أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
أهلا وسهلاً بك زائرنا الكريم
نرحب بك ونتمنى ان تتكرم بالتسحيل
او اذا كنت عضو فعليك بتسجيل دخولك
مع تحيات
منتديات جبل حبشي


منتديات من لا منتديات له
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عالم سنان(الحلقة الثانية)

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبونواف البكاري

عالم سنان(الحلقة الثانية) Stars17
أبونواف البكاري


ذكر عدد الرسائل : 4034
العمر : 43
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 02/12/2008

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالأربعاء 17 يونيو 2009 - 11:45

2 - دولتا المقدم والنقيب!
يقدِّم "عالم سنان" فصلاً مثيراً، في رواية لما تكتب خاتمتها بعد، في علاقة القبيلة بالدولة في شمال اليمن، وفي دولة الوحدة من بعد. في هذا الفصل يظهر دوران من أدوار هذه العلاقة: الأول يتخذ نمط الدولة داخل الدولة، والآخر يدنو من نمط الدولة خارج الدولة. والصراع يدور بين إرادتين من أجل دورين آخرين: أرادها المقدم إبراهيم الحمدي دولة مواطنين وأرادها خصومه دولة نقباء ومقدمين. وتمثلات هذه الإرادة الأخيرة تبرز جلية صارخة، وأحياناً فضائحية، في الجزء الثالث من مذكرات الشيخ سنان، الذي يُزوٍّد الباحثين والقراء، بخاصة من الجيل الذي لم يعش تلك الفترة، بأدوات إضافية عالية القيمة والكفاءة، لقراءة الماضي واستكناه الحاضر والإمساك بالمستقبل، أو على الأقل ملامسته!
بعيداً عن الملاحظات الفنية والأحكام القيمية والتحيزات السياسية والايديولوجية، يكون من الانصاف إسداء الشكر لصاحب المذكرات الذي أقدم حيث أحجم عشرات غيره، متوغلاً في منطقة المحرم والمكبوت في الخطاب السياسي، وما قد يجره ذلك عليه من ضغائن وعداوات.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
<<<
يبدأ الشيخ سنان قصته مع حركة يونيو بإماطة اللثام عن تجمع سري نشأ في خريف الجمهورية الثانية، ضم إليه، ابراهيم الحمدي ومحمد سالم باسندوه وحسين المسوري والشيخ احمد المطري والقاضي عبدالله الحجري وأحمد دهمش وعبدالله الأصنج. يسكت الشيخ, وغالباً ما يسكت بعد أن يبدأ في عديد الأماكن من هذه المذكرات، عن الآخر الذي استهدفه هذا التجمع وعن المآل الذي صار إليه، مكتفياً بالإشارة إلى طابعه السري الذي اقتضى أسماءً كودية (حركية) واجتماعات تجري في الخفاء في واحدة من الدويلات المزدهرة داخل دولة القاضي الارياني.
يلفت العم سنان إلى علامات وإشارات على طموح الحمدي ومناوراته البارعة التي مكنته من إخفاء دوافعه على شتيت الأطراف التي كانت تتحفز للانقضاض على القاضي الارياني الزاهد في الحكم والبرِم من ابتزاز مراكز القوى المشيخية وتحرشاتها.
استطاع الحمدي قبيل شهر من وثوب الجيش إلى الحكم أن يغدو القطب الذي يجذب الجميع إلى مجاله، وهو تمكن من استمالة القاضي الإرياني في معركة تعظيم الفرص التي خاضها ضد العقيد محمد الارياني القائد العام للقوات المسلحة والعقيد حسين المسوري رئيس هيئة الأركان. وقد أمكن له في غياب الاثنين خارج البلاد، الترتيب, بمساندة من "العم سنان"، لتسليم السلطة إلى الجيش، مستبقاً انقلاباً آخر يرتب له الشيخ الأحمر والمسوري، طبق تقارير وتحليلات صحفية غداة الحركة.
استقال الارياني واضطر إلى الاستقالة معه أربعة شيوخ يمسكون بأسباب القوة هم: الشيخ الأحمر رئيس مجلس الشورى, والشيخ عبدالله أحمد المطري عضو المجلس والشيخ نعمان قائد بن راجح والشيخ سنان محافظ الحديدة (أو حاكمها في لغة معلقي الصحافة العربية سنتذاك).
