[خطبة جمعه / أسباب هزائم العرب أمام اليهود
الشيخ عبد الله بن صلفيق الظفيري
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين مبيناً تأييده ومعييته ونصرته لعباده المخلصين الصادقين , (( إذ يوحي ربك للملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار )) والصلاة و السلام الأكملان الأتمان على من جعله الله أسوةً للموحدين وقائداً للغر المحجلين نبينا محمد القائل : ((وجعلت الذلة و الصغار على من خالف أمري )) صلى الله عليه و على آله وأصحابه الغر الميامين الذين جاهدوا في الله حق جهاده وحكّموا القرآن و السنة فصدقوا مع الله ونصحوا لله ولرسوله و عملوا صالحاً فاستحقوا النصر من رب العالمين , وتحقق فيهم وعده المبين (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويم يقوم الأشهاد ))
أما بعد عباد الله :
ألا فاتقوا الله تعالى واعلموا واستيقنوا أن النصر من عند الله وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده وأن العاقبة للمتقين .
عباد الله :
ولما كانت الأمة الإسلامية قائمة بشريعة الله حافظةً لحدود الله مجاهدة في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا كانت منصورة ظافرة فتحت مشار الأرض ومغاربها وكان لها السلطة و السيطرة على الأمم لأنها تقاتل لله وبالله وفي الله إخلاصاً لله تعالى واعتمادًا عليه والتزاماً بشريعته , فلما اختلفت أهوائها وتفرقت كلمتها وتشعبت مناهجها دب فيها الضعف وتكالبت عليها الأعداء وغزوها من كل جانب ومن كل سلاح غزوها من الناحية الفكر والعقيدة فغيروا الأفكار وأفسدوا العقيدة , غزوها من ناحية الأخلاق و المثل العليا فأفسدوا الأخلاق و هدموا المثل , وغزوها من ناحية المنهج و السلوك فضيعوها في متاهات الجهل و الخرافات و البدع و فرقت الأمة دينها وكانوا شيعاً كل حزتبما لديهم فرحون وأبدلوا القوانين الشرعية الإلهية بقوانين وضعية طاغوتية فحكموا بغير ما أنزل الله قد انقضى وقته وانقرض أهله فلا يطابق هذا العصر ولا يناسب أهله و ما هو إلا رجعية وتخلف إلى الوراء (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون )) , فلما بلغت الأمة إلى هذا المستوى انحطت معنوياتها ونزعت من قلوب أعدائها هيبتها وتسلط الأعداء عليها بقوة السلاح فغزوها غزواً عسكرياً في حروب كثيرة , في حرب التتار , وفي حرب الصليبين النصارى , وفي حرب الصهيونيين اليهود , وفي حروب أخرى هنا وهناك .
وفي هذه الأيام التي نشاهدها حرب ضروس بحقد يهودي وصمت نصراني ورضاً عالمي من ملل الكفر و الإلحاد .
أيها المسلمون :
إن لنا أن نتساءل وحق لنا إن نتساءل لماذا سلطت علينا هذه الأمة اليهودية على أمة العرب ؟؟ حتى استحلت بلادها ومقدساتها فضلاً عن دمار أهلها وأطفالها ونسائها وأعراضها إن علينا أن نتصور تصوراً صريحاً قبل الجواب و الصراحة وإن كانت مرة في بعض الأحيان لكنها هي الوسيلة للحكم الصحيح وتشخيص المرض مقدم على وضع العلاج فشق الجرح يؤلم المريض لكنه الوسيلة الناجحة للعلاج الناجع , وعلينا بعد التصور الصحيح أن اسمم بالعدل و العقل ولو على أنفسنا .
عباد الله :
إننا إذا نظرنا إلى تسليط هؤلاء اليهود على العرب وجدناه من عند أنفسهم كما قال الله تعالى في الجواب على سؤال المصابين يوم أحد (( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم )) ثم ختم الله الآية بقوله (( إن الله على كل شيءٍ قدير )) إشارة إلى أنه قادر على أخذ أعدائهم فهل تدرون ما هذا الذي كان من عند أنفسهم وتسبب في الهزيمة إنها معصية واحدة في أمرٍ تنظيمي كانت من أسباب هذه المصيبة فلو تصورنا حال العرب اليوم تصوراً صحيحاً وحكمنا حكماً عادلاً مبنياً على العقل بعيداً عن تيارات العاطفة و الحماس لوجدنا العجب العجاب إن في العرب اليوم ماهو من أكبر أسباب الخذلان و الهزيمة إن في العرب اليوم من لا يؤمن بالله و اليوم الآخر إن في العرب اليوم من يشرك بالله بدعاء المخلوقين وتعظيمهم و التعلق بهم إن في العرب اليوم من يقيم المزارات ويجعل لها السدنة إن في العرب اليوم من لا يقيم الصلاة ولا يؤتي الزكاة إن ي العرب اليوم من لا يصوم رمضان ولا يحج البيت بل يرى ذلك رجعية إن في العرب اليوم من يحكم بغير ما أنزل الله ويرى أن الحكم بما أنزل الله قد انتهى وقته وانقرض أهله وأنه غير صالح لهذا العصر ويتحاكم إلى القوانين الأوربية الكفرية الإلحادية وإن في العرب اليوم من تباع الخمور في أسواقهم وتشرب علانية إن في العرب اليوم من يضع حوانيت وبارات رسمية للزن و الفجور إن في العرب من أسقط فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إن في العرب اليوم من لا يقيم حدود الله التي أوجبها الله في الجرائم ويرى أن إقامتها همجية ووحشية إلى غير ذلك من المعاصي و المنكرات كالاختلاط بين الرجال و النساء في المدارس و الجامعات في بعض دول العرب وتبرج النساء وتعريهن إلى غير ذلك مما يندى له الجبين العربي و الإسلامي , هذا في عموم العرب أما في الجماعات الإسلامية التي رفعت راية الجهاد فحدث ولا حرج من انحراف فكري وابتعاد عن التوحيد و الدعوة الصحيحة وعن الإتباع الصحيح وعن الابتعاد عن عقيدة وسبيل السلف .
يقول أحد قُواد ومنظري هذه الحركات هذه الأيام ( إن حركتنا هي ربيبة الثورة الخمينية ) أهـ , ....... الله أكبر ....الله أكبر وعجباً , بدلاً أن يقول إن طريقنا هو طريق القرآن و السنة وأن سبيلنا سبيل السلف آثر أن يكون سبيله سبيل أهل الشرك و البدع و الضلال والرفض الذين يسبون صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والذين يقدمون أئمتهم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين يدّعون أن القرآن محرف !!؟؟ , يجعلون طريقهم هو طريق الثورة الخمينية ويتركون طريق الكتاب و السنة ويريدون النصر من هؤلاء المشركين الضلال ويتركون العقيدة الصحيحة و التوحيد الصحيح ويتركون القرآن العظيم وسنة محمدٍ صلى الله عليه وسلم يتركون سبيل الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ويجعلون أنفسهم ربيبوا الثورة الخمينية .
فيا عباد الله :
لا نضحك على أنفسنا ولنحاسب أنفسنا , واسمم على أنفسنا بالقول الصريح إذا كانت معصية واحدة من بعض المجاهدين من الصحابة وبينهم محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد كانت من أسباب مصيبة الهزيمة فما بالكم أيها الإخوة اليوم بهذه الفضائح و الجرائم و المعاصي التي توجد بين كثير من العرب اليوم وبين الجماعات الإسلامية التي ركنت لأهوائها وتشبثت مع أهل الباطل والبدع والإلحاد وتركت علمائها وولاة أمرها وكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :
إن الطمع في النصر بدون وجود أسبابه طمع في غير محله إنه كالطمع في الأولاد بدون نكاح وكالطمع في الأشجار بدون غرس وكالطمع في ربح التجارة بدون اتجار إننا متى صدقنا الله تعالى في الجهاد في سبيله فكان قتالنا لتكون كلمة الله هي العليا وشريعته هي الحكم فنقيم على أرض الله تعالى دولةً إيمانية تؤمن بالله و اليوم الآخر وتعمل صالحاً فتقوم بأمر الله وتحكم بشريعة الله وتوالي من والى الله ورسوله و الصحابة و السلف الصالح وتعادي من عادى الله ورسوله والصحابة والسلف الصالح وتتمشى في ظاهرها وباطنها على ما نشى عليه عباد الله الصالحون من سلف هذه الأمة فستكون العاقبة لنا وسيورثنا الله أرضهم وديارهم وأموالهم كما أورثها سلف هذه الأمة (( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطؤوها وكان الله على كل شيء قديراً )) (( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين )) (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين )) .
