الحلقه الاولي قصة عازب

السلام عليكم

انا عازب .. هل عرفتموني ..
ليس من الضروري ان تعرفوني .. في الحقيقة لست ابن خلدون حتى تعرفوني .. فأنا لست هو لعدة اسباب منها ..

ان اسمي محمد ..

واني لم احبس في قصر ولم ابتدع مقدمة كمقدمته ..

لذلك لن اطيل في هذه المقدمة السخيفة التي لاعلاقة لها بالموضوع ..

تبا لي .. لا أعلم مالذي يدفعني لفعل هذا ..

عموما ...

قدر الله علي وابتلاني بداء العزوبية (احس اني جالس اشحذ بمسجد) .. وهو داء عضال تفشى في الامة ويا للاسف ..

وإنه لقد خطبت واحدة من بنات الحلال الملتزمات الحافظات للقرآن الواتي كان ينقصهن 10 سم حتى تلحقن بطولنا الفارع ونواسيها ويوافق عليها المجتمع الدولي وتحوز على ارضاء الاهل والاخوات والاخوان والجيران والخلان .. الخ ..

البنت ليست قصيرة بالمعنى التراجيدي الدرامي للكلمة .. ولكني انا طويل ونحيل بما لا يدع مجلا للشك في قصرها بجانبي ..

حقيقتن .. لم يكن الاهل والاخوات والاخوان والجيران والخلان .. الخ .. راضين عنها .. خصوصا ابي وأختي التي شاهدتها في الكلية ..

ابي كان رافضا من حيث المبدأ .. بحجةٍ اتى بها من زميله التاجر البغيض الذي هو من نفس القرية التي تسكنها تلك البنت ..
يقول فيها -اي الحجة- انهم ليسوا "قد المقام" (اظنه يقصد ليسوا طوال هبال مثلي)
وأنهم من عائلة فقيرة ومن نسب لايعيبة شيء سوى انه لا يحضى بإسم رنان في طبلة الامجاد وحروب الاتراك ..!
ويك أنه جوهر الصقلي على غفلة .. أطاح دولة وأقام دولة..!

لقد اوغل ابي في عرض مبرراته الا منطقية المعارضة لهذه الزيجة وبما يشبه المنطق ..
ولكني اشمخريت واشرأبيت للدفاع عن مبدئي وحقي في اتخاذ قراراتي المصيرية والامم المتحدة والدول الاسكندنافية ..

ولقد سحقت كل تلك الاباطيل والاراجيف التي كان والدي يرددها بين الفينة والفينة ليهز من ثقتي في اتخاذ قراري .. حقا اني مشمخر ..

استطعت ان ارغم الجميع لكي يوافقوا على اتمام هذه الخطبة .. وانه لقد في الخامس من رمضان المنصرم الموافق الحادي عشر من حزيران تيموز حزقيل السّفر الثالث عشر من انجيل يوحنا بولس الثاني ..

ذهبنا الى خطبة البنت برفقة ابي وأمي وأختي .. وفي وسط اجواء مشحونة مليئة بالزفرات والانتقادات والنقاشات الحادة .. وفي طريقنا اليهم احسسنا ان القرية بعيده وفي أعالي الجبال .. مما زاد حدة الانتقادات .. وحال ابي (مالي وللعلياء .. وتنفس الصعداء)

أمي المسكية هي الوحيدة التي كانت بصفي تواسيني وتأيدني .. ولكنها خارت سريعا فيما بعد لاقف وحدي بوجه التيار ..
وصلنا الى ذلك البيت البسيط بشق الانفس ..

كل شيء في ذلك البيت مزركش .. انها محاولة تراجيدية لاضفاء لمسات فنية على بيت شعبي اهلكه الزمن ..

وبعد كرم الضيافة اذن لي كي أراها ..

وبإختصار .. رأيتها وأعجبتني ..

وأعجبني فيها أنني احسست انها لتوها طلعت من كرتون ككرتون ثلاجة سامسنغ ومن بين فلين ..

وكأنهم للتو مزقوا غلاف العبوة الجديده عنها ..

انها غاية في الحشمة والحياء .. انها لم تستعمل من قبل لاي غرض كان ..

انها من البيت الى التحفيظ ومن التحفيظ الى البيت الى المدرسة الى البيت الى التحفيظ الى المدرسة الى البيت... الخ .. وأحيانا الى مجلس الرجال لتنظيفه عند اللزوم.

حتى لباسها ومظهرها .. كانا يوحيان لي بتلك التراجيديا الكامنة في روايات أنطون بافلوفيتش تشيكوف مع اني لم أقرأ له ولا رواية ..

انها تلك المرأة الريفية البسيطة المحافظة الجميلة العفيفة الهادئة الحازمة الطباخة التي لطالما كنت احلم بها .. انها حقا لن "تغث أهلي" بمطالبها العصرية ولن "تغث دين ابو شكلي" بحقوق المرأة وزي كذا ..

انها غاية في الصفاء والنقاء .. انني أهيض مشاعر الحسرة بداخلي ..

وافقت عليها سريعا .. وكان مصداق موافقتي المباشره هو بأن أوعز لامي كي تسلمني طقم الذهب كي أعطيها .. انها مكيده محبوكة تعلمها الاجداد إبان حروب الاتراك .. وكأن عقد الزواج سوف يبطل لولا هذه الحيلة التي وصت بها امي حتى كادت الجبال توصي معها ..

انها -اي سعيدة الحظ- للتو جلست بعد ان نوالتني عصير "تانغ" في كأس مزركش .. لم تقضي عيني وطرها من النظر اليها بعد الجلوس .. انها منذ دخلت بعصير الـ(تانغ) وببلوزتها السماوية المزركشة -ايضا- ذات الاكمام الطويلة قد اسرت عقلي .. طلبت طقم الذهب من أمي وواجهتها لافك غلافه وأسلمها .. وأنا ارمقها بنظرة المتلهف لاسعادها بطقم ذهب عيار 24 .. أحسست ان فك العبوه عمر طويل .. فأخرجتها من الكيس وأعطيتها فأخذته سريعا بحياء شديد مصحوب بابتسامه رائعة جدا .. ثم قامت هارعة بصحنها المزركش -ذلك ايضا- .. وانا كأني اتمتم ..طيـ .. شويـ ..طيـ ..راحت.

الخلل الوحيد انهم قالوا بأنها بيضاء ولكني لمحتها حمراء فاقع لونها ..!

عدت لابي متهلل التضاريس بارق الاسارير طيب الافانين شلولخ .. وابلغته بموافقتي .. فزفر وبسر .. ثم أطرق وفكر .. ثم نظر .. فأحسست اني بلغته وافاة امه .. فتمم الامر مع وليها وسلم جزئ من المهر على مضض .. وحاله .. (مرغم أخاك لا بطل).

خرجنا الى السيارة وعينيّ ابي الحمراء تبرقان شررا .. وهو يزفر .. مالذي جاء بنا الى هنا .. مالذي دهانا .. مالذي حدانا .. ماهذا المرتقى الصعب .. ماهذه القرية البائسة ..

انه يحطمني بدون ان يشعر .. لا ابالغ بكلمة "تحطيم" فجل ما يرجوه المرأ ليلة خطبته هو ابتسامات تعلوا الافواه وعبارات التبريك والتهاني ..

عموما .. هذا قطرة السيل .. فلاحقا قوبلت من اخواتي بهجمة قوية بحجة انها قصير ثم عاد ابي ليدندن على هذا الوتر

ثم اخواني يلوموني على التسرع في حين اني لم اتوظف بعد ..

ثم تكتمل الحفلة حين رضخت امي لهذه الانتقادات والضغوطات لاجدها في صفهم تقنعني بضرورة التراجع عن هذه الزيجة بأن الامر عادي وان فلان وعلان وزيدان ورونالدو وبيكهام فعلوها وتراجعوا عن خطبتهم.

احسست اني غارف في لجج .. وأحسست اني سوف اجلب كائن فضائي تعيس الى البيت وسوف يكون سببا في تعاسة اهله .. اني اقف حائرا بين مطرقة اهلي وسندان تلك الجميلة الطاهره وما سوف يحدثه تراجعي عن الخطبة في مشاعرها.

وبعد شهر من المخض والزبد .. قررت التراجع .. فهذا عمر وحياة .. وليس لعب .. وحياتي مع انسانه لايرغب بها اهلي هي حياة بائسة للطرفين .. كان قراري صائبا على ما يبدو .. رغم ما انا مثقل به من مشاعر حسرة ..

وما ان انتهينا في صمت حتى بدأت الدخول في دوامة جديده .. وقصص عجيبة .. سوف ارويها لكم في الحلقة القادمة ...

الى اللقاء ..

--------
أشكرك أخي العازب عمار
وقصة ذات حبكة جميلة وكلمات رائعة
لك التحية
--