عند هذه اللحظة الفاصلة يفضل صاحبنا الذهب إذ يمتنع عن الافصاح عن صاحب فكرة استقالة الشيوخ الأربعة ودواعيها، الاستقالة التي وصفها البردوني في كتابيه "اليمن الجمهوري" و"الثقافة والثورة في اليمن" بأنها أغرب استقالة في التاريخ اليمني. وهو قدم تفسيراً مغايراً للرواية المعممة عن حيثياتها، مستنداً على الأرجح إلى شهادات شفهية، فالرئيس الارياني اشترط تقديم استقالة جماعية إلى الحمدي باعتبار أن الحكم كان جماعياً منذ 5 نوفمبر 1967، مضيفاً أن الإرياني عندما عرف دوافع طُلاَّب استقالته أقالهم معه "حتى امتد أثرها عليهم إلى الآن (عام 1991)، إذ فقدت المشيخات أكثر أبهتها من ذلك الحين".
في 13 يونيو ذهب الحمدي والعم سنان إلى القصر الجمهوري لمقابلة الرئيس الارياني الذي كان مطالباً بالاستقالة من الشيخ الأحمر، ومهدداً من قبائل حاشد باجتياح صنعاء. أبلغ الارياني ضيفيه" لا أرضى أن يسفك دم من أجلي... وهذه استقالتي".
قال له الحمدي -طبق رواية الشيخ سنان: "نحن جنودك(...) وتحت أوامرك، ولا نريد أن نفرض عليك أي شيء"، وقال له سنان: "هذه استقالتي أرجو أن تعمِّدها قبل استقالتك". عمَّد القاضي استقالة الشيخ التي أذيعت قبل استقالته، وكلَّف الحمدي بأعمال الرئاسة. ذهب الشيخ سنان رفقة الشيخ المطري إلى "خمر" لتسليم استقالة القاضي إلى الشيخ عبدالله الأحمر الذي أيَّد تكليف (العقيد) ابراهيم الحمدي القيام بأعمال الرئاسة. قدم الشيخ عبدالله الأحمر بدوره استقالته إلى العقيد الحمدي وقادة الجيش، وجاء في خطاب استقالته ما يشي بانزعاجه من صيغة حل الأزمة السياسية التي كانت تطبق على الوضع السياسي، فقد كتب: وأنا من جانبي أقدم إليكم استقالتي من (رئاسة) مجلس الشورى وذلك إخلاصاً مني لتجنيب البلاد الأزمات، ولكي لا يقال إننا هواة مناصب أو مختلفين على المناصب، ونحملكم مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد.
بعدسة مفرقة، لا مجمعة، تتناول مذكرات الشيخ سنان لحظة وثوب الجيش إلى الحكم. فإلى غياب الإحكام في عرض الوقائع في سياقاتها، لا تنضبط الصيغ درءاً للتأويل، وتُستبطن أحداث وقت لزوم ما يلزم من إفصاح عنها.
ما تكاد تخفيه المذكرات هو انقسام رجالات حركة نوفمبر 1967 على عديد المستويات أظهرها توزعهم على تيارين: محافظ، مرموزاً إليه بالشيخ عبدالله الأحمر والقاضي الحجري والعقيد حسين المسوري؛ ومعتدل يمثله القاضي عبدالرحمن الارياني وبيت أبو لحوم. بين هذين التيارين يتأرجح موقع ابراهيم الحمدي في "عالم سنان"، لكن الحمدي منظوراً إليه من قوى اليسار كان منمَّطاً في صورة "الذراع العسكري" للجناح الاقطاعي القبلي، واستمرت هذه الصورة، المريحة لمصمميها، مهيمنة على الخطاب الاعلامي لقوى اليسار حتى ربيع 1975.
الصراع بين دولة المقدم ابراهيم الحمدي ودولة النقباء نشب في اليوم التالي لحركة التصحيح، عندما أصدر الأول عدداً من القرارات أهمها تجميد مجلس الشورى وتعليق العمل بالدستور وحل الاتحاد اليمني (الأداة السياسية القعيدة للنوفمبريين)، مبلغاً العم سنان قبل إعلانها:" إذا أردتموني في الحكم فلا تجعلوني مسخرة، واتركوني أتخذ قراراتي". بعدها بأربعة أيام أقال العقيد محمد الارياني وحسين المسوري من موقعيهما، وعين الأول سفيراً في باريس والثاني سفيراً في القاهرة. وماهي إلا أيام حتى خرج الشيخ سنان من العاصمة مغاضباً لأن الحمدي لم يأخذ بتصوراته حيال تشكيل الحكومة الأولى للحركة التي رأسها محسن العيني (صهر الشيخ والشخصية السياسية المرموقة عهدذاك).
في خلافه مع الرئيس الحمدي يلاحق العم سنان الذهب فيسكت عن التفاصيل، وفي خلاف الحمدي مع الشيخ الأحمر يقنع بالفضة مستغرقاً بالتفاصيل.
