقرب للجبهة الشعبية فكرياً ببعدها الأممي، من فتح المعتدلة ذات البعد الإقليمي، بل أقرب للتطرف، فأين يكون تطرف أنا معه، وإلى الآن ما زلت كذلك لهذا انخرب بيتي . الرحلة إلي مصر أم الدنيا بالنسبة له نهاية الستينات وبداية السبعينات كانت بمثابة انعتاق، وعودة للسياق الطبيعي أي للمهمة التي خرج من أجلها من فلسطين، أما القاهرة فهي الوعد الجديد بالثقافة والحلم بالعلم وحمل شهادة جامعية للارتقاء بنفسه وبعائلته، وهذا ما حدث. خرج من مصر بشهادتين، واحدة في الترجمة والأخرى في الصحافة، كما اكتسب مخزونا كبيرا من الثقافة، فقرأ واطلع وتابع المسرح الخاص والعام، وتعرف إلى إصدارات الأهرام و الأخبار ودار المعارف الشهرية من الكتب. أذكر أنني في آخر سنة صحافة، كان عندي تدريب في دار الهلال في مجلة المصور ، فسألني المشرف عن الأماكن التي أحب التدرب فيها فأجبته أنني أريد القسم الفني، قال لي يا راجل انت فلسطيني وعيب تكون محررا فنيا بل سياسيا، أجبته: لأني سأكون مستقبلا في القسم السياسي، لهذا أجد أن هذه فرصتي الوحيدة للتعرف علي هذا العالم، وهذا ما كان، أيامها كانت ليلي حمادة وصفية العمري وهاني شاكر ونيللي، وعملت عنهم مواد صحافية فأخذها مشرف اسمه ممدوح أبو زيد ونشرها باسمه بعد إجراء بعض التعديلات، لأنه يوجد في مصر ديكتاتورية الأسماء، وبيروقراطية غير عادية، فاسم رئيس التحرير ينزل ببونط 16 مثلا، واسم نائبه ببونط 14، والصحافي الجديد بونط 9 .

الكاتب الكبير


أكمل دراسته، وانتهت إقامته، كما انتهي إيجار الشقة، وكان لزاما عليه أن يغادر القاهرة، فقد طلب منه الرحيل لأنه كان مشاغبا ويكتب ضد النظام وضد السادات أيام المد الثوري في الجامعة وتحديدا سنة الضباب، ومن رموز الحركة الطلابية آنذاك، محي الدين الصباحي. لم تكن أمامه خيارات كثيرة، إلى أن جاءته فرصة إيصال سيارة إلى ليبيا وتحديدا إلى طرابلس شرط أن يقودها بما انه سائق محترف، حين وصل مع صاحب السيارة الذي أعطاه 10 دنانير شفقة، توجه إلى أوتيل يعمل بنظام الدور، بحيث ينام سبع ساعات فقط، ليأتي غيره وينام علي الفراش نفسه سبع ساعات وهكذا. تقدم للعمل في الصحافة الليبية فلم يقبل لأن كل السياسيين العرب هناك صاروا صحافيين، لدرجة تحولت معها الصحافة هناك إلى صحافة مقالات. مرة أخرى عمل لجوءا إنسانيا عند ابن عمه في غريان التي تبعد 90 كم عن طرابلس، فعرفه علي صديق يعمل في جريدة البلاغ التابلويد، طالبا منه كتابة مقالات مقابل مبلغ معين، حينها وجد عبد الباري في جريدة التايمز التي اشتراها من طرابلس معلومات عن تسليح أمريكا لإيران، فكتب مقالة هاجم فيها الشاه بعنوان ماذا تهدف أمريكا من وراء تسليح شاه إيران ، وذهب ليسلمها إلى الجريدة، لكن قيل له أن التعليمات تقضي بمنع الهجوم علي الزعامات الإسلامية، ترك الصحافي المبتديء آنذاك المقال الذي كان فاتحة خير عليه وخرج غاضبا. بعد يومين كانت الدنيا مقلوبة، بعد نشر المقال في صفحة كاملة من جريدة البلاغ والعنوان ببونط أحمر كبير، وبعد أن نقل كل من التلفزيون والإذاعة ما جاء في مقالي، قائلين انه بقلم الكاتب الكبير عبد الباري عطوان، راجعت الجريدة لأعلم أن رئيس التحرير يبحث عني. حين قابلته طلب أن اختار بين العمل معه أو مع صديقي عبد الرحمن شلقم وكان أيامها رئيس تحرير مجلة الوحدة العربية ، أو مع جريدة الفجر الجديد وبرواتب عالية، وأنا كعادتي اخترت الجريدة المغضوب عليها، أي البلاغ علي أساس أنها التي اهتمت بمقالتي. بعد سنة كنت في زيارة أخي في جدة، وهناك حصلت علي فرصة عمل في جريدة المدينة ، لكن عندما تقدمت إليها قيل لي أنهم لا يعترفون بالشهادات، بل يريدون محررا مترجما، وأذكر أن سباعي عثمان هو من اختبرني. بعد أربعة أيام من الاختبار أوصى بتعييني علي أساس أن لغتي العربية والإنكليزية جيدة، وما إن أصبحت وسباعي صديقين حتي اكتشفت انه لا يعرف الإنكليزية، فسألته علي أي أساس قيّم عملي، أجابني: لغتك العربية ممتازة. بدا ضيف الحوار وكأنه استعاد الموقف بكامل تفاصيله وضحك متمتما . عندما تغير رئيس تحرير المدينة حاول الحرس القديم التآمر علي الرئيس الجديد فتعاطف معه عبد الباري وأظهر تعاونه، لأنه وجد فيه الرجل العلمي والعملي والمهني. بعد شهرين أخبره أنه يريد الذهاب إلى الإمارات التي كان يجدها أفضل من السعودية فهي أكثر انفتاحا وراحة، لكن رئيس التحرير أبدي رغبته في بقائه معهم. سألني حينها عن راتبي، لأخبره أنني لم أتقاض أي مبلغ منذ أن عملت في الجريدة، فطلب مني تحديد المبلغ الذي أريده، ورغبت في مهلة لأسأل أخي الذي يتقاضى 700 ريال، فقال لي اطلب 1500 ريال وبدل سكن شهرين، وفي أسوأ الأحوال يعطوك ألفا، عدت لرئيس التحرير وقلت له والله أنا اقل من 1500 ما باخذ وكمان بدي شهرين بدل السكن، فأخبرني أن بإمكاني مراجعة الشؤون الإدارية في اليوم التالي لتوقيع العقد، وكاد يغمي علي حين وجدت الراتب 3000 ريال، وبدل سكن أربعة أشهر و500 ريال بدل مواصلات، مع احتساب المدة التي عملتها، عدت إلى أخي ومعي حوالي 25000 ريال، فاشتريت له مكيفا وثلاجة وجهاز تلفزيون، صرت فيما بعد أعطيه راتبي بعد اقتطاع جزء منه، مصروف سيارتي المازدا الكحيانة .

