نغفر للشماخ ولا نغفر للفيفا

نغفر للشماخ ولا نغفر للفيفا

16 يونيو 2009:
بدر الدين الإدريسي

--------------------------------------------------------------------------------

يحق لنا باسم الحلم الذي يسعى عشرون منتخبا إفريقيا لتحقيقه ببلوغ نهائيات كأس العالم، وباسم كل القيم الإنسانية التي تدافع عنها الفيفا، وهي تحشد الفنيين والتقنيين للدفاع عن حرمة كرة القدم·


باسم كل هذا يحق لنا أن نسأل، هل كان من المنطق أن تبرمج الفيفا جولتين من أقوى جولات تصفيات كأس العالم في المنطقة الإفريقية خلال شهر يونيو؟


الذي يشاهد صامويل إيطو الكاميروني في قمة العجز البدني غير قادر على إسعاد الملايين من أبناء بلده، والذي يقف اليوم متحسرا على أن منير الحمداوي أضاع فرصا سهلة كان بمقدورها أن ترفع الفريق الوطني إلى عنان السماء، الذي يشاهد منتخب مصر بطل إفريقيا لمرتين >مشرشحا< بالجزائر، والذي يقف على الإنطفاء التام لكل أقمار ونجوم إفريقيا، وقد أرسلوا نيزكا رائعا على مدار موسم كروي بكامله في أوروبا·


الذي يشاهد كل هذا يجب أن يسائل الفيفا التي باتت المسؤول الأول عن جدولة المباريات الإقصائية المؤهلة لكأس العالم، ألم تظلم منتخبات بعينها؟ ألم تحطم نجوما كبارا؟ ألم تؤثر سلبا في مجرى التصفيات؟


يصل اللاعبون إلى قمة الإجهاد والتعب بمجرد أن تنتهي البطولات الأوروبية شهر ماي، ونقدر ما تصبح عليه العضلات من إرهاق، وما يصيب النفسيات من توثر، ونقدر أكثر أن هؤلاء اللاعبين، كان من باب الإنسانية أن يعطوا فرصة للراحة، ليعودوا بعدها ليخدموا منتخباتهم الوطنية، وهي بمطلق الوعي بقيمة الإنتماء وبحقيقة الفخر الذي يستشعره أي كان عند اللعب للفريق القومي في مرتبة أسمى من مرتبة الأندية، حتى لو كانت الأخيرة هي ولي نعمتهم·


كان مؤثرا أن نسمح بالغضب العارم الذي عصف بجماهير الكاميرون بعد مباراة الأحد الماضي، وقد شلت حركة صامويل إيطو ولجم إبداعه، وصام عن التهديف، وهو الذي كان مع برشلونة في نهائي كأس عصبة الأبطال أسدا جسورا·· أسدا لا يروض··


وكان مثيرا للشفقة أن نخص جميعا باللوم منير الحمداوي للفرص التي ضاعت منه، وهو من شاهدناه بخاصة في الجولة الثانية يستنجد بالأنفاس المخزونة وهي قليلة ليقاوم التعب والإرهاق·


وكان قاسيا أن يحاكم المصريون منتخبا في ثوب بطل أفلس بدنيا، فرغ مخزونه، وضاعت منه كل قدرة على تحمل الضغط الكاسر لتعالب الجزائر·


ولعل أي قراءة معمقة لنتائج حصيلة الجولة الثانية للتصفيات الإفريقية، وحتى تلك التي ستأتي بها الجولة الثالثة يومي 20 و21 يونيو، ستضعنا أمام ضحايا كثر، منتخبات يقهرها العياء والإجهاد، ونجوم تذهب ريحهم فلا نعثر لهم في مباريات حاسمة ومصيرية على عنوان·· والظالم الأكبر هو الإتحاد الدولي لكرة القدم، هو برمجته التي لا ترحم··


-----------------


ما زلت عند رأيي بخصوص قضية مروان الشماخ، فأنا أرفض أن نرميه بالتهم جزافا، أن نجرد الرجل من وطنيته وغيرته وأن نرمي بجسده لكلاب الشائعات تنهش فيه اللحم والعظم·


نتفق على أن مروان الشماخ أخطأ عندما لم يأت شخصيا إلى معسكر الفريق الوطني بشانتيي ليعرض نفسه على الدكتور هيفتي ويطابق فعليا ما جاء في التقرير الطبي الذي كشف خلاله طبيب نادي بوردو عن إصابته، ولكن، هل نتفق على أن نتذرع بما حدث وقد إختلف فيه الرواة، فنصيب مروان الشماخ بأسهم طائشة تضرب وطنيته ومغربيته؟


الرأي العام الوطني لا يجمع على إدانة الشماخ، من يقول ذلك فهو كاذب، يرمي الناس بالجهالة، صحيح أن المغاربة غاضبون، متحسرون، متأسفون، ومهما قسوا على الشماخ، فإنهم بالتأكيد لن يبلغوا درجة شنقه في الشارع العام، إنهم على استعداد لأن يغفروا له، لقاء ما قدمه لفريق الوطني وما سيقدمه له لاحقا·


أما السيد روجي لومير فمهما توافقنا على أنه سيد القرار والإختيار، إلا أن صلاحياته كمدرب تنتهي عندما تبدأ مصلحة منتخب هذا البلد·






"نقلا عن صحيفة المنتخب المغربية"