[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أجمع خبراء اقتصاديون شاركوا في الندوة الشهرية لمركز الجزيرة للدراسات أن الأزمة المالية التي تعصف هذه الأيام بالأسواق العالمية فرصة تاريخية للعرب والمسلمين إذا أرادوا أن يكون لهم موقع مؤثر في السياسات والعلاقات الدولية.
وأكد الخبراء أن الأزمة المالية العالمية ستحد بدون شك من هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على الاقتصاد والسياسة العالميين، وأن نظاما عالميا جديدا يتميز بتعدد الأقطاب سيتشكل على المدى المتوسط.
وأوضح المشاركون في الندوة التي عقدت مساء الأربعاء وتناولت موضوع "الأبعاد السياسية والإستراتيجية للأزمة المالية" أن النظام الرأسمالي تلقى بهذه الأزمة ضربة موجعة، لكنهم اختلفوا في كونه سيتعافى منها أو ستوجه له ضربة قاصمة.
حازم الببلاوي قال إن على الدول العربية أن تباشر إصلاحات اقتصادية وسياسية (الجزيرة نت)
تراجع أميركا
وقال مستشار صندوق النقد العربي في أبو ظبي الدكتور حازم الببلاوي إن هذه الأزمة ستكون لها آثار كبيرة على المستوى العالمي، وستستغرق وقتا طويلا قبل أن تتم معالجتها، لكنها ستؤدي -في نظره- إلى تحسين وضع الاقتصاد العالمي وستجعل النظام الرأسمالي "يستفيد من أخطائه".
وأشار إلى أن على الدول العربية أن تفكر على المدى المتوسط في تحويل فوائضها المالية إلى اقتصاد عيني وحقيقي في الأراضي العربية، وأن تستثمر وتباشر إصلاحات اقتصادية وسياسية.
ومن جهته رأى رئيس مركز الخليج العربي للطاقة الدكتور عيد بن مسعود الجهني أن على العرب أن يتعلموا الدروس من هذه الأزمة وألا يعودوا إلى الارتباط بالرأسمالية كما فعلوا في السابق، محذرا الدول العربية من أن تنطلق إلى ستهثمارات جديدة في الولايات المتحدة، وداعيا إياها إلى التفكير في التعاون مع دول ناهضة مثل الصين والهند وروسيا واليابان.
وتوقع الجهني أن تتراجع القوة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة، ما سيجبرها –برأيه- على أن تسمع للعرب ومقترحاتهم وتنزل عند شروطهم، بعدما كانت تملي من قبل سياساتها على الآخرين كي يطبقوها وتفرض عليهم قوتها العسكرية.
وقال إن "هذه فرصة كي يتدارس العرب مستقبلهم الاقتصادي ويكون لهم صوت في القمم العالمية والمؤتمرات الدولية"، مشيرا إلى أنه منذ العام 1945 إلى اليوم لم يكن للعرب صوت في العلاقات الدولية رغم مواردهم الطبيعية وثرواتهم التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي.
عبد الحي زلوم: هذه الأزمة قد تكون ضربة قاضية للرأسمالية (الجزيرة نت)
أزمة معلومالية
أما الخبير الاقتصادي العالمي عبد الحي زلوم فقد أكد أن قيام الاقتصاد العالمي على العولمة من أهم ما يجعل الأزمة المالية الحالية خطيرة، ووصف ما وقع بأنه أزمة نظام "معلومالي" مزج الاقتصاد والمال بالمعلوميات.
وأضاف أن هذه الأزمة قد تكون ضربة قاضية للرأسمالية ينشأ عنها نظام مالي عالمي جديد على المدى البعيد، وأن على العرب أن يبحثوا لهم عن موطئ قدم وعن مركز مؤثر في هذا النظام الجديد.
وقال إن من بين أهم أسباب هذه الأزمة أن القوانين التي كانت تضبط الاقتصاد تم الابتعاد عنها، فنشأ نظام مالي مضارب تحول إلى "نظام اللانظام"، ونشأ انفلات اقتصادي وظهر "اقتصاد طفيلي" أصبح عبئا على الاقتصاد الحقيقي المنتج.
ورأى الباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد المصري أن هذه الأزمة فرصة تاريخية لزحزحة هيمنة الولايات المتحدة عن النظام الرأسمالي وعن قيادة السياسة الدولية، مؤكدا أن هناك انتقادا شديدا للنهج الاقتصادي الأميركي حتى من أقرب حلفاء واشنطن.
محمد المصري يرى أن الأزمة المالية فرصة تاريخية لزحزحة هيمنة أميركا (الجزيرة نت)
القدرة على المقاومة
غير أن المصري يرى أن كسر هيمنة أميركا رهين بمدى قوة الدول الأخرى الصاعدة على المواجهة والمقاومة، وبقدرتها على ستهغلال هذه الأزمة المالية لخلق نظام اقتصادي جديد يصبح فيه توازن بين الأقطاب.
وأشار إلى أن النظام الرأسمالي ليس في أزمة، وأن أهم ما فيه هو قدرته على التكيف والإبداع، وأنه ما زالت لدى الولايات المتحدة كل الوسائل التي بإمكانها أن تساعدها على الخروج من الأزمة.
وفي السياق نفسه أكد الببلاوي أن النظام الرأسمالي "أكثر مكرا مما يتصوره الكثيرون"، وأن الاقتصاد الرأسمالي "ليس له أيدولوجية ولا كتاب مقدس، بل هو اقتصاد انتهازي قادر على التطور بستهمرار".
وأوضح أن اقتصاد السوق يتعلم بالتجربة والخطأ وأن هذه الأزمة تأتي في سياق هذا المنهج، مشيرا إلى أن العالم مضطر لأن يساير أميركا وأن أكثر الدول التي ستتضرر من الأزمة هي الدول التي لها فائض كبير من العملة مثل الصين واليابان.
المصدر: الجزيرة