الشرق الأوسط والقدس


مع الأيام تحسن وضع الجريدة وزاد توزيعها ودخلها الإعلاني عشرة أضعاف، لكنه شعر أنه زهقان لهذا صار يكتب بجرأة ليطاردوه ويتغير إيقاع حياته الرتيبة، من خلال عمود يومي سياسي استلمه بدلا عن زميل تعرض للمرض، أعجب القراء بكتابته وهكذا بقي صاحب العمود الجريء الذي عمل ضجة أيام كانت أحداث لبنان مشتعلة والمقاومة في عزها. لم يخفف عطوان من جرأته وحدته حتي عندما وصل رئيس البرلمان اللبناني حسين الحسيني إلى السعودية في زيارة رسمية، وقام الأخير بشتم المقاومة، حينها هاجمه في مقال اعتقد الناس من خلاله أنه مدعوم ومحمي، وعلي هذا الأساس بإمكانه الكتابة عما يريد، علما أنه حينها لم يكن مقيما شرعيا في البلد. ذهبت إلى لندن بعد تعاقدي مع الشرق الأوسط وحين وصل وزير الإعلام آنذاك محمد عبده يماني إليها طلب مقابلتي، فذهبت للقائه فقال لي أحسن قرار سمعته في حياتي هو أنك جئت إلى لندن لأنني كنت خائفا أن يطلب مني ترحيلك، ونحن نحب كتاباتك، نعم أعترف اليوم أنني كنت مجنونا آنذاك اكتب بشكل غير مألوف في بلد محافظ . وأخيرا وصل عبد الباري في الثمانينات إلى لندن، ذاك الصحافي الفلسطيني الذي أسس لنفسه حضورا في مصر وليبيا والسعودية، حاملا خوفه معه، من الاعتقال والبوليس، وخنق الحريات، ولم ينسحب هذا الخوف منه إلا بعد حصوله علي الجنسية البريطانية، ليدرك حينها أن أحدا لن يهدده بسحب جنسيته، ويطارده، أو يعتقله دون سبب، وليتأكد أنه أصبح مواطنا حرا. بقيت في الشرق الأوسط إلى أن ظهرت فكرة القدس العربي المشروع الفلسطيني، أيام كانت منظمة التحرير والانتفاضة في عزهما، وفترة إعلان الدولة الفلسطينية عام 1988، حيث قرر أصحاب جريدة القدس المحلي إصدار طبعة دولية واختياري لأكون رئيس تحرير لها، من هنا رأيت انه علي هذه الجريدة أن تكون قفزة إعلامية حقيقية، كما قررت من اليوم الأول أن تكون مختلفة، ليست جريدة نظام، بل جريدة العرب، بعد سنة دخل صدام حسين إلى الكويت فأخذت موقفا معاكسا للغالبية الساحقة أي ضد أمريكا والمشروع الأمريكي الذي كنت أعرف أنه سيدمر المنطقة العربية، في البداية أمسكت العصا من منتصفها، وطالبت بوجود حل بين العراق والكويت، لكن عندما صدر قرار الجامعة العربية، ووصلت القوات الأمريكية كتبت افتتاحية قلت فيها نحن نحب الكويت لكننا نحب العراق أيضا. وان القوات الأمريكية جاءت لتحتل العراق وتهين الشعب العربي. ونحن في هذه الحالة ضد الخندق الأمريكي .

خارج السرب


بدأت معركة رئيس تحرير القدس العربي مع الأنظمة لأنه غرد خارج السرب، ولأنه كان دائماً مع المعسكر الخاسر، ففي قناعته أن 80% من الشارع العربي مع هذا المعسكر، ضد المعسكر الثاني الأثقل لأنه ضم دول الخليج حيث الثقل المادي، ومصر الثقل البشري الضخم والتاريخي وسورية الثقل الثوري، هذا المعسكر الذي أشعل الحرب ضده، وحطموه كما يقول، فكان أكثر من هوجم في الصحافة العربية الكويتية والمصرية، وهو علي قناعة أنه اتخذ الموقف الصحيح أي موقف الشارع العربي وأنه ظلم كثيراً، وإلي الآن ما زال متمسكاً بموقف الشارع، وما زال مظلوماً.

