عندما نعيش الألم والحزن ونعيش إنسانية مصطنعة تكون هناك أحلام مثخنة بالعناء، ونفوس تحاول أن تجتاز الصعاب، ولكننا نندهش أمام اتهامات الآخرين لنا بأن الإنسانية لم تصلنا رغم أنه قد تملكنا شيء يدعى الإنسانية .. لأننا صرنا نعبد شهوات الظلم الذي نمارسه ضد الآخرين ونتعاطاه ليل نهار، وكأنه ورقة قات نمضغها على مهل فالظلم هو مانحمله وهو شهادة نعلقها أمام الآخرين.
لنتفاخر بأننا قد حصلنا عليها عن جدارة فكل جريمة أمامنا نجد وراء ها فردين هما آدم وحواء أي (امرأة ورجل) فمن شرع القتل المجاني والهادئ هما أولاد آدم هابيل وقابيل ونحن أحفادهما نشرع لأنفسنا فنوناً أخرى لننهي حياة الآخرين ببرودة أعصابنا ... لانستطيع أن نحمل أنفسنا لحظة واحدة ونقول لها (عفواً) فالعفو صار آخر حلولنا وآخر مايمكننا التوصل إليه ، فذاك يقتل وذاك يسفك وذاك يظلم ..والقضية هي أننا نغتال أحلام الآخرين دون أن ندرك أننا ننهي أفراح تحاول الخروج إلى عالم يملؤه السفك، والدماء ... فهل اخطأ ولدا آدم حين شرعا القتل في الأرض ... هل كان قابيل محقاً في حمل وزر أخيه وهل كان الغراب طريقة واحدة لكي نخفي عيوبنا بعد جريمتنا ..؟
نصحو دائماً على الاغتيال غير المعلن ... نحاول أن نبحث عن طريق خال من الدماء ... نحاول أن نعلن للحظة أننا بشر ونملك الحب ...
لكي لانندهش بعد اليوم ولانحمل كلانا الهدوء المصطنع لأن القتل صار كاللعبة بأيدينا لم يعد يخيفنا أن نحمل أي سلاح ... لم تعد تلك البندقية تخيفنا بل صارت هي التي تخاف من عبثنا بها ... فها نحن نحملها علناً ..نحملها دون خوف ... نقتني أفخر أنواع السلاح فالبندقية صارت من ضروريات زينة الرجل ... بل إنه لايكون رجلاً إلابتلك الأحزمة المحشوة بالرصاص ومجموعة فريدة من السكاكين تتوسطها ماتدعى (بالجنبية ) هذا هو مفهوم الدماء لدينا فقد صارت دماؤنا مباحة بل أننا نجهل كيف نتأقلم على ذلك فالموت، شيء عادي بل إنه تافه.. أن تصوب مسدسك نحو الآخرين شيء عادي.. أن تنهي حياتهم من الأشياء العادية جداً كلمة واحدة تظل في حناجرنا تبحث عمن يجيب عنها ... لماذا نغتال بعضنا ؟
لماذا يصير حالنا كحال هابيل وقابيل ؟
ونقرأ جرائمنا على صفحات الصحف ونفتخر أننا لوثنا أيدينا بدماء....؟
ولماذا نأخذ وزر من اثقلت فكرة إنهاء حياته ؟ هل يفيد ندمنا بعدما لطخنا أيدينا بدماء من كان قريباً منا ... من كان في يوم يكن لنا كل المحبة والاحترام وآخر شيء من خلف المجهول تجتاح فكرة القتل في مخيلتنا ونلعب بالبندقية وكأنها إحدى الألعاب التي ابتاعها الأبوان بكل حب لكي نفرح بتلك الهدية الغالية وليأتي إلينا مشاهد مانراه على شاشة التلفاز ... نشكر التلفاز الذي جعلنا مجرمين من الدرجة الأولى ... نشكر أشياء قد انتهت من إنسانيتنا ... نشكر كل شيء قد أوصلنا إلى إنهاء حياة الآخرين لأجل طمعنا وغرورنا وتكبرنا وعقلنا الجاهل ... الجريمة أننا لم نفكر بالقتل بعد ... هكذا صار ينطقها البشر فهناك هابيل وقابيل يزحف .
أمثالهما في مجتمعنا يزحفان دون أن تشعر بهما ... الدماء صارت تلطخ أحلامنا... والموت هو اقرب إلينا من حبل الوريد لنمت ولننهي عذابنا وليتربص بنا المتربصون ... هل هذه الاغتيالات مشروعة بحق إنسانيتنا .. أن يخون الرجل زوجته حق مشروع .. أن يسرق الأبوان حق الطفولة من أطفالهما حق مشروع أن يقتل الأخ أخاه أو صديقه حق مشروع.. أن يتاجر الأب بشرف ابنته وزوجته أو أخته حق مشروع.. أن تخون المرأة زوجها وتجلب له أطفال ليسوا من صلبه حق مشروع ...
بل إنها اغتيالات مشروعة بحق إنسانيتنا ... (الإنسان) هل هو مشتق من نسيانه لحقه المشروع أم أنه شيء سام ... فيما يفعله بحق الآخرين.
لماذا صرنا بشراً لانحمل من إنسانيتنا إلا الكلمة ... نعم الكلمة وحدها هي التي تربطنا بهذا العالم ... الجميع يخططون لاغتيالاتهم المشروعة للظلم... للقهر ... للألم ... لعذاب لاينتهي ... صار بنو آدم يتلذذون لسماع أصوات أنين وآهات تزفر في أوقات عدة بل إنهم صاروا يمارسون كل هذا تحت مسمى هواياتهم الخاصة ان يقتلوا أحلام اقرب الناس إليهم .
وكل هذا تحت مسمى اغتيال مشروع فمتى نصحو من هذه الاغتيالات؟
متى نترك الآخرين يمشون بسلام ... نعم السلام ..الأمان ... الحب ... الإخلاص ... ماتحتاجه هذه الأرض التي وهبها لنا رب العباد ...
لا أعرف هل صرنا بشراً أم صرنا حيوانات تفرغ غريزتها دون التفكير بالآخرين ... دون ان ندرك حياتنا وكيف سنعيش بعدما نفرغ كل حقدنا.. كل آمالنا..كل سخطنا على بعض ... لتبقى كلمة التسامح نهاية لانصل إليها إلابعد ماان نقتل بعضنا .