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد يا منان يا بديع السماوات و الأرض يا ذا الجلال و الإكرام يا حيّ يا قيوم أن تنصر الإسلام والمسلمين وأن تخذل الشرك و المشركين وأن تدمر أعداء الدين , اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل في أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير , اللهم احفظ إخواننا أهل فلسطين في غزة , اللهم إحفظ أطفالهم ونسائهم ورد قواهم إلى جمعتهم ووحدتهم وعقولهم يا رب العالمين , اللهم اكفهم شر أنفسهم , اللهم ألهمهم رشدهم واكفهم شر نفوسهم يا رب العالمين , أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على رسول الله وآله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
أما بعد عباد الله :
إنه يحلو للبعض بعد أن يملأ بطنه شبعاً ويملأ شهوته ويقف أمام تلك القنوات الساعات الطوال ويترك فرائض الله ثم بعد ذلك يلقي التهم على هذا وهذا , وهنا وهناك يحمل المسؤولية على الجهة الفلانية أو الجهة الفلانية , ويحمل المسؤولية حكام المسلمين أو علماء المسلمين ويزين له الشيطان ذلك وينسى نفسه أنه فرد من أفراد الأمة وأنه ربما تكون تلك المصائب بسببه هو وأمثاله الذين تركوا فرائض الله وفرطوا في طاعة الله ورسوله يسول لهم الشيطان ذلك ويمنيهم ويجعلهم يقضون أوقاتهم الطوال ويسهرون الليل في القيل و القال ولا يؤدون واجب المسلمين عليهم , أليس واجب المسلمين علينا أن نرفع أيدينا لهم لكي ينصرهم رب العالمين ؟؟ , أم أننا نعصي رب العالمين ونسهر ونترك القيام و الدعاء ونترك صلاة الفجر والفرائض ونأكل الربا و الحرام ونتبع الشهوات ومنا من يزني ويتّبع الزنا ومنا من يشرب الخمر ومنا من يخالف محمداً صلى الله عليه وسلم ويظن نفسه أنه في أنه في تلك الجلسات تحمس للإسلام , وإن تحمسك للإسلام و المسلمين أن تحاسب نفسك يا عبد الله قبل كل شيء أن تزن أعمالك وأقوالك وظاهرك وباطنك على هذا القرآن العظيم وعلى سنة محمدٍ صلى الله عليه وسلم أليس هزم المسلمون في غزوة أحد وكان بينهم محمداً صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة الكرام الكبار , هزموا بسبب معصية بعضهم فعلوا ذلك اجتهاداً منهم فكانت الهزيمة وجرح الصحابة وقتل أكثر من سبعين صحابي وجرح محمدٌ صلى الله عليه وسلم بسبب معصية واحدة وكم في كل فرد منا من معصية إما معصية قلبية دسيسة وإلا معصية ظاهرة ومخالفة للقرآن و السنة أنت يا عبد الله قف مع نفسك وزن أعمالك وأقوالك على هذا القرآن العظيم , ألست مسلماً ؟؟؟ .. ألست مسلماً ؟؟؟... أليس ربما يؤتى الإسلام من خلالك ؟؟ إن الواجب علينا يا عباد الله أن نرجع حقيقة إلى الإسلام أن نرجع حقيقة إلى القرآن و السنة , إذا رجعت إلى بيتك اتق الله واستحلفك بالله أن تزن نفسك وأقوالك وأعمالك على القرآن و السنة ولا تضيع نفسك وراء القنوات وراء السياسة عليك أن تشارك إخوانك المسلمين في الدعاء و العودة إلى الله سبحانه وتعالى و التوبة النصوح هذا هو الواجب علينا يا عباد الله هذا هو الواجب علينا حقيقةً , والله لن ينصرنا رب العالمين على اليهود وعلى النصارى وعلى أعداء الإسلام إذا كان هذا واقعنا , إذا أكلنا الربا وتركنا الفرائض ونهجر بيوت الله و نهجر القرآن العظيم والله لن ينصرنا رب العالمين , إنما ينصرنا إذا رجعنا إلى الله سبحانه وتعالى (( إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا ))(( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً )) .
أكثر من مئة ألف قبر في العالم الإسلامي يستغاث به ويدعى من دون الله أيستحق المسلمون هذا النصر ؟؟ أيستحق أن تنزل عليهم الملائكة يقاتلون معهم وهم يعصون الله ليل نهار ؟؟ وأولئك الذين يستنصرون بالروافض أيستحقون النصر من الله ؟؟ يقولون إن حركتنا ربيبة خمينية من ثورة الخميني بالله أيستحق النصر هؤلاء ؟؟
يا إخواني :
لا نكذب على أنفسنا , لا نغش أنفسنا , لا نخون الله ورسوله وتأخذنا العواطف , والله لن يحصل نصر للمسلمين إلا بالقرآن العظيم و السنة الصحيحة وعلى منهج السلف و العقيدة السنية والتوحيد الخالص وعلى إتباع القرآن و السنة .
وإني أنصح أولئك الأئمة الذين يحمّسون الشباب على غير دراية وهدية , أنصح الأئمة بعض أئمة المساجد الذين ينفخون في الشباب ولا يرجعونهم إلى العلماء .
رب العالمين ما جعل أمر عموم الأمة لأفرادها وإنما جعل أمر الأمة لعلمائها وولاتها , اسمعوا ماذا قال الله (( فلا تخونوا الله و الرسول)) وتخونوا الأمانة وتظهرون للناس أنكم متحمسون للإسلام وتثيرون الشباب على غير هداية ودراية وعلم (( وإذا جاءهم أمر من الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الله و الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم )) , ما أمر الله بم و أن أفراد الأمة وأئمة المساجد يتحكمون في أمر العامة إنما جعل هذا الأمر لأهل العلم والولاة فاتقوا الله في الشباب لا تضيعوهم كما ضيعتموهم في أفغانستان و العراق وكما ضيعتموهم في لبنان على حماس طائش وعلى غير هداية ودراية وعلم فاتقوا الله في الشباب فإن فيهم حمية وحرارة وحماس للإسلام لكن يجب أن يضبط بضوابط القرآن و السنة وأهل العلم .
اللهم انصر الإسلام و المسلمين يا رب العالمين , اللهم رد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً يا رب العالمين , اللهم المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً يا رب العالمين , اللهم افتح لهم باب التوبة و الرجوع إليك يا رب العالمين اللهم أعن المسلمين على التوبة النصوح , اللهم اجعلهم يحاسبون أنفسهم يا رب العالمين اللهم اجعل كل فرد منا يحاسب نفسه ويتوب إلى الله توبةً نصوحاً يا ذا الجلال و الإكرام , اللهم انصر أهل التوحيد والإسلام يا رب العالمين , اللهم احفظ المسلمين في فلسطين يا رب العالمين اللهم احفظ أطفالهم ونسائهم يا ذا الجلال و الإكرام , اللهم عليك باليهود و النصارى ومن ناصرهم وشايعهم يا رب العالمين , اللهم عليك باليهود و النصارى يا رب العالمين , اللهم أعز أهل السنة في كل مكان وعليك يا ربنا بأهل الإلحاد و الرفض و اليهود و النصارى يا ذا الجلال و الإكرام , اللهم إنا نسألك بأنك أنت القوي العزيز و أنت الذي أعطيت محمداً النصر المبين أن تعطينا النصر المبين على أنفسنا أولاً وعلى الأعداء يا رب العالمين اللهم اجعلنا ممن يحكم بالقرآن و السنة كلٌ منا على فرده وشخصه وعلى أسرته وعلى بيته يا رب العالمين يا ذا الجلال و الإكرام و الحمد لله رب العالمين . اهـ