بن لادن


في نوفمبر عام 1996 التقيت أسامة بن لادن في جبال تورا بورا، كان بسيطاً جداً ومتواضعاً جداً، يأسر القلب بأدبه وتواضعه وبلطفه الجم، كان خفيض الصوت لا يكذب أبداً، وكان طويلاً، تم اللقاء بعد أن أرسل لي من خلال ممثله الرسمي في لندن خالد الفواز، والذي أخبرني أن أسامة يرغب بلقائي، فهو يجب كتاباتي، ترددت في البداية، وتساءلت لماذا أذهب إلي أفغانستان حيث الحرب الأهلية والفوضي، كنت خائفاً من غياب الأمن والأمان، ومن الموت، ثم ما هو السبق الصحافي الذي سأحققه، حقيقة لم يكن عندي فضول أو رغبة بأن يقال عني بطل، فأنا أولاً وأخيراً رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة، كل ما كنت أعرف عنه أنه ضد الأمريكان ويريد إخراجهم من الجزيرة العربية، وأنه مع الإصلاح في السعودية، ورغم كل المخاوف التي سيطرت علي قررت الذهاب كي لا أصف نفسي أو يصفني الآخرون بالجبن، ولا أخفيك بأنني لم أخبر زوجتي، كما لم أتوقع العودة حياً، كانت المسألة مرعبة والطريق خطرة والرحلة شاقة بكل المقاييس، فبعد وصولي إلي بيشاور تم تهريبي عبر الحدود وحقول الألغام، إلي أن وصلت إلي جلال آباد فأقمت مع ثلاثة سواي في فندق مهجور بلا ماء أو كهرباء أو أكل، بعد ثماني ساعات من السير في جبال تورا بورا وصلت وبقيت معه يومين في كهف مدفأ بأنابيب يمر فيها البخار، علي ارتفاع 3000م، وفي درجة حرارة 25 تحت الصفر، فطورنا خبز مع شاي حلو جداً وخمس بيضات لعشرين شخصاً، الغداء بطاطا مع صلصة طماطم مع الدهن وقليل من الرز والخبز، والعشاء جبنة معفنة، عندما صحوت في الليلة الأولي لصلاة الصبح سألتهم عن الحمام فقالو لي هل تعتقد أنك في الشيراتون، فذهبت خلف شجرة وتوضأت بماء بارد فكدت أتجمد من البرد، يومان وأنا مع الرجل الذي تمني الموت فمرارته غير عادية من الأمريكان لأنهم استخدموه مع المجاهدين العرب، ثم تركوهم وخدعوهم، واليوم أحمد الله أنني ذهبت للقائه لأنها نقطة تحول تاريخية في حياتي المهنية والإنسانية، لهذا أتمني لقاءه ثانية لكنني اليوم أخاف، خاصة أنه دعاني بعد شهر من أحداث نيويورك، وهذا الكلام أقوله للمرة الأولي، لكني فضلت عدم الذهاب فلربما تبعني الأمريكان وقتلونا كلنا، ولو قتل وحده لقيل إنني خدعته، ودللت الأمريكان علي مكانه، وفي الحالتين خراب بيت، بعدها اختفي أسامة، وأعتقد أنه في مكان آمن خارج أفغانستان، لأنه ذكي ويعرف المنطقة جيداً، بدليل الأشرطة التي يصورها.

ناجي العلي


ناجي العلي كان صديق عبد الباري أيضاً فكلاهما جاء من المخيم مع اختلاف الأمكنة، كان ناجي يطمئن إليه، فيلتقيان دائماً، ويتحدثان رغم حدة آرائه ومواقفه، وعندما استشهد، عمل عطوان بياناً موقعا من الصحافيين أدانوا فيه الجهة التي قتلته مع التلميح لمنظمة التحرير، علما أن روايات أخرى تقول أن إسرائيل استغلت غضب المنظمة عليه التي كانت متضايقة جدا منه، وتحديدا الرئيس عرفات، ويستحضر من ذاكرته حدثا عندما اتصل أحمد عبد الرحمن به ورجاه أن يحذر ناجي ويطلب إليه أن يتوقف ويكف، لهذا لا يستبعد عبد الباري أن تكون المنظمة هي التي قامت بتصفيته، وذلك حسب التهديدات التي كانت ترد، لكنه لا يستبعد شخصيا أن تكون إسرائيل قد دخلت علي الخط أو ربما العميل الذي صفاه كان مزدوجا، ثم أن صحيفة الديلي ميل ألمحت فيما بعد إلى تورط إسرائيل، وبعدها قامت بريطانيا بإبعاد 12 موظفا إسرائيليا من السفارة الإسرائيلية في لندن، وإلى الآن لا أدلة تدين أحدا.

