- عيسى العوام
يخترق الحصار:
من نوادر القتال على عكَّا، أن عّواما مسلماً كان يُقال له عيسى، كان يدخل البلد بالكُتُب والنَّفقات على وسطه ليلاً على غِرَّةِ من العدو، وكان يغوص ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو وكان ذاتَ ليلةِ شَدَّ على وسطه ثلاثة أكياس فيها ألف دينار، وكُتبٌ للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه أمرٌ أهلكه، وأبطأ خبره – عن المسلمين – وكانت عادته إذا دخل البلد طار طائر عرف المسلمون بوصوله فأبطأ الطائر، فاستشعر هلاكه، فلما كان بعد أيام بينا النَّاس على طرف البحر في البلد وإذا البحر قد قذف إليهم ميتاً غريقاً فافتقدوه، فوجدوه عيسى العَّوام، ووجدوا على وسطه الذهب ومُشَّمع الكُتب وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رُئي من أدَّى الأمانة في حال حياته وقدّر الله له أداءها بعد وفاته إلا هذا الرجل ( ) .
قال العماد: فَعُدمَ – يعني عيسى – ولم يُسمع له خبر، ولم يظهر له أثر، فظنَتَّ به الظُّنون، وما تيقنت المنون، وكانت له لا شك عند الله منزلة، فلم يرد أن تبقى حاله وهي مجملة محتملة فوجد في عكا ميتاً قد رماه البحر إلى ساحلها، وبرأه الله مما قالوا، فذهب حق اليقين من الظنُّون بباطلها ( ).