تطور طفيل الملاريا
ويرى الدكتور تومَس أن أحد أسباب عدم اليقين هي أن نماذج المحاكاة تأخذ في الاعتبار زيادة متوسط درجات الحرارة على مدى أيام أو أشهر أو ربما سنوات، ولا تهتم بالتذبذب خلال اليوم.
وتنبئ توقعات المناخ بزيادة الأحداث المناخية القاسية، مع تصاعد التباينات الحادة المرافقة لارتفاع سخونة الجو. ففي يوم اعتيادي يبلغ متوسط درجة الحرارة 25 مئوية بمكان انتشار الملاريا بتنزانيا، لكنها تهبط ليلا إلى 15 درجة وترتفع نهارا إلى 32 درجة.
ويعتقد الدكتور تومَس أن الذروات والانخفاضات تؤثر في انتقال بعوضة الأنوفيليس عبر عدة طرق. فعندما تشرب البعوضة دم شخص مصاب، تبتلع الحشرة أيضا طفيل الملاريا، الذي لا بد أن يمر بطور حضانة وتكاثر قبل انتقاله للعاب الحشرة.
العملية قد تستغرق أسابيع، ونظرًا لصغر جسم البعوض وبرودة دمه، يكون لدرجات حرارة البيئة أثر كبير في الزمن الذي يستغرقه البعوض قبل التمكن من نقل المرض. فإذا حدث ذلك ببطء شديد، تموت الحشرات قبل التمكن من عدوى أي شخص.
عمومًا، يتمكن طفيل الملاريا من العدوى بشكل أفضل، لدى ارتفاع درجات الحرارة، وهو سبب حدوث المرض في أغلب الأحيان في بيئات مدارية
لغز المناطق الباردة
ولكن بنماذج المحاكاة الرياضية، وجد الدكتور تومَس أنه حتى عندما تكون الظروف دافئة، فإن تذبذب درجات الحرارة الحاد خلال اليوم يُبطئ وتيرة حضانة الطفيل ونمو وتطور اليرقات بجسم البعوضة. وهذا بدوره يُبَطِّئ انتشار المرض، ويشير إلى أن المناطق الحارة أقل تعرضًا لمخاطر اندلاع وباء الملاريا مما ظنّ العلماء.
لكن في درجات حرارة باردة نسبيا، يؤدي تذبذبها لتسريع العمليات الحيوية، وهذا ما قد يساعد على تفسير انتشار الملاريا بالفعل بمناطق باردة تقليديا، كمرتفعات شرق أفريقيا. وهذه المناطق الواقعة بأطراف مناطق انتشار الملاريا الراهنة، تثير قلقا بالغا لأنها فقيرة وريفية، ولم تعرف سابقا الملاريا. ويفتقر الناس هناك للمناعة، لذلك تنتشر الأمراض بطريقة سريعة ومهلكة.
وتؤكد الدراسة قلة ما يعرفه العلماء عن بيولوجية البعوض الأساسية. فالتعرف على العدو هو السبيل الوحيد لإدارة الموارد المحدودة لمقاومته.
ويلفت أحد خبراء البيئة إلى أنه رغم توافر خارطة "جينوم" بعوضة الأنوفيليس بكاملها، فإنها لا تُنْبِئ بشيء حول كيفية تأثير درجات الحرارة في انتشار البعوض. ولا تزال الحاجة قائمة لطرق توقع أفضل لمكان وصول الملاريا