السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد :
فإن الله عزوجل لما خلقنا في هذه الدنيا ماخلقنا إلا لعبادته وحده لا شريك له.. قال تعالى :
(( وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))
وعبادة الله عزوجل هي سر سعادة القلب وانشراحه وطمأنينته وهي كذلك سر حياة هذا القلب,
وجميعنا يعرف أن العبادة هي اسم جامع لكل مايحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة
فأوصي نفسي ومن يقرأ كلامي هذا أو يستمع إلى من يقرأه بأن نعبد الله عزوجل على علم وبصيرة
ولن يكون ذلك إلا بطلب العلم والرجوع إلى العلماء الربانيين الصادقين,
أخوتي في الله..
إن هذه الدنيا مهما طالت أيامها وكثرت شهورها وتعددت أعوامها فإنها إلى زوال وشيك,
والعاقل فينا من عرف مراد الله عزوجل من خلقه وإيجاده في هذه الحياة الدنيا فيستعد للقاء الله تعالى
ويستعد للوقوف بين يدي الله تعالى..
في ذلك اليوم الرهيب الذي تذهل فيه كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس
سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد..
يوم رهيب قمطرير شره **** وتشيب منه مفارق الولدان
هذا بلا ذنب يخاف لهوله **** كيف المقيم على الذنوب زمان
ولاشك أن لحظات الموت وسكراته هي أشد مايخاف المؤمن الذي لايرجو إلا حسن الختام
فكيف بكم وأنتم تعالجون هذه السكرات وتعاينون الحقائق أمام أعينكم (( فبصرك اليوم حديد ))
كيف لو وضعتم في قبوركم وتخلى عنكم الأهل والأحباب والأصحاب..
ماهو رصيدنا من الأعمال الصالحة وماهي الصحائف التي سنقابل بها الله تعالى..
(( يابن آدم أحسن فيما بقي يغفر لك ماقد سلف ))
(( يابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك وإذا ذهب بعضك ذهبت كلك ))
والوصية أيضا" أن نحسن ونسعى إلى بر آبائنا وأمهاتنا أحياء وأمواتا" وأن نبذل الغالي والنفيس من
أجل سعادتهم وإرضاءهم..
وأيضا" الإحسان إلى الزوجات وإلى الذرية ونراقب الله تعالى فيهم,
وأن نحسن إلى خلق الله جميعا" وأخص منهم هاهنا الأيتام والأرامل والمساكين
والضعفاء من المسلمين وكل شيخ كبير..
وأوصيكم بمراقبة الله عزوجل في كل صغيرة وكبيرة وأن لا نقدم على فعل أمر حتى نعلم أنه يرضي الله
فنعمله أو يسخط الله فنصرف عنه النظر ولا نبالي..
وأوصيكم أخيرا" بتقوى الله تعالى في السر والعلن :
فتقوى الله ماجاورت قلب إمريء إلا وصل.. وعرفها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال :
التقوى : هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضى بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل ..
فتأملوه بارك الله فيكم..
وكتب هذه الوصية في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 29 / 12 / 1430 هـ
الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ..