أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جلال الدوسري

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي GreenStar
جلال الدوسري


ذكر عدد الرسائل : 6281
العمر : 46
الدولة : اليمن السعيد
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Empty
مُساهمةموضوع: أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي   أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Emptyالأربعاء 8 يوليو 2009 - 10:06

أبو ربية
كانت قطرات قليلة تتساقط أمام الدكان وأنا واقف أرتجف من البرد. ولكن تلك القطرات لا تهمني، أن الذي يهمني هو لماذا تأخر..؟ ولمحت على الجدران بقرب الدكان آخر رسم له رسمه بالأمس، إن الرسم يبتسم .. كم هو لطيف " أبو ربية " هذا..
اتخذت درج الدكان مقعداً ورحت في تجميع ذكريات عن " أبو ربية ".
كان ذلك من أعوام ثلاثة عندما أقبل وأنا جالس في الميدان الصغير أمام دكاننا. كان يسير بهدوء وهو ينظر إلى الأرض ويدفع الحجارة بقدميه، وفي عينيه تفكير عميق .. شيء ما كان يقلقه .. وعندما رآني ابتسم وقال: " هل تسمح لي بالجلوس؟ ونظرت إليه ضاحكاً: " ولم لا، الميدان حق الله. "
هز رأسه مستغرباً وهو ينظر إلى الميداني وإلي.
- هل بقي شيء في هذا العالم لله؟ أنني مستغرب يا ابني " الناس أكلوا حقوق الله .. هذا الميدان حق الحكومة وأنت هنا تمثل الحكومة.
رحت أقهقه: أنا التلميذ في الابتدائية أمثل الحكومة؟ . فكرة لطيفة!
- اجلس يا " أبو ربية ".
- أنت من فين تعرف اسمي؟
- ومن لا يعرف أسمك في أديس أبابا؟
جلس بجانبي وراحت عصاه الصغيرة تخط على الأرض خطوطاً بدت غريبة في أول الأمر، لكنها سرعان ما أصبحت تكون صورة مضحكة. تنفس بعمق وهو ينظر إلى ما خطته عصاه.
- اسمع: أيش أسمك؟
- سعيد
- تدرس في مدرسة الجالية؟
- أيوه في الصف الخامس . قلتها بفخر.
كان " أبو ربية " في الخامسة والثلاثين من عمره، أسمر الوجه غائر العينين، ذا ابتسامة غامضة تسخر من كل الناس.
- اسمع يا سعيد .. تعرف مين رسمت؟
-هذا حمار ...
ضربني على ظهري بعصاه بلطف قائلاً:
- شوف تمام.
لم يكن أمامي إلا صورة حمار، إلا أن الرأس كان غريباً لم يكن يشبه رأس حمار، ولكنه وجه شخص ما معروف.
-هذا " يا جحش "..
ورحت أضحك.. إن الصورة تشبهه تماماً.
- لكن ليش هو حمار؟
- اسمه باجحش ... وهو كمان حمار .. ما رضي أمس يعطينا " ربية "...
وصمت قليلاً ثم قال:
- ايش تشتهي تكون لما تكبر؟
أجبت بسرعة: - تاجر:
- حمار! ما تعرف أن التجار ناس بطالين؟ . تشتهي تكون بطال؟
- لا أشتهي أكون تاجر منشان أساعد الفقراء.
أيه يا أبني كلهم لما كانوا صغار مثلك كانوا يقولون إنه بيساعدوا الفقراء، واليوم معاهم فلوس كثيرة، نسوا الناس .. نسوا الفقراء.
واستمر:
- اسمع .. شوف با أرسم لك حاجة. تشتهي؟
- أيوه.
راحت عصاه ترسم بسرعة على الأرض، وبعد قليل كان شيء ما يشبه الجبال والشمس والناس والحمير، وأشياء كثيرة لم استطع أن أتبينها..
أيش هذا يا " أبو ربية " ؟
- بلادك.
وراح يرسم ويرسم، والعرق يتصبب من وجهه، ورأيت دمعة تنحدر على وجنتيه، وعيناه الغائرتان تحملقان في الصورة التي رسمها .. والتفت فجأة وأشار إلى البعيد:
- تعرف أن بلادك هناك .. جميلة .. كلها جبال وأشجار وشمس ووديان .. إيه أيش عرفك، عادك جاهل، ما كنت في اليمن؟
-لا.
- أيش عرفك .. اسمع لازم تروح اليمن، أيش تسوي هنا أيش معك هنا في بلاد الناس؟
لم أجبه. أنني أعرف أن بلاد والدي بعيدة. لقد سمعت والدي يتحدث كثيراً عن جدي الذي لم أره قط وعن أخوة لي لم أر حتى صورهم. وكذلك كنت أسمع من أصدقاء والدي عن أشياء كثيرة عن الذهب .. والجرائد وأشياء لم أكن أفهمها. وهمست إلى " أبو ربية " قائلاً:
-اسمع يا " أبو ربية " الجرائد أيش تقول؟
خبط على الأرض بهدوء قائلاً:
- أيش من جرائد، كلهم كذابين يا ابني لا تصدقهم، طماعين. يجروا وراء البيس، معك بيس بايأكلوك ما معك ولا حد بايسلم عليك. اسمع يا سعيد كل اليمنيين ليش يهاجروا هم خوافين، ما قدروا يجلسوا في بلادهم وهربوا منها، خلوها للملاعين، آه أنت ما تعرف بدأوا بالهجرة من ألف سنة.
يمكن أ:ثر ... قالوا " سد مأرب " تهدم .. ومن هدمه .. فأر([1]) صغير .. شوف كذابين، هم هدموا السد بفسادهم ما قدروا يبنوا سدود ثانية هربوا .. الله يقول : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ".
