على بقعةٍ لم تكن بالمترامية الأطراف , ولا بالمتسعة جداً , على بقعةٍ لم تتسع لسوى مجموعةٍ بسيطة وصغيرةٍ ممن يستلزمهم العيش في هذه البقعة .
تقدمت الأيام , وتوسعت الأطماع , وزادت الضغينة . ونشأت الأحقاد بين ساكني هذه البقعة . بدأ كل واحدٍ من أفراد العائلة الواحدة ينظر لقريبه كخصمٍ لدود بل كعدوٍ توارثه منذ زمنٍ سحيق .
لم يدرك أيُّ أحدٍ مدى مخاصمته للآخر ولا ماهي العواقب التي ستنشأ جراء هذا النزاع العقيم , المهم عنده كيف يحصل على فريسته ولو دفع جراء ذلك روحه .
كالكلاب الضالة في غابة ملأتها الأسود والنمور تريد أن تنال مما تصطاده أمهات الغاب فتتعرض للاعتداء الدامي ويُنهشُ لحمها وتتمزق جلودها ولم تحصل على شيء سوى ما تتلقاه جراء هذا الاعتداء .
تهجم المرة تلو المرة وفي كل مرة تنال نصيبها من الاعتداء الدامي وتعود قافلةً تجر أذيال الخيبة ولم تحصل من الفريسة على شيء .
مثل هذه الكلاب تماماُ هناك فئاتٌ من البشر تريد أن تنال فريستها من الآخرين بالاعتداء الآثم لا تراعي في ذلك علاقة اجتماعية , ولا قرابة ولا خصوصيات انسانية , ولا ما يدل على وجود المودة الانسانية بين فئات البشر .
من أجل ذلك ترى هذه الفئاتُ الفريسة في قبضة الآخرين فيسيل لها لعابهم , ويتناسون كما أسلفت العواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك .
يقدمون للإستيلاء على هذه الفريسة بكل شراسة وبكل حماقة وبكل فقدان للعقل وفقدان للسيطرة الذاتية والتحكم بالأعصاب النفسية .
فهم بذلك كالفراشة التى ترى النور وتتعامى عن النار فتندفع ملقيةً بنفسها في وسط النار فيبقى النور والنار قائمين وتهلك الفراشة نفسها , واللوم هنا كل اللوم عليها , وليس للنار أي جناية أو إثم .
ما أعنيه هنا قد لا يخفى على أحد وإن كنت لا أقصد شيئاً بعينه أو أحداً بذاته , غير أني أدرك تماماً أن البعض يفهمون تماماً الذي أقصد وما أعني .
قد أدع شيئاً غامضاً في كلماتي ولكن الأيام تأبى الغموض فتبدي كل ما تخفيه الحروف وما تُكِنُّه النفوس ,
فإن أبدت الأيام ما أخفيه فهذا الذي أريد وإلا فيستلزم عليَّ أن أكون أكثر وضوحاً وأقوى شفافية .
والذي أعنيهم هنا بمن يفهمون ما أقوله لا أقصدهم أشخاصاً يعرفونني , أو يعرفون ما الذي أود أن أكتب من أجله , لكنني أقصد هنا كلَّ قاريءٍ لهذه الكلمات بقلبه وعقله وليس بلسانه .
فالكلاب الضالة منتشرةٌ في كل ربع وفي كل زمان وأنيابهم الشرسة التي يحاولون بها خدش الكرامة مكشرةً على الدوام , غير أن للكرامة وللطهر وللشرف مقاومةً ودفاعاً يردعان أي محاولةٍ للنيل منهما .
هنا كان لابد من وقفة ضرورية على هذه النقطة , والتي أعني بها النيل من الكرامة والشرف فالكلاب الحقيقية وكذلك الرمزية ترى الفريسة بأم عينيها بائنةً وماثلةً أمامها وقد تصل إليها تارة , وتُمنع منها تاراتٍ أخرى ,
وإن كانت لتدرك تماماً أن نيل الفريسة صعب المنال ـ فهي كمن يحاول اقتناص الشمس برمية نبل وأنَّى له ذلك ـ لكن تعنتها وحبها للعناد يجعلها تدفع دماءها وروحها أحياناً رخيصةً من أجل شيءٍ تافهٍ لا يسمن ولا يغني من جوع , فهي تتمترس خلف حب الظهور وحب العظمة الزائفة وحب المجد التقليدي .
وقد تكون الفريسة بالنسبة لهم شيئاً يستحق أن يُضحَّى من أجله وأن تُدفع من أجله الروح والنفس ثمناً , وأنا أقول لمثل هؤلاء إن الفريسة ليست وطناً أو ديناً سماوياً يستحق أن تفتديه بروحك , إنما هي (لعاعة) .
أخيراً يجب على كل من يبحث عن فريسةٍ ليس له فيها نصيب أو كسب ولم يبذل أدنى جهدٍ في الحصول عليها وإنما أراد أن يكسبها بعرق الآخرين وبجهد الآخرين وبكسب الآخرين , يجب على مثل هؤلاء أن يدركوا تماماً أن الزمن يحكم حكمه وأن الفريسة أو ما شابهها ليست سوى لمن افترسها أو منحها بقلب مطمئن , وأن الكسب لمن اكتسبه أو لمن منحه .
فإن استطاعوا أن يبتغوا نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فيحصلوا على شيءٍ ليس لهم فيه نصيب وليس لهم عليه قدرة فليفعلوا .
ابوسلطان
عدد الرسائل : 1858 العمر : 45 الدولة : اليمن تاريخ التسجيل : 14/10/2009
تأسرني كلماتك الهادفه وابداعك اللامحدود وثقافتك الواسعه واحساسك النبيل فلم أجدبدا من الوقوف أمام اطروحاتك أتأملها كلمةكلمة انهل من فيض عطائك فأجدنفسي مجبراعلى الرد شكرا لك اخي الكريم وننتظرالمزيد
ياوطني يسعد صباحك
لم الشمل لملم جراحك
ودي اشوفك يوم تضحك
متى الحزن يطلق سراحك؟؟؟؟؟
السفياني
عدد الرسائل : 3770 العمر : 44 الدولة : اليمن تاريخ التسجيل : 29/06/2009
إذاً هناك من يثبت دوماً أنه يبحث عن شيء وهناك من يثبت دوماً أنه يقرأ وهناك من يثبت دوماً أنه يعيش في قلوب الآخرين نشوان الفاضلي , السفياني , معاذ السفياني لابد أن أقرأ نظريات مودتكم فقد ثبتت براهينها في القلب دمتم بخير