بعد ثلاثة شهور من رئاسة الحمدي طلب الشيخ سنان السماح له بإصدار صحيفة، فأشر الحمدي على طلبه أنْ "لا مانع على أساس الالتزام بالسياسة الاعلامية للدولة". يقرر العودة إلى نهم بسبب مكالمة هاتفية مع الحمدي أزعجته (لماذا؟ ليس من شأن القارئ أن يعرف!)، لكن الحمدي الحريص على مودة العم سنان يرسل إليه بعد يومين موضحاً أن حماسته في مخاطبته نابعة من شعوره بالمسؤولية، ثم إنه يلاطفه ببيتي شعر تذيبان الحجر:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
العم سنان لا يرضى عن "الولد ابراهيم" فيغادر إلى القاهرة نهاية 1974، غير راغب في العودة (وطبق رواية الدكتور محمد علي الشهاري في كتابه " رسائلي إلى الشهيد الحمدي" أبلغ سنان سياسيين ومثقفين لاجئين هناك أن الحمدي عازم على فرض مشروعه السياسي، وأن الشيخ عبدالله الأحمر سيكون التالي في الخروج بعده من السلطة).
أعرب الشيخ غير مرة عن عزمه البقاء خارج البلاد، لكنه مالبث أن عاد في يناير 1975، بعد وساطات ومناوشات، ليشارك فور عودته في اجتماع سري ضم أيضاً أحمد جابر عفيف ومحمد الرباعي ومحمد الفسيل وآخرين (الأرجح أنهم عسكريون يدينون إليه بالولاء) خصِّص لدراسة الموقف! وطرح في الاجتماع من البعض تدبير انقلاب للإطاحة بالحمدي "لأن قوتنا أكبر من أية قوة أخرى، فأغلب وحدات الجيش بيدنا"، وكان رأي الشيخ سنان "أن نستقيل جميعاً من السلطة"، لكن المجتمعين توافقوا على أن يستمر هو منسحباً من السلطة ويستمر الآخرون في أعمالهم.
لم يترك الحمدي زمام المبادرة في يد المؤتمرين عليه فأقال رئيس الحكومة محسن العيني (يناير 1975) ورئيس المحكمة الخاصة بالمخربين القاضي غالب عبدالله راجح (فبراير) وواصل تحجيم مراكز القوى باسم التصحيح وبناء الدولة المركزية، متخذاً في 27 ابريل 1975 خطوة حاسمة في مسيرة احتكار الدولة لوسائل الإكراه المادي بإقالة محمد ودرهم وعلي أبو لحوم من قيادة اللواء السادس ولواء تعز والاحتياط، وتعيين أحمد فرج وحمود قطينه وعلي عبدالله صالح بدلاً منهم. وفي 29 ابريل يرقي أحمد حسين الغشمي نائباً للقائد العام وعلي صلاح قائداً لقوات المجد، فيخرج الشيخ الأحمر غاضباً إلى خمر، ويرسل إلى "العم سنان" ملحاً على الاسراع في التفاهم لأن الموقف يقتضي " التحديد لا التمطيط(...) والمصارحة لا المصالحة".
<<<
يبقى في الصراع بين دولة المواطنين ودولة الامتيازات (وهو صراع ممتد، وماثل بوجوه ووجاهات وواجهات مموهة في اللحظة الراهنة) مشهد جدير أن يكون موضع التفاتة، فالحمدي خسر يحيى المتوكل أخلص أصدقائه وأقربهم مودة إليه عند احتدام خلافه مع الشيخ الأحمر، ففي إبريل 1975 ضاق المتوكل بمسائل "السياسة السافلة" على حد تعبيره في رسالة إلى الوالد سنان، باح فيها، أيضاً، برغبته في البحث عن مخرج من عمله (كوزير للداخلية). وطبق رواية استمعت إليها من صديق مشترك لهما عايش الساعات الأخيرة السابقة على الإقالة، أصر المتوكل على تلبية مطلب الشيخ الأحمر بإعادة مجلس الشورى برئاسته، بينما وافق الحمدي على إنهاء تعليق مجلس الشورى شريطة أن يعمل برئاسة جديدة. رفض وزير الداخلية الحل الوسط فأقاله رئيس مجلس القيادة، وعينه سفيراً في واشنطن. ومن بين أولئك الذين فقدوا مواقعهم في "عهد التصحيح" تجمل المتوكل بالسماحة والترفع عن الصغائر, وهو أخذ على الحمدي (في حديثه المطول للزميل صادق ناشر) استعجاله إنجاز مشروع دولة المواطنة، وهذا مأخذ ذو وجاهة على أية حال إذا ما قيس بمقولة صادرة من ضفة أخرى تزعم أن الحمدي كان بطيئاً بأكثر مما تحتمل أشواق الناس، وهذا مأخذ قوى اليسار المأخوذة حينها بنماذجها القريبة والبعيدة، والمنغمسة في رومنسيتها حد ادعاء الاصطفاء واحتكار الوطنية بتسمية نفسها ممثلاً شرعياً وحيداً لمطالب الجماهير.
> العدد (12)، 1 يونيو 2005م


