زكريا الكمالي
لو أن الرئيس يخرج كل أسبوع في مقابلة مع فضائية عربية , لكان اليمنيين بلا استثناء يهتفون ضده , ولن يظهر بميدان السبعين, في مهرجان المسامحة , إلا برفقة يحي الراعي .
طلب الرئيس من قناة العربية أن تحضر لمحاورته بالتأكيد , في أسلوب أراد منه إغاظة الجزيرة , لكنة نسى أن القنوات الخارجية لا يوجد فيها " حرازي " يقوم بـ" ترقيع " أخطاءه الفادحة , كما هو متعود من فضائيته , فظهر كـ" علي عبدالله صالح ", لا كرئيس يحترم متابعيه : تحدث لمذيعة قناة العربية ليل الأحد , كما لو كان يخطب في " اللواء مشاة جبلي " أو أي معسكرات الحرس , و قال عن المطالبين بالحكم :"أتحداهم وأتحداهم وأتحداهم حتى خفنا أن يتحول مكان التسجيل إلى مكان نزال مصارعة " .
تعّود الناس هنا على مشاهدة خطابات الرئيس في الفضائية اليمنية بقليل من الوقار, غير مدركين أن عمليات جراحية معقدة يتم إجراءها عليه منذ وصول الشريط . التخلص من كل أورام الخطاب , لا يستكمل إلا في نشرة الواحدة صباحاً
جراحين خطابات الرئيس يحاولون إظهاره بنوع من الهيبة,لا مجرد " زبّاج " يقول للشارع اليمني والعربي الذي ينتظر مقابلة له في وقت حساس: أنه سيظل رئيس للمؤتمر , و"سيعارض المعارضة" , ولن يتركهم يرتاحون بحياتهم ما حيا على الأرض ! .
أطباء الخطابات الرئاسية لا يجعلونه يشتم اليمنيين في " نشرة التاسعة " كما يشتمهم في قاعات المؤتمرات صباحاً ,أو كما أظهرته مقابلة العربية أن جميعهم " قناصين " والقبائل " مصدر خطر " , الأطباء لا يتركونه ينتقص من أي طرف سياسي , حتى وأن كان " حزب رأي " الذي سخر من قرار نزوله إلى الشارع بـ" إرحبي يا جنازة فوق الأموات " – في تعليق لا يمكن أن يصدر من رجل أول – وحذفه أطباء الخطاب في نشرات الأخبار فيما بعد .
مقابلة العربية أظهرت علي عبد الله صالح الحقيقي : مكابر, لكنة يشرب الماء لتبليل لسانه كل دقيقتين , " مراوغ" , تخبره المذيعة عن أحداث اليوم فيجيبها من كتاب التاريخ باب حكم عائلة حميد الدين , شخص غير مسئول , يقبل أيادي قبائل وصاب وخولان ونهم وعمران, بيت بيت , وشيخ شيخ , حتى يخرجون لنصرته في السبعين , ويقول عنهم فيما بعد أنهم " مصدر خطر " .
يتحاور المشترك مع الرئيس على نقاط خمس , متناسين أهم النقاط الحساسة له . سيوافق الرئيس على نقاطهم الخمس والتسع والثمانين لو أنهم أدرجوا نصف بند يسمح له أن يظهر مرة في الأسبوع , على الأقل , على شاشة التلفاز فيما بعد .
ليس يوماً بالنسبة له لا يرى نفسه في نشرة التاسعة . عقلية الضابط الدّعي , تبرز بقوة في أخباره وزياراته التفقدية التي لا هدف لها . ينفذ غالبيتها ليظهر للناس تارة بقبعة ,وأخرى بنظارة , وثالثة بعد أن يخلع الكوت .
إذا لم يوفر له أعوانه مكاناً لزيارته , تلاحظون القرارات الجمهورية العشوائية التي يصدرها يومياُ , من عينة وكلاء المحافظات ومستشاروها . القرار يضمن له ظهور صورته بمعية القصر الجمهوري على الأقل , وليس عبدالله البشيري أو عبد العزيز عبد الغني .
لم يطرح الرئيس فكرة استمراره في رئاسة حزب المؤتمر , حال تخليه عن السلطة , من فراغ . فالرجل يعي أن المؤتمر تبخر وهو مازال على قيد السلطة يوفر لمنتسبيه ميزة الرضاعة المباشرة من ثدي البنك المركزي , فكيف سيكون لو لم يعد صاحب سلطة على محافظ البنك .
الرئيس يا سادة يريد أن تضمنوا له منصباً , يوفر له ظهور أسبوعي في نشرة التاسعة , مدة خمس دقائق , حتى وأن كان على طريقة ريبورتاجات الشركات . بزلط .
اختاروا له منصب يشبع غروره . رئيس جمعية لنصرة الأقصى مثلاً , وأعدكم أنه سيحرر فلسطين في ظرف شهر , فهو صاحب " دم حامي" , وسيغزو إسرائيل , كما غزى ميدان السبعين!!