عطوان في القفص


تغيرت حياة عبد الباري عطوان، ورغم أنه قرر عدم الزواج متأثرا بمسيرة شقيقه، إلا أنه وقع في المصيدة ودخل القفص الذهبي بعد فشل علاقة حبه التي كان يعيشها. لم يكن الزواج أصلا في أجندة حياتي، كان قراري أن أعيش عازبا، فأنا عاشق للحرية، خاصة أن الصحافة أعطتني مجالا كبيرا للسفر والتنقل في معظم الدول الأوروبية، كنت في شبابي مهموما بالتجوال، مسخرا كل طاقاتي كي أعيش الحياة كما هي، لكن فيما بعد وصلت إلى مرحلة تعبت فيها من الحرية، خاصة أن حريتي كانت جدا متطرفة، وهكذا تزوجت من إحدى قريباتي وذهبت من النقيض إلى النقيض، لكني ندمت واكتشفت الفارق بين تعب الحرية وتعب الزواج، فيه شعرت أنني فقدت عنصر المغامرة، وأنا اليوم مش فاضي ، ورغم أن المرأة جميلة لكنها متعبة وضرة للصحافة، وكأنها وظيفة بدوام كامل، وهذا لا يمنعني من القول أن الرجل أناني يريد كل شيء علي هواه، كما يريد من المرأة أن تكون زوجة من زمن الثلاثينيات، تجلس في البيت ولا تسأله عن أي أمر يتعلق بحياته وأصدقائه ومعارفه، الرجل يريد امرأة بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل، وهذا ظلم كبير لها. أنجب عطوان ثلاثة أولاد، خالد عمره عشرون عاما وندي 17 عاما وكريم أربع سنوات، وهو نادم وشعر بتأنيب ضميره لأنه لم يعش كثيرا مع خالد وندي كثيرا، ولم يستمتع بطفولتهما، ولم يرهما يكبران، حيث كانت جريدة القدس العربي في بداياتها، أما علاقته بابنته فهي حميمية جدا يعاملها وكأنها ابنة السنوات الثلاث، متأسفا ومتعاطفا معها لأنها أخذت شكله ولون عينيه، بعكس شقيقيها اللذين ورثا شكل أمهما. لو عادت بي السنوات إلى الوراء لاخترت ذات الطريق، لكن لا أتزوج، وان شاء الله زوجتي ما تقرأ الموضوع، أختار ما اخترته، وأقع في ذات الأخطاء خاصة أنني تعلمت كثيرا من أخطائي، فالصحافة أنصفتني رغم الهجوم الذي أتعرض له فهو أمر طبيعي وهو نابع من مغرضين أو من موجهين، ولو كنت إنسانا نكرة وغير فاعل لما هاجمني أحد، فبقدر حجم الهجوم يكون حجم التأثير، لكن أرفض الدفاع عن الذات، ودائما أسير حسب الآية القرآنية وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما فليقل أي كان ما يشاء، أنا أعرف نفسي، ومحبة الناس لي، ويكفيني حين أذهب إلى مدينة مثل طنجة يحضر من الأشخاص ما يقارب أربعة آلاف شخص، وعندما أذهب إلى تونس يغلق شارع الحبيب بورقيبة بسبب الناس الأمر الذي أبكاني ونزلت دمعتي أمام الملأ فكتبت جريدة الشروق التونسية وبكى عبد الباري عطوان كما يسعدني أن أكون في مخيم الوحدات أمام حوالي عشرة آلاف شخص فأغلق المخيم، أليس في هذا معني، كل ذلك يمنحني الثقة ويمنعني من الرد.

تهديدات


قبل الحرب علي العراق وصلته رسالة لم يخف منها، وما زال محتفظا بها، معتقدا أن مصدرها أمريكي جاء فيها: أنت تحرض الناس ضدنا كأمريكان، وأنت ناجح وتأثيرك قوي، وتستغل الفضائيات في التحريض، ونحن نحذرك، إن استمررت سنمنعك من الظهور عبر الفضائيات وإذا تمادت جريدتك، سنغلق القدس العربي وأنت تتكلم عن عيوب الناس، لكنك نسيت عيوبك، وحتى إن لم يكن عندك عيوب سنخلقها لك، وأمامك أرواح، وعليك أن تتحدث عن القضية الفلسطينية بما يؤدي إلى دعم عملية السلام، وأرجو أن تفهم هذه الرسالة جيدا ، واليوم أجد تطبيقا للرسالة فكل الفضائيات العربية الآن قاطعتني عدا الجزيرة التي تستضيفني بين حين وآخر لرفع العتب وقناة الحوار الفضائية، ثم إنني تلقيت الكثير من التهديدات من دول عربية، ومنظمات عنصرية أوروبية متطرفة، مثل كلو كلوكس كلان التي قتلت مايكل اكس ومارتن لوثر كينغ، كما أوصلوا لي رسالة إلى البيت وكتبوا فيها نعرف كيف نصل إليك، لكنها لم تؤثر في، وحين يقول لي البعض أنهم خائفون علي أجيبهم بأنني لست بأحسن من الذين استشهدوا علي الأقل أنا عشت عمري، في حين أن هناك من قتل واستشهد في أعمار مبكرة، ولأنني ما زلت قادرا علي العطاء فقد بدأت بتأليف كتاب عن القاعدة وأسامة بن لادن لصالح شركة نشر بريطانية كبري، ربما أفكر لاحقا بترجمته إلى العربية . انتهي اللقاء مع عبد الباري عطوان وقد فاتته الطائرة المتجهة إلى لندن، لكنه في حديثه حكي عن قصص لم يقلها لأحد لأنه أراد كتابتها، وحسب قوله فقد استدرجته، متمنيا ألا تقرأ زوجته اللقاء في المجلة كي لا يقع في مشاكل، هذا هو عطوان الذي يعترف أن ما حققه لم يحلم بأكثر من 10% منه، لكن نجاحه هذا هو بذرة مخيم دير البلح.



منقول

----------------------------

-----------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس4444

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان 322201584
فارس4444


ذكر عدد الرسائل : 11322
العمر : 39
الدولة : اليمـن الجـديـد
تاريخ التسجيل : 02/11/2008

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان   الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Emptyالإثنين 5 أبريل 2010 - 7:12

مشكور على تعريفك الرائع
بالاستاذ عبدالباري عطوان


الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان 8306



الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان 191997657
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://fares4.maktoobblog.com/
فارس4444

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان 322201584
فارس4444


ذكر عدد الرسائل : 11322
العمر : 39
الدولة : اليمـن الجـديـد
تاريخ التسجيل : 02/11/2008

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان   الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Emptyالإثنين 5 أبريل 2010 - 7:20

كعربي مغترب أقف محترما لكاتب من طراز عبد الباري عطوان.. ليس من السهل أبدا أن تفرض نفسك في مجتمع لا يقاسمك أي شئ من ثقافتك و دينك و عاداتاك.
المجتمع الأوروبي لا يعترف إلا بالكفائات و استضافتك في القنوات الإخبارية البريطانية و الجامعات العالمية خير دليل على احترافيتك و صدق مواقفك..
فبوركت و دمت قلما مدافعا عن الحق و أهله


الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان 191997657
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://fares4.maktoobblog.com/
أبوغانم المليكي

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Biere9
أبوغانم المليكي


ذكر عدد الرسائل : 2503
العمر : 49
الدولة : السعودية
تاريخ التسجيل : 12/06/2009

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان   الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Emptyالإثنين 5 أبريل 2010 - 9:22

كفيت وأوفيت يابن المحيا

سيرة رائعه

لشخصية من أروع وأقوى الشخصيات

في الوقت الحاضر

على مستوى الوطن العربي


تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس المحيا

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Default4
فارس المحيا


ذكر عدد الرسائل : 289
العمر : 38
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 08/11/2009

الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان   الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان Emptyالأربعاء 14 أبريل 2010 - 15:58

--------------------------
--------------------------
الإخوه
-------------------
فارس
جار القمر
-------------------------------
مشكورين على ردودكم هذه
اتجاه صاحب الشخصية الكارزميه القومية
الأستاذ عبد الباري عطوان
-------------------------------------
تحياتي لكم أينما تكونوا

---------------------------
---------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأستاذ الكبير عبد البارى عطوان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأستاذ/محمدعلي أحمدناصرالبكاري
» سناريوهات مرعبه في ليبيا(عبدالباري عطوان)
» الأستاذ/ياسين ثابت أحمدالجبيحي..
» الأستاذ/سلطان السامعي..
» الأستاذ/عبدالمنعم الجابري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الـمـنتــــدى :: أعلام وشخصيات-
انتقل الى: