بك أستجير ومن يجير سواكـا *** فأجـر ضعيفـا يحتمـي بحمـاك
إني ضعيف أستعين على قوى *** ذنبي ومعصيتـي ببعـض قواك
أذنبـت ياربـي وآذتنـي ذنـوب *** مالهـا مـن غافـر إلاك
دنياي غرتني وعفـوك غرنـي *** ماحيلتـي فـي هـذه أو ذاك
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا *** بكريم عفوك مـا غـوى وعصاك
يا مدرك الأبصـار ، والأبصـار لا *** تـدري لـه ولكنـه إدراك
أتراك عين والعيون لها مدى *** مـا جاوزتـه ، ولا مـدى لمداك
إن لم تكن عيني تراك فإنني *** فـي كـل شـيء أستبيـن علاك
يامنبت الأزهار عاطرة الشذا *** هذا الشـذا الفـواح نفـح شذاك
يامرسـل الأطيـار تصـدح فـي الربـا *** صدحاتـهـا تسبيحة لعلاك
يامجـري الأنهـار : ماجريانهـا *** إلا انفعالـة قطـرة لنـداك
رباه هأنذا خلصت من الهوى *** واستقبـل القلـب الخلـي هواك
وتركت أنسي بالحياة ولهوها *** ولقيت كـل الأنـس فـي نجواك
ونسيت حبي واعنزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خـوف أن أنساك
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى *** يـارب حلـواً قبـل أن أهواك
أنا كنت ياربي أسير غشاوة *** رانـت علـى قلبـي فضـل سناك
واليوم ياربي مسحت غشاوتي *** وبـدأت بالقلـب البصيـر أراك
ياغافر الذنـب العظيـم وقابـلا *** للتـوب: قلـب تائـب ناجاك
أترده وترد صـادق توبتـي *** حاشـاك ترفـض تائبـا حاشـاك
يارب جئتك نادمـاً أبكـي علـى *** مـا قدمتـه يـداي لا أتباكـى
أنا لست أخشى مـن لقـاء جهنـم *** وعذابهـا لكننـي أخشاك
أخشى من العرض الرهيب عليك يا *** ربي وأخشى منـك إذ ألقاك
يارب عدت إلـى رحابـك تائبـاً *** مستسلمـا مستمسكـاً بعراك
مالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا *** رب الغنـي ولا يحـد غناك
مالي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا *** ربـي ورب النـاس ماأقواك
مالي وأبواب الملوك وأنت من *** خلـق الملـوك وقسـم الأملاك
إني أويت لكل مأوى في الحياة *** فمـا رأيـت أعـز مـن مأواك
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة *** فلم تجد منجى سـوى منجاك
وبحثت عن سر السعادة جاهداً *** فوجدت هذا السـر فـي تقواك
فليرض عني الناس أو فليسخطوا *** أنا لم أعد أسعى لغير رضاك
أدعـوك ياربـي لتغفـر حوبتـي *** وتعيننـي وتمدني بهداك
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي *** ماخاب يوما مـن دعـا ورجاك
يارب هذا العصـر ألحـد عندمـا *** سخـرت ياربـي لـه دنياك
علمتـه مـن علمـك النـوويَّ مـا *** علمتـه فـإذا بـه عاداك
ما كاد يطلـق للعـلا صاروخـه *** حتـى أشـاح بوجهـه وقلاك
واغتر حتى ظن أن الكون فـي*** يمنـى بنـي الانسـان لا يمناك
و ما درى الانسان أن جميع ما *** وصلت إليه يـداه مـن نعماك؟
أو ما درى الانسان أنك لو أردت *** لظلـت الـذرات فـي مخباك
لو شئت ياربي هوى صاروخه *** أو لو أردت لما أستطـاع حراك
يأيها الانسان مهـلا وائتئـذ *** واشكـر لربـك فضـل ماأولاك
واسجد لمولاك القديـر فإنمـا *** مستحدثـات العلـم مـن مولاك
الله مازك دون سائـر خلقـه *** وبنعمـة العقـل البصيـر حباك
أفـإن هـداك بعلمـه لعجيبـة *** تـزور عنـه وينثنـي عطفاك
إن النـواة ولكترنـات التـي *** تجـري يراهـا الله حيـن يراك
ماكنت تقـوى أن تفتـت ذرة *** منهـن لـولا الله الـذي سواك
كل العجائب صنعة العقل الـذي *** هـو صنعـة الله الـذي سواك
والعقل ليس بمـدرك شيئـا اذا *** مالله لـم يكتـب لـه الإدراك
لله فـي الآفـاق آيـات لعـل *** أقلهـا هـو مـا إليـه هـداك
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجـاب لـو تـرى عيناك
والكون مشحـون بأسـرار إذا *** حاولـت تفسيـراً لهـا أعياك
قل للطبيب تخطفته يد الردى *** ياشافي الأمـراض : مـن أرداك؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجزت فنون الطب : من عافاك؟
قل للصحيح يموت لا من علة *** مـن بالمنايـا ياصحيـح دهاك؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة ***فهوى بها مـن ذا الـذي أهواك؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاك؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راع ومرعـى : مالـذي يرعاك؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لـدى الـولادة : مالـذي أبكاك؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسمـوم حشاك؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاك؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقل للشهد مـن حلاَّك؟
بل سائل اللبن المصفى كان بيـن *** دم وفـرث مالـذي صفاك؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميـت فاسألـه: مـن أحياك؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً *** فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاك؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً *** فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاك؟
قل للنبات يجف بعد تعهـد *** ورعايـة : مـن بالجفـاف رماك؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباك؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسألـه : مـن أسراك؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد *** كلّ شـيء مالـذي أدناك؟
قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر مـن دون الثمـار غذاك؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يانخل شق نواك؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النـار: مـن أوراك؟
وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً *** قمم السحاب فسله مـن أرساك؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله؟ من الـذي أجراك؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: مـن الـذي أطغاك؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا *** فاسأله : من ياليـل حـاك دجاك؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاك؟
هذي عجائب طالما أخذت بها *** عينـاك وانفتحـت بهـا أذناك!
والله في كل العجائب ماثـل *** إن لـم تكـن لتـراه فهـو يراك؟
يـا أيهـا الإنسـان مهـلا مالـذي *** بالله جـل جلالـه أغراك؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربمـا *** ثـآر الفضـاء لنفسـه فغزاك؟
اغز الفضـاء ولا تكـن مستعمـراً *** أو مستغـلا باغيـا سفاكـا
إياك ان ترقى بالاستعمـار فـي *** حـرم السمـوات العـلا إياك
إن السموات العـلا حـرم طهـور *** يحـرق المستعمـر الأفاكـا
اغز الفضاء ودع كواكبـه سوابـح *** إن فـي تعوبقهـن هلاكـا!
إن الكواكب سوف يفسد أمرها *** وتسـيء عقباهـا إلـى عقباك
ولسوف تعلم أن في هذا قيـام *** الساعـة الكبـرى هنـا وهناك
أنا لا أثبط من جهود العلم أو *** أنا في طريقـك أغـرس الأشواكـا
لكنني لـك ناصـح فالعلـم إن *** أخطـأت فـي تسخيـره أفناك
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء *** يصغ من الذهب النضار ثراك
سخـره يمـلأ بالسـلام وبالتعـاون *** عالمـاً متناحـراً سفـاكا
وادفع به شر الحياة وسوءها *** وامسـح بنعمـى نـوره بؤساك
العلـم إحيـاء وإنشـاء وليـس *** العلـم تدمـيـراً ولا إهـلاكـا
فإذا أردت العلم منحرفاً فمـا *** أشقـى الحيـاة بـه ومـا اشقاك