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
مدونتي


عدل سابقا من قبل أبونواف البكاري في الأربعاء 24 يونيو 2009 - 7:02 عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبونواف البكاري

عالم سنان(الحلقة الثانية) Stars17
أبونواف البكاري


ذكر عدد الرسائل : 4034
العمر : 43
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 02/12/2008

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالأربعاء 17 يونيو 2009 - 11:47

3 - صعود الهامشيين
دار الصراع بين دولة المقدم إبراهيم الحمدي (دولة المواطنين الموعودة) ودولة النقباء والمقدمين (دولة الامتيازات المهدَّدة) في ظل فاعل اقليمي منفرد باليمن هو السعودية، حرص المتصارعون على استرضائه ومن ثم استمالته ضد الآخر. وقد استخدم كل طرف الأسلوب الذي يخدم أهدافه: ذهب الحمدي إلى المواطنين، وذهب مناوئوه إلى الامتيازات. احتاج الحمدي الأموال السعودية لتعزيز ثقل المواطنين، واحتاجها خصومه لاستقطاب أصحاب " الامتيازات المتبخرة" وإغراء كبار معاوني الرئيس، أو شراء صمتهم على الأقل.
<<<[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في عالم سنان الجهم، المتوتر في حدة بين جنون العظمة والتبخيس الذاتي، والذي ينتظم شخوصه في مثلث قاعدته الأرض المحرمة وقمته الأرض المقدسة، نشاهد جلياً حركة الطرف الثاني، لكننا لا نقع على حركة الطرف الأول حتى في اشارات خاطفة، فموضع وجهة صاحب المذكرات ومحررها (وناشرها على ما رشح من تمتمات المقربين) شغل الألباب عن أشياء جديرة أن تكون موضع التفاتة، ولئن كان الشيخ سنان صادقاً في كل ما قاله، ذلك ترجيحي، فإنه لم يقل كل ما ينبغي قوله، وهذا يقيني. لست أشكك في أمانة روح السارد بقدر ما أريد لفت الأنظار إلى عوار التصميم (التصميم التحريري أقصد) ونصح المصممين على حجب الحقائق عن أجيال جديدة من اليمنيين.
كيفما كان الأمر، فمن المحتمل أن ينصرف حكم القارئ لوقائع وحادثات غير محكومة بسياق ولا هي محمولة بصياغة محكمة، إلى أن احتراب الفرقاء انحصر في رأس هرم الدولة بين قائد عسكري شاب مقامر نزَّاع إلى تركيز القوة في قبضته وبين شخصيات سياسية تقليدية تُغالب من أجل بقائها في السلطة.
يحسب للشيخ سنان تقديمه عالمه من غير رتوش. لم يدَّع، مثلاً، أنه فارق الحمدي بسبب طابع حكمه العسكري أو عدم قبوله بمأسسة البلاد وتوسيع المشاركة الشعبية، كما فعل عديدون من مجايليه ومريديه توسلوا الفضيلة (وهي في هذه الحالة الديمقراطية) ملاذاً أخيراً لتبرير خطاياهم أثناء عهد الحمدي وبعده. أفصح العم سنان من دون أن يحرك شفتيه، أنه وآخرين قاتلوا الحمدي من أجل القوة (وما تدره من امتيازات خاصة)، وهم فكروا مبكرين بتدبير انقلاب ضده فعاجلهم بضربات متتالية