أولادي؟ هل أعدموهم.. أم اعتقلوهم؟ ماذا فعلوا بهم؟"...
تساؤلات بدأت فلسطينيات يرددنها بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة لمعرفة مصير فلذات أكبادهن وأزواجهن الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال العدوان الذي استمر 22 يوما، وخلف أكثر من 1300 شهيد ونحو 5400 جريح، نصفهم من النساء والأطفال.
أم إيهاب حمادة واحدة من تلك الفلسطينيات أخذت تبكي بحرقة أولادها الثلاثة الذين لا تعرف مصيرهم، وتتساءل بنبرة تملؤها الحسرة: "أين هم؟ هل أعدموهم.. أم اعتقلوهم؟ ماذا فعلوا بهم؟".
أسئلة أم أيهاب لم تكن الوحيدة، فهناك مئات القلوب المكلومة تنتظر إجابات على أسئلتهن، والتي لا يستطيع الصليب الأحمر أو المؤسسات الحقوقية الإجابة عنها.. وحدها إسرائيل فقط يمكنها إراحة هذه القلوب.
واعتقلت إسرائيل المئات من الفلسطينيين، واقتادتهم إلى جهات مجهولة، وأبقت على أكثر من 250 منهم فيما أطلقت سراح الباقي، بحسب عيسى قراقع مقرر لجنة الأسرى في المجلس التشريعي، الذي قال إن الاعتقالات تركزت في شمال وشرق مدينة غزة, وفي الأماكن التي شهدت توغلات إسرائيلية.
مصير مجهول
أم رأفت حجازي لم تصدق أن إسرائيل أفرجت عن صغيرها رامي (15 عاما) بعد أن اقتادوه مع كل رجال المنطقة إلى مدينة بئر السبع جنوب قطاع غزة, وقالت لـ"إسلام أون لاين.نت": "بدون سابق إنذار اقتحم جنود الاحتلال بيتنا.. وأخرجونا منه وتم تجميع كل الرجال من سن 15 في المدرسة القريبة من بيتنا.. هناك حققوا معهم وتركوا بعضهم وآخرين أخذوهم إلى مدينة بئر السبع ولا نعرف مصيرهم حتى الآن".
وبقلب مرتجف قال الطفل هيثم حمادة "13 عاما" الذي اعتقلته قوات الاحتلال لساعات: "عندما اقتحم الجنود منزلنا أخذوني معهم إلى المدرسة المجاورة لبيتنا.. وكان هناك المئات من الرجال والشيوخ والأطفال.. وبعد تحقيق دام ساعات تركوني أذهب.. وأخذوا العشرات معهم من ضمنهم أعمامي وأولادهم ولا نعرف أين هم".
ومن جانبه أكد عبد الناصر فروانة الباحث في وزارة شئون الأسرى اعتقال الاحتلال لأكثر من ألف فلسطيني خلال العدوان على غزة، أطلقت سراح المئات منهم بعض تحقيقات ميدانية استمرت لأيام.
وقال فروانة "إسرائيل مازلت تحتجز نحو 250 فلسطينيا، نقل بعضهم لمعتقل النقب وعدد محدود وصل إلى زنازين عسقلان شمال شرق قطاع غزة، أو بئر السبع جنوب القطاع"، مشيرا إلى أن المؤسسات الحقوقية تجهل أماكن وجودهم.
وأعرب فروانة عن قلقه الشديد حيال هؤلاء المعتقلين وخشيته على حياتهم، بعد أن رفضت إسرائيل التعاون مع الصليب الأحمر بهذا الصدد، أو الاستجابة لمطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بالكشف عن أعداد وأسماء كافة المعتقلين، داعيا كافة المنظمات الدولية للتدخل وتحمل مسئولياتها تجاه هؤلاء المعتقلين.
رهائن عند الاستخبارات
النائب عيسى قراقع مقرر لجنة الأسرى في المجلس التشريعي قال: إن "هناك 250 أسيرا فلسطينيا اعتقلوا خلال الحرب على قطاع غزة يحتجزون في زنازين سجن النقب الصحراوي.. أوضاعهم قاسية للغاية بعد تعرضهم للضرب والاعتداء.. ويحتجزون كرهينة لدى المخابرات الإسرائيلية".
وطالبت النائبة في المجلس التشريعي عن حركة حماس سميرة حلايقة جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية، بضرورة معرفة مصير أسرى الحرب الجدد من غزة.
وأوضحت أن المصادر الإسرائيلية تتحدث عن أنهم يعانون ظروفا صعبة جدا ويتعرضون لتحقيق قاس، وأن قوات الاحتلال لم تسمح حتى للصليب الأحمر بزيارتهم، "الأمر الذي يستدعي من جميع المؤسسات الحقوقية "الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء ضرورة الكشف عن مصيرهم".