أيوه يا سعيد بلدة طيبة كانت معانا .. وبلقيس، ما سمعت عن بلقيس؟ عادك جاهل، لما تكبر باتفهم كل شيء، وبلقيس هذي كانت أول " حرمة([2]) "، في الدنيا ينتخبها الشعب رئيسة، شوف إلى فين توصلت حضارتنا، وأيش معانا ذي الحين؟ كلنا هربنا خلينا الحريم في البلاد، ما معانا اليوم إلا جنتين " ذواتي أكل خمط وإثل وشيء من سدر قليل".
تنهد بعمق مستمراً في حديثه: أيوه رجعنا نلحس النعمة في بلاد الناس،، وبلاد الناس، وبلادنا كله ذهب، الله قد قال في القرآن ما في أحسن من بلادنا، آه .. جنة بس تشتهي ناس تشتهي رجال.
وأصبحنا صديقين .. وكم ذهبنا معاً إلى منازل الأغنياء ليرسم صورهم على الجدران، هذا في صورة كبش ينطح صخرة. ونجلس بعيداً بينما يقترب الناس من الصور ضاحكين:
- تعرف يا سعيد: لو سافرت اليمن باكون غني.
- وباتنسي الناس الفقراء؟
ويقهقه مجيباً.
- لا ما با أنسى. في اليمن الواحد في بلاده، أما هنا نحن في بلاد الناس، تعرف الواحد غريب، عيب يتفرجوا علينا ويقولوا: شوف هذا اليمني يمشي حافي ولا ثيابه مقطعة لكن إيش نسوي، إذا كان الله أعطى الأغنياء قلوب من حجر. ونفترق مع المساء.
بالرغم من الصداقة التي كانت تربطني " بأبو ربية " إلا أنني لم أكن أعرف أين يعيش وكيف وكلما سألته كان يجيب:
- يا شيخ أرض الله واسعة.
- لكنك قلت الناس أخذوا أرض الله.
- طيب لا تزعل أرض الحكومة واسعة.
لقد كان " أبو ربية " يتفنن في رسم أولئك الذين يكرههم وكان يقول لي: " تعرف اليوم باجحش أعطاني خمس ربيات " ثم يضيف بفخر: " لكني رفضت علشان ما يقولوا أبو ربية طماع أخذت منه بس ربية واحدة . ".
كانت قطرات المستمرة في التساقط. والرسوم على الحائط تبكي مع المطر والشارع خال سوى من عربات " الجاري " المندفعة تحت المطر.
إلى أين ذهب؟ لا بد أن شيئاً ما قد حدث له، لم يغب طوال ثلاث سنوات كهذه المرة. لقد غالب مرة واحدة فقط وكان ذلك بسبب مرض ألم به، لقد كان منظره مؤلماً وقد نحل وأصبح كعصاه التي لا تفارقه ... ضعفاً واصفراراً. وقد أتى يعتذر عن تأخره ... وما زال صوته يرن في أذني وهو يقول:
- أيش نسوي، الله بلانا المرض .. قد نحنا فقراء ما معانا بيس عاده يزيد الفقراء مرض..
- لكن يا " أبو ربية " ليش ما تشتغل؟
- عادك جاهل ما تعرف .. يا ابني مش أنا اشتغل كل يوم؟ وأنت: كنت افتكر أنك عاقل تفهم أيش يعني الرسم ... اسمع الرسم أحسن شغل في الدنيا.
- أيوه لكن هذا الشغل ما يأكل أحد.
- ومن يشتهي يأكل؟ المهم الناس يكونوا مبسوطين لما يشوفوا الرسم حقي ... الناس يشتهوا يقول لهذا التاجر ولا ذاك إنه حمار أو كلب، ما يقدروا أما أنا أرسم ما أريده ولا حد يقدر علي حاجة.
- ليش؟
- تعرف لما تقول لواحد كلب يزعل .. لكن لما ترسمه زي الكلب أو الحمار، تخلي الناس يضحكوا عليه وما يزعل: هذي طبيعة الناس .. عادك صغير لما تكبر باتعرف كل حاجة.
لكن " أبو ربية " لم يعد. لقد مضى أسبوع. ومعظم رسومه قد انمحت من على الجدران، ما عدا صورة صغيرة رسمها لي وكم هي مضحكة..
لقد سألني مرة أيضاً:
- أيش تشتهي تكون لما تكون لما تكبر؟
أجبت بسرعة: -رسام.
كانت الصورة لي وفي يدي ريشة وتحت الصورة كتب " أبو ربية ": " برفية الصورة يا أهل الخير " وفجأة ترامى إلى أذني صوت والدي:
- مالك كل يوم عندك، بايقتلك البرد تشتهي تموت، هيا أدخل داخل وإلا باجي أربيك.
ولكني كنت أنظر إلى الشاعر وفي عيني حزن عميق. ودخلت وجعلت أنظر إلى والدي الذي كان منهمكاً في كتابة الحسابات وسألته بهدوء:
- أبا .. أبا .. فين " أبو ربية "؟
- زفروا به.
- لافين؟
- إلى اليمن؟
- ليش؟
- مجنون؟
***
وبعد خمس سنوات غادرت أديس أبابا إلى عدن . وفي ضجيج مقهى من مقاهي الشيخ عثمان وأنا جالس أحتسي قدحاً من الشاي لمحته مقبلاً.
وصرخت بسرعة:
- أبو ربية .. أبو ربية.
والتفت إلي ... وقبل أن أتمكن من القيام لمعانقته كان قد ترك المقهى وولى خارجاً .. جريت وراءه، إلا أنه غاب في الزحام. كان في ملابس ممزقة وقدمين حافيتين وفي وجهه آثار بؤس.
قال لي صاحب المقهى:
- من فين تعرفه .. اسمه المجنون .. جالس كل يوم يشخطط([3]) على الجدران صور للناس مثل الكلاب.
أجبته: إنه ليس مجنوناً.
- إذا كان مش مجنون ليش ما يدور له على شغل ويشقى على بطنه...
وصمت..
1961

--------------------------------------------------------------------------------
[1] ) إشارة إلى الأسطورة التي تقول أن فأراً كان ينحت في السد حتى تهدم.
[2] ) امرأة.
[3] ) يرسم باللهجة اليمنية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جلال الدوسري

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي GreenStar
جلال الدوسري


ذكر عدد الرسائل : 6281
العمر : 46
الدولة : اليمن السعيد
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي   أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Emptyالأربعاء 8 يوليو 2009 - 11:01

قصة رائعة
بكل معنى الكلمة

من يقرأها بتمعن
يجد أنها تعبر عن
واقعنا الحالي..

ورغم أنها كتبت
قبل الثورة بعام
إلا أنها كأنها
كتبت هذا اليوم..

‏~يالهذا الإبداع
في رسم تفاصيل
حياتنا المريره~

كم منا أبوربيه
وكم منا سعيد!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مختار عبادل

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي 15931518
مختار عبادل


ذكر عدد الرسائل : 1321
العمر : 36
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 25/04/2009

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي   أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Emptyالجمعة 10 يوليو 2009 - 16:54

مشكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور
يعطك الف الف عافية اخ جلال
سلمت يداك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جلال الدوسري

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي GreenStar
جلال الدوسري


ذكر عدد الرسائل : 6281
العمر : 46
الدولة : اليمن السعيد
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي   أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي Emptyالسبت 11 يوليو 2009 - 8:09

أشكرك أخي/مختار

على كرم مرورك

وقدأسعدني حضورك

حيث نترت زهورك

ورشرشت عطورك..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أبو ربـيــــــه :للأديب / محمدعبدالولي العبسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ملـــتـقى الشـــعـروالأدب :: القصص والروايات-
انتقل الى: