أكثر من 95 طفلاً يموتون في المستشفى اليمني السويدي بتعز خلال 37 يوماً فقط وما يزالون.. رقم مرعب لكن المسئولين في هذه المحافظة لم يعيروه أدنى اهتمام كعادتهم.. وجعلونا نشعر أنهم متواطئون مع الموت ضد أطفالنا.
لم يسبق لي أن تمنيت إصابة أي شخص بأذى مهما كانت درجة خصومتي معه.. لكنني هذه الأيام أتمنى لأبناء مسئولي (تعز) وأبناء قادة الأحزاب ورؤساء منظمات المجتمع المدني والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بما في ذلك الأطفال أن يصابوا بأمراض تضطرهم لإسعافهم إلى المستشفى اليمني السويدي (النقطة الرابع) ويصطدمون بكادر المستشفى شاهراً مطالبه المستحقة في وجوههم.
المسئولون (المحترمون) وكي ينقذوا فلذات أكبادهم سيبذلون المستحيل في سبيل ذلك.. سيتوددون ويقدمون الوعود والحلول السريعة والناجعة لإشكالية مستشفى مهم يتداوى فيه كل أطفال تعز من أبناء المعدمين والمسحوقين وهم الغالبية في (تعز).
إشكالية (النقطة الرابع) تراكمية منذ سنين انفجرت منذ أكثر من شهر ونصف.. هذه الإشكالية أكدت لنا كم نحن معاقبون بمسئولين عديمي ضمير.. لا يعلمون ولا يخجلون من أنفسهم.. لأنه كان من المفترض عليهم أن يقدموا استقالة جماعية بسبب الرقم المخيف لأطفال يموتون على مرأى ومسمع منهم!.
***
اليوم يدشن المشير عبد ربه منصور حملته للانتخابات الرئاسية.. ماذا لو أن الرئيس التوافقي القادم تخلى عن البروتوكلات النمطية المستهلكة في الحملات الانتخابية لأنها أصبحت تقلقنا كثيراً وتجاربنا السابقة معها أثبتت أنها مجرد استهلاك غير مجدٍ للوقت.
بإمكان (هادي) امتلاك قلوب أبناء (تعز) وبدون تكاليف كتلك التي تنهك خزينة الدولة المفلسة أصلاً.
كم سيكون الرئيس الذي يفصلنا عن تنصيبه (3) أيام فقط, عظيماً وحاملاً لآمال التغيير العريضة وهو يزور المستشفى اليمني السويدي ( النقطة الرابع ) في زيارة مفاجئة.. وهناك سيتعرف على معاناة كادر طبي تمريضي وإداري.. وسيتعرف أيضاً على مطالبهم المشروعة وطموحاتهم التي مازالت تبحث عن إمكانيات مناسبة لتعلن عن كفاءتهم.. وقبل ذلك سيتعرف عن كثب على شريحة من البشر يسكنها حلم الانتقال لواقع أفضل من هذا التعيس المتعايشين معه غصباً.
هناك سيرى (هادي) وجوهاً شاحبة وأجساداً هزيلة لأمهات تضيق بهن طواريد المستشفى.. ويضقن هنا بمعاناتهن وطول انتظارهن لجرعة لقاح تقي أطفالهن المرض.
وفي الطابق الثاني للمستشفى سيكون مرشح الرئاسة على موعد مع مشاهد موجعة لأطفال رضع بعضهم لأسباب صحية وغذائية عديدة غادر الحياة رغم أنه جاء إليها تواً.. وبعضهم ماتزال ذات الصرخة التي أعلنت ولادتهم تعيش معم منذ شهور لكنها الآن أكثر وجعاً.. والأقسى من ذلك آباء وأمهات يقفون عاجزين أمام معاناة أطفالهم وآلامهم.. فلا إمكانيات المستشفى كانت كافية للتخفيف عنهم ولا المسئولون المعنيون في المحافظة كانوا عوناً لهم عليها.
أماكن كهذه ستجعل عبد ربه منصور قريباً من البسطاء والمسحوقين.. سيمدهم بطاقة أمل وتفاؤل وسيمدونه بكامل محبتهم وإخلاصهم.. سيهتفون له من تلقاء أنفسهم لأنه بدا لهم مختلفاً بإيجابية.. وسيباركون مسيرته القادمة بدعواتهم الصادقة.
فخامة الرئيس التوافقي: لتكن بدايتك كمنقذ للبلد وكزعيم حقيقي من بين البسطاء, فالنقطة الرابع قريبة جداً من ميدان الشهداء حيث مهرجانك الانتخابي ونصف ساعة ستدخلك قلوب ناس تعز للأبد.
زيارة كتلك وما سيترتب عليها من قرارات إنسانية مسئولة ستجعلك تعيش أسطورتك الحقيقية.
