عدد الرسائل : 267 العمر : 38 الدولة : اليمن تاريخ التسجيل : 29/04/2009
موضوع: إليكِ يا أمي الأحد 27 ديسمبر 2009 - 7:24
إليك يا أمي :
هذا النداء الذي أحب أن أناديك به , وهذا هو اللقب الذي منحك إياه الرب جل جلاله , وهذا هو الوسام الذي أضعه على صدرك .
أمي .... بعدما أتوجه إليك بنداء الحب والتقدير , وعندما أرى ضُعف صمودي أمام رياح الجهل وتيار الطفولة , وقتها لا أتمنى سوى أنهارٍ من دعواتك الجليلة تغسلين بها هذا الضعف حتى أقوى على الثبات والصمود .
وعندما أعشق الجنة , وأنسى أنها تحت قدميك العظيمتين , أتهم نفسي بالانطواء .... فدعيني الآن أُقَبِّلُ قدميك حتى أنال أمنيتي , وأغسل أخطاء الكبرياء بانحناءةٍ بسيطةٍ نحو قدميك .
أمي .... قد لا نلتقي يوماً ـ ولسنا بأول من يفترقان ـ فهذه حقيقة لابد منها , فامنحيني الآن دموع الوداع الأخير , ودعيني أمسحها من أمام عينيك كي تغسل دموعك أدران العقوق .
أمي .... سامحيني الآن إن رفعتُ صوتي ظلماً وجهلاً فوق صوتك الحنون , ورسمتُ على وجهي ألسنة اللهب في حين كنت راسمةً على وجنتيك واحات الحنان .
أمي .... امنحيني الآن عفوك العام عن سجلات الأخطاء التي لولا عفوك عنها لما استطعتُ أن أحبوَ قيد شبرٍ نحو النعيم .
أمي .... لقد أدركتُ اليوم وأنا أشتاق إلى لقاكِ كم هو مقدار الحب والحنان اللذَين يحتويهما قلبك , فقد حدثني الدهر وأخبرتني الأيام بأن قلبك لا يحتوي إلا الحب ولا يتسع إلا للحنان , ولا يقتات إلا العطف , وليس للحزن إليه سبيل .
فلذا كان لزاماً عليَّ أيتها الأم العظيمة , أيتها الملاك الحنون أن أقف أمامك وقفةً ظاهرها وباطنها انخفاض جناح الذل , فأنت وحدك من يعرف ما بيني وبينه ـ بعد الله سبحانه وتعالى ـ .
أمي .... دعيني الآن أتلو بيان الاستعطاف أمام قدسية مكانتك الجليلة , فسلامٌ عليك وأنت تسمعينني وأنا أتلو البيان أمام صمود عينيك وكأنك تسمعينني بعينيك لا بأذنيك .
أمي .... حارت أمامي الكلمات , وخذلتني الحروف , وعابني الدهر , ولم أجد سوى دموعي أستنير بها في وطأة الليل , وأسترشد بها في متاهات الطريق ومنعطفات الأيام نحو قلبك الدافيء .
فهل لي الآن أن أرى منك ما أصبو إليه وما أوزعه على الساعات واللحظات من الأماني ؟؟؟
هل لي الآن أن أرتمي كطفلٍ بريءٍ بين أحضان حنانك وبين دفء عينيك ؟
هل لك الآن أن تريني ما أحلم به من هناءٍ وسط ابتسامتك كطفلٍ ظل عنكِ طويلاً ثم تجدينه بعد حين .
أمي .... تتزاحم الدموع وسط عيوني كلما يمَّمتُ بوجهي وذاكرتي نحو الماضي وكأنها تنتظر منكِ أمراً بعدم الإنسكاب , فأنت الآن من يملك حرية التحكم بهذه الدموع .
أمي .... لقد قررت أن أخون كل أنظمة العصور , وأخالف كل قرارات العالم , وأرفض عيدك الذي منحكِ إياه العالم بأسره , فأنا لا أعترف به أصلاً , أتدرين لماذا ؟؟؟
لأنني أرفض أن يكون لكِ يوماً واحداً بل كل العمر لك عيداً وكل اللحظات لك سرور , فأنتِ فوق الأعياد وأنتِ فوق الاحتفالات .