ظهر اليوم سيكون العالم على موعد مع مباراة الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم للاندية بين العملاق برشلونة بطل أوروبا وأعظم أندية العالم ربما على مدي نصف القرن الماضي ، وفي مواجهته فريقنا العربي القطري نادي السد بطل آسيا ونصف العالم .. وبالتأكيد المباراة ليست متكافئة ولكنها مناسبة للعزة والفخر بفريق عربي استطاع بجهده وكفاحه ان يتأهل لمواجهة رسمية في المربع الذهبي لعمالقة أندية العالم مع البارسا الرهيب ، وليس مطلوبا منه سوى التماسك واللعب بثقة وانضباط دون تفكير في سحرة ونجوم البارسا بقيادة ميسي وتشافي وانيستا او كيفية التقاط الصور التذكارية وربما استبدال الفانلات معهم .
على السد "العالي" والملقب بالزعيم أن ينسى أسماء المنافسين ونجوميتهم الطاغية وليؤجل ذلك لما بعد المباراة ، ولا نطالبه بما هو أكثر من بذل قصاري الجهد وتجنب الخوف والرعب والهلع ، فالكرة مستديرة وكم من منتخبات عظمي سقطت امام منتخبات " قزمة"، وكم من أندية عالمية تعرضت للاطاحة بها امام فرق مغمورة وآخرها مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي منذ أيام في دوري أبطال أوروبا .
وللاعبي السد وجماهيره ، أهدي هذه الحكايات عن ظروف مماثلة لانجازات عظيمة لفرق لم يكن يُتوقع لها الصمود في مواجهة عمالقة ، غير أنها بسلاح الانضباط والتماسك والثقة بالنفس والارادة والايمان بالله ، حققت المفاجأت .. وهذه حكايات لمنتخب مصر والنادي الاهلي المصري ومازيمبي الكونغولي .
** سألت المدرب المصري الكبير محمود الجوهري المدير الفني لمنتخب مصر إبان كأس العالم لكرة القدم عام 1990 , والذي استطاع التعادل 1/1 في مباراته الاولي مع هولندا المرعبة والتي مثلها واحد من أعظم أجيالها الكروية بقيادة المدافع رونالد كويمان والثلاثي الاسطوري رود خوليت ورايكارد وماركو فان باستن ، سألته كيف استطعت تحقيق هذا الانجاز مع منتخب بلدك وماذا قلت للاعبيك وكيف حافظت علي حالة توازنهم النفسي وثباتهم الانفعالي، فقال لي أقنعتهم ببساطة ألا يبالغوا في الامر وأن ينسوا النجوم المشاهير الهولنديين، وأن يركزوا في أن منافسيهم هم بنفس العدد وليسوا أكثر ، وأنهم يمتلكون نفس الاجساد وليسوا عمالقة أو لديهم أربعة أذرع أو أربعة أرجل ، وأن المعركة في الملعب ستكون متكافئة والقتال سيكون بين 11 رجلا من كل فريق.. وكانت هذه المباراة واحدة من أفضل مباريات المنتخب المصري في كل تاريخه.
** غيرأن هناك مباراتين لمنتخب مصر هما الافضل من وجهة نظري وكانتا في كأس القارات بجنوب افريقيا عام 2009 ، وكنت أغطي البطولة من الملعب ، وفي المباراة الاولي بين مصر والبرازيل ورغم التجهيز الفني والبدني للفريق بواسطة المدير الفني العالمي حسن شحاتة والذي اعتبره - بالانجازات - أعظم مدرب في تاريخ الكرة المصرية والافريقية والعربية ،رغم ذلك فقد أصيب المنتخب المصري بحالة رعب وهلع مع الدقائق الاولى في المباراة وكانوا يتفرجون على "السوبر ستار" ريكاردو كاكا وزملاءه المشاهير وكانت وجوههم مصفرة من الخوف ، لدرجة أن المدافع العملاق وائل جمعة قلش كرة مع زميله المدافع أحمد سعيد أوكا بعد خمس دقائق لما اقترب منهما كاكا ليخطف الكرة ويسجل هدفا مضحكا ، ولكن بعد ذلك تماسك اللاعبون ولعبوا أحسن مباراة في تاريخ الكرة المصرية وقدم النجم محمد ابو تريكة أعظم مباراة في تاريخه الكروي وانتزع التألق والنجومية والاضواء من كاكا وفابيانو وروبينيو وباتو، رغم فوز زميله محمد زيدان بلقب أحسن لاعب في المباراة، وقد تمكن الفراعنة من ادراك التعادل بعد هدف كاكا بأربع دقائق ، وغضب البرازيليون وأضافوا هدفين في الشوط الاول الذي انتهي 3/1 .. وفي الشوط الثاني تلاعب المصريون بمنتخب السامبا و" غسلوه " في أرض الملعب لدرجة أنهم سجلوا هدفين لمحمد شوقي ومحمد زيدان في أقل من دقيقتين في مرمى المنتخب العريق الذي فاز بعد ذلك بلقب هذه البطولة، وظل التعادل قائما حتى الدقيقة 90 ، حينما احتسب الحكم الانجليزي هوارد ويب ضربة جزاء مثيرة للجدل سجل منها كاكا هدف الفوز ولكنه لم ينقذ ماء وجه فريق السامبا من الدرس المصري خاصة أن كاكا قبل المباراة كان يتحدث بمنتهي الاستخفاف عن الفريق المصري الذي قال أنه لا يعرفه ولم يسمع عنه وان مدربه دونجا أحضر لهم بعض شرائط الفيديو للتعرف على الفريق ..
** وفي هذه البطولة نفسها وبعد ثلاثة أيام حقق منتخب مصر أعظم انتصار لفريق مصري او عربي او افريقي أو آسيوي بالفوز على منتخب يحمل لقب بطل كأس العالم وهو منتخب ايطاليا الذي تغلب عليه المصريون 1/ صفر بهدف نجم الاسماعيلي المظلوم دائما محمد حمص ، وتألق خلال هذه المباراة الحارس عصام الحضري ومنع بطريقة سحرية عدة أهداف ايطالية، وسرق الاضواء من بوفون الفائز بلقب أحسن حارس في العالم .
** والدرس او المشهد الآخر الضروري الذي أقدمه لفريق السد القطري قبل لحظات من مباراته مع البارسا ، هو مشهد يكاد يضاهي موقفه تماما في مباراة اليوم ، وهو مشهد مشاركة نادي الاهلي المصري في بطولة كأس العالم للاندية باليابان عام 2006 ، حينما أحرز المركز الثالث للبطولة وهي أحسن مشاركة لفريق عربي حتى الان في البطولة ، كما أنها ثانى أفضل إنجاز في تاريخ البطولة لاندية من خارج اوروبا وامريكا الجنوبية .. وما أسوقه للسد عن أداء الاهلي في تلك البطولة التي كنت أغطيها من الملعب وحضرت جميع مؤتمراتها الصحفية ، أن الاهلي لعب في الدور قبل النهائي امام انتر ناسيونال البرازيلي بطل امريكا الجنوبية ، وتعادل معه نصف وقت المباراة تقريبا وسجل في مرماه وأضاع عدة فرص ولكنه خسر1/2 في النهاية بعد عرض مشرف ، ولما سألت المدرب البرازيلي آبيل براجا مدرب انترناسيونال : لماذا لعبت بطريقة اوروبية منضبطة ولم يقدم فريقكم لمحات كرة السامبا ، أجابني والغضب يأكل قلبه من "علقة " الاهلي ، عروض السامبا موجودة في مدينة ريو دي جانيرو لمن يريد مشاهدتها ، لكننا نلعب كرة قدم !.. وصعد الانتر للمباراة النهائية و الغريب أنه فاز على برشلونة بقيادة نجمه رونالدينيو ومدربه رايكارد .. وكانت هذه بداية النهاية لكليهما !
** ودارت الدائرة على هذا الفريق( انترناسيونالي )، في أبو ظبي في ديسمبر الماضي وشاهدته يخسر امام فريق نادي مازيمبي الكونغولي بطل افريقيا في الدور قبل النهائي لبطولة كأس أندية العالم الماضية ، حيث فاز عليه الفريق الافريقي 2/ صفر وأسقط لاول مرة في تاريخ البطولة ممثل امريكا الجنوبية ، لتخلو المباراة النهائية لأول مرة من ممثل هذه القارة ويصبح لقاء القمة والمباراة النهائية بين بطلي اوروبا وافريقيا ، فهل يفعلها فريق آخرمن قارة آسيا !!