شلَّت روح المبادرة لديهم، فسلَّموا أزمتهم للمستوين على عرش المثلث. هذا التسليم بالكلمة السعودية يتجلى في رسالة الشيخ مجاهد إلى الشيخ سنان (30 يونيو 1977م) يطلعه فيها على الجهود التي بذلت في المملكة لكشف حقيقة الرئيس الحمدي ومخططاته السرية، قبل أن يضيف أنه " إذا توفرت القناعة لديهم بسوء الرجل ووضعه فلن يتأثروا بكلامه ( عند زيارته لهم بعد يومين)، وإن بقي لهم أمل فيه فلن نقدر على فرض شيء يخالف ما عندهم".
انزعاج الشيخ سنان وأعدائه، الذين صاروا حلفاءه، من ابراهيم الحمدي لم يكن سببه تركيز القوة في يديه، بل نزعها من أيديهم. وتفيد الرسائل المتبادلة في المذكرات مدى ازدراء مراكز القوى (وهذه نزعة انسانية ترقى إلى القانون) للناس العاديين، بدءاً من رجال القبائل البسطاء "الخفيفين" -على حد تعبير الشيخ الأحمر -إلى الجهلة والحاقدين والمولدين والمعقدين وأعداء الثورة!
<<<
لايتصدى الشيخ سنان للاضطلاع بدور المؤرخ، وما ينبغي له. وإضافته في التاريخ تقتصر على شهادته على مرحلة كان فاعلاً في صوغ أحداثها، فالسياسي، كما يقال، مؤرخ اللحظة الراهنة. من هذه الزاوية يكتسب الجزء الثالث من المذكرات قيمته العالية، على الرغم من القصور الذي يعتري تحريره، بخاصة لجهة الإبقاء على الوثائق، وجلها رسائل من الشيخ وإليه، مادة خام غنية في محتواها لا ريب، لكنها لا تستغني عن معالجتها وغزلها لكيما يخرج الكتاب نسيجاً متماسكاً ينفع القراء.
الصراع على القوة بين الرئيس الحمدي ومناوئيه يظهر عارياً في المذكرات. عدا ذلك لا يكاد القارئ يعرف حيثيات الموقف المتصلب للعم سنان من الولد إبراهيم، ما يترتب عليه قدر جسيم من الضيم يحل بالأول الذي لا يفسح لقارئه فرصة تعاطف أو تفهم على الأقل، للوجهة التي قرر المضي إليها في السنة الاخيرة لعهد التصحيح، تلك الوجهة التي أخرجته، بعد استشهاد الحمدي، من الأرض المحرمة إلى الديار المقدسة التي لم تبارك خطاه ولا بادلته الثقة على ما تظهره رسالة الشيخ الأحمر إلى الامير سلطان بن عبدالعزيز في 28 ديسمبر 1977، وفيها يستعرض الجهود التي بذلها مع "الوالد سنان" لتوحيد الصف القبلي في مواجهة الحمدي، مبيناً أن الوالد سنان كان له شرط وحيد:" العمل على إزالة عدم الثقة بينه وبين المملكة"، وهو الشرط الذي التزم الاحمر بتحقيقه. يواصل الأحمر إطلاع الراعي الإقليمي على عدالة موقف حليفه المحلي: انقطعت علاقة الشيخ سنان بـ"صنعاء" (التي ترد في بعض الرسائل بوصفها عاصمة الأعداء)، وفُصل إخوانه وولده، ومنعوا من العودة إلى اليمن، وبقي هو وأخوه محمد في نهم لا يقدرون على دخول صنعاء أو الخروج إلى الخارج، وقطعت مصالحهم التي كانت باقية، ثم دفعناه لزيارة في موسم الحج وللعلاج ( لتكن) مناسبة اللقاء بكم والتفاهم بشكل أكبر وأوضح ".
ولأن موقف المملكة كان ما يزال متحفظاً تجاه سنان، وقد طلبت منه مغادرة الديار المقدسة إلى تركيا وحظرت عليه العودة إلى اليمن، يستطرد الشيخ الأحمر في رسالته إلى الأمير سلطان، شارحاً هذه المرة عدالة موقفه هو، قائلاً:" هذا الموقف يعتبر إحراجاً وكسيفة، فالرجل حدد موقفه اعتماداً على وعدي له بتحسين علاقته بالمملكة، وتعرض نتيجة لموقفه للإيذاء هو وإخوته وانقطعت مصالحهم التي كانت تأتي إليهم".
<<<
من بين أولئك الذين أمسكوا بنواة الصراع، لا بقشوره بين الحمدي ومراكز القوى داخل الدولة، القاضي عبدالرحمن الارياني الذي كتب رسالتين في أواخر مايو 1975 إلى الشيخ سنان يحيي فيهما موقفه المتعقل والمشرِّف من الاجراءات التصحيحية للرئيس الحمدي، ويقول في إحداهما إن العجب أخذ منه كل مأخذ " حين بلغني أن الولد الشيخ عبدالله الأحمر والولد مجاهد أبو شوارب قد أرادا أن يجرَّا اليمن إلى فتنة تسفك فيها الدماء وتنتهك الحرمات لأن التصحيح قد تناول بعض مراكزهم أو مصالحهم"، ويفيد الارياني الشيخ سنان، المتعقل حينذاك، بأنه وجه رسالة إلى الشيخ عبدالله ينصحه فيها بالتعاون مع القيادة " وتناسي المصالح الشخصية في سبيل مصلحة البلاد".
<<<
لا تكاد تظهر في المذكرات أية علامات حياة خارج "عالم سنان"، ولولا رسالة وردت من أل البخيتي في إب بتاريخ 26 إبريل 1976، تشكو إليه أم ولده حميد التي خرجت حاملة سلاحها لتهديد العاملين على شق طريق فرعي يؤدي إلى منطقة الصلولة، ضمن مشاريع هيئة التطوير الأهلي، لما عرفنا بوجود الحركة التعاونية، أبرز معلم في عهد الحمدي.
في مسيرته لبناء الدولة المركزية وترسيخ قيم المواطنة لم يكتف الحمدي بإزالة التيجان من قصور الدويلات المهابة داخل دولة الارياني المضعضعة، بل ذهب إلى تقويض أعمدتها في مناطق نفوذها التقليدي، وقد كرَّس جهده في توطيد تجربة فريدة عاشها شمال اليمن خلال السبعينات، وهي الحركة التعاونية. أراد وطناً كبيراً ومهاباً ووطناً صغيراً وسعيداً في آن، ولأجل ذلك تعهد أن يضع الحركة التعاونية في المرتبة الثانية بعد النظام الجمهوري في أولوياته ( تعهد مثير للدهشة والاعجاب إذ يصدر من سياسي جاء إلى الحكم بانقلاب عسكري ويستظل بشرعية ثورية في منتصف السبعينيات).
في عام 1975، انعقد المؤتمر الثالث لهيئات التعاون الأهلي والتطوير في تعز بمشاركة 351 عضواً يمثلون 117 هيئة منتخبة بالطرق الديمقراطية المباشرة. تقدم أكثر من ثمانية وزراء ونائب لرئيس الوزراء وعدد من المحافظين للمنافسة على عضوية الهيئة الادارية للاتحاد العام. سقطوا جميعاً في الانتخابات ما يؤكد البعد الاجتماعي الشعبي والديمقراطي للحركة التعاونية، على ما يقول حمود العودي في كتابه " التنمية وتجربة العمل التعاوني في اليمن"، الصادر عام 1977.
يُمسك العودي في كتابه بالأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية للحركة التعاونية، خصوصاً في المناطق القبلية الخاضعة تاريخياً لسيطرة مراكز القوى المشيخية، فيلفت إلى أن الصورة هناك تغيرت إلى حد لا يصدق، فصار ارتداء السلاح الشخصي في الأوقات العادية " من الأمور غير اللائقة التي يحس فاعلها بالخجل".
ثم إنه يقبض على روح انتماء المواطنين إلى دولتهم إذ" يبدي الناس استعداداً كافياً لتقديم المساهمات المادية العقارية التي تقتضيها المصلحة العامة كالساحات والطرق والمنازل، وأحياناً بدون مقابل". هاهنا لا يبغض اليمني دولته، بل يسهم معها راضياً في تنمية بلاده.
يرصد العودي، المدهوش، المشاريع التي تحققت على يد الحركة التعاونية المستقلة تماماً عن سلطان الدولة، هاكم بعضها:700 طريق فرعي يتجاوز طولها 6000 كم؛ بناء وتشييد 680 مدرسة ابتدائية؛ 850 مشروع مياه؛ 23 مشروع مياه رئيسياً في المدن الرئيسية لثماني محافظات قامت الحركة التعاونية بتنفيذ 18 مشروعاً بمفردها، وشاركت الدولة في ثلاثة منها، وانفردت الدولة بإنشاء اثنين فقط (ص 139).
يستدرك الباحث غير المصدق ما تراه عيناه موضحاً أن 50% من الهيئات في مختلف المحافظات لا تندرج منجزاتها ضمن الاحصاءات السابقة، ثم يستطرد مشيراً إلى أهمية هذه المشاريع التي تنتشر في مناطق بأعماق الريف ما كان مقدراً لأية جهود رسمية أن تصل إليها حتى في المدى البعيد! ويزيد: أنجزت بحد أدنى لا يصدق من التكاليف الفعلية لأن توفير مواد البناء والتجهيزات يتم في معظم الحالات بدون مقابل.
وفي الأبعاد السياسية ينوه العودي بالتقاليد الديمقراطية التي تمخضت عنها التجربة التعاونية "التي عملت وماتزال على إزالة الولاءات الشخصية ذات الطابع القبلي (...) وإبدالها بتقاليد المواطنة لكل فرد، وتعويده على ممارسة حقوقه المدنية والسياسية بعيداً عن المؤثرات التقليدية السالبة".
والنقطة الحاسمة في الموضوع برمته والتي تجلي أهم أسباب الصراع بين الحمدي وحلفائه المفترضين، أن الأجهزة المركزية المنتخبة لهيئات التعاون في المحافظات تملك القدرة الكاملة علىالتصرف والادارة والاشراف (على شؤونها)، غير متأثرة بأية اعتبارات تتصل بالعلاقات المباشرة لأجهزة الدولة بالمواطنين سلباً أو ايجاباً. والمغزى أن الحمدي كان يعمل، حثيثاً ولكن أكيداً، على نقل القوة إلى الناس العاديين «الخفيفين والمغرضين والحاقدين»، ليس من أيدي مراكز القوى فحسب، وإنما أيضاً من يد السلطة الحاكمة ذاتها! وقتها كان الهامشيون وهم الأغلبية الساحقة من اليمنيين يتقدمون لأول مرة لاحتلال موقع لهم في المشهد السياسي الذي احتٌكر على مدى عقود طويلة من قبل أقليات حكمت باسم الدين أو العرف أو الثورة.
> العدد (13)، 8 يونيو 2005م


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
مدونتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جلال الدوسري

عالم سنان(الحلقة الثانية) GreenStar
جلال الدوسري


ذكر عدد الرسائل : 6281
العمر : 46
الدولة : اليمن السعيد
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالأربعاء 17 يونيو 2009 - 13:41

شكرآ أبا نواف..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مروان الحمودي

عالم سنان(الحلقة الثانية) 15931518
مروان الحمودي


ذكر عدد الرسائل : 1601
العمر : 44
الدولة : اليمن
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالخميس 18 يونيو 2009 - 14:06

تشكر ياأبو نواف على نقل هذه المواضيع
الهادفه التي تتحدث عن ازهى مرحله عاشتها
اليمن في عصر الشهيد اراهيم الحمدي رحمه
الله عليه
هذا هو تاريخنا وهذا هو الحمدي كي تعرفوه أكثر
كان رجل يسعى ليناء الدوله بعيد عن سيطرة الوجاهات
والمشائخ الذين كانوا يحاولون بدوره تقسيم اليمن فيما
بينهم وكأنها ورث ورثوه عن والدهم
شكرا أبو نواف على هذا النقل الجميل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوعلي محمدالبكاري

عالم سنان(الحلقة الثانية) 15931518
ابوعلي محمدالبكاري


ذكر عدد الرسائل : 3349
العمر : 39
الدولة : السعودية
تاريخ التسجيل : 02/11/2008

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالأربعاء 24 يونيو 2009 - 8:16

شكرا على متابعتك لحلقات الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس4444

عالم سنان(الحلقة الثانية) 322201584
فارس4444


ذكر عدد الرسائل : 11322
العمر : 38
الدولة : اليمـن الجـديـد
تاريخ التسجيل : 02/11/2008

عالم سنان(الحلقة الثانية) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عالم سنان(الحلقة الثانية)   عالم سنان(الحلقة الثانية) Emptyالأربعاء 24 يونيو 2009 - 13:25

تشكر ياأبو نواف على نقل هذه المواضيع
الهادفه التي تتحدث عن ازهى مرحله عاشتها

اليمن في عصر الشهيد اراهيم الحمدي رحمه الله


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://fares4.maktoobblog.com/
 
عالم سنان(الحلقة الثانية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عالم سنان(الحلقة الثالثة)
» عالم سنان(الحلقة الاولى)
» رائعة الفضول (مدارب السيل)(الحلقة الثانية)
» 46 هدفاً و عودة قوية للكبار بعد الجولة الثانية بالدور الأول ليورو 2012 ( إحصائيات الجولة الثانية)
» حسان بن سنان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الـمـنتــــدى :: الـملتـقى السـياسـي-
انتقل الى: