شهد وسط القاهرة امس انتكاسة امنية خطيرة، اذ ادت اشتباكات بين متظاهرين اقباط وقوات الجيش الى مقتل واصابة العشرات من الجانبين اثر التظاهرة التي اندلعت احتجاجا على هدم كنيسة في مدينة ادفو بمحافظة اسوان في صعيد مصر، الاسبوع الماضي.
واعلن التلفزيون المصري مساء امس على شريط اسفل الشاشة عن سقوط اثني عشر قتيلا بعد ان اطلق المتظاهرون الاقباط النار عليهم امام مبنى الاذاعة والتلفزيون في ماسبيرو،مشيرا الى ان 'المتظاهرين الاقباط يواصلون رشق جنود الجيش والشرطة المكلفين حماية مبنى ماسبيرو بالحجارة'.
وتحدثت تقارير عن وصول القتلى الى اربعة عشر وسط مخاوف من زيادة عدد الضحايا.
وبدأت المواجهات بعد وصول الالاف من المتظاهرين الاقباط الى شارع ماسبيرو امام مبنى الاذاعة والتلفزيون قادمين في مسيرة من حي شبرا احتجاجا على اعمال العنف الطائفية.
ورشق متظاهرون اقباط قوات الجيش والامن المركزي الذين يحرسون المبنى بالحجارة واشعلوا النار في سيارتين. واكد التلفزيون المصري احتراق سيارة للجيش.
وحاولت قوات الامن تفريق المتظاهرين باطلاق النار في الهواء.
وقال شهود عيان، من أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، إن مدرعات تابعة للقوات المسلحة، طاردت المتظاهرين على كورنيش النيل أمام 'ماسبيرو'، محاولة دهسهم.
وأضاف الشهود أن المتظاهرين استولوا على أسلحة من قوات الجيش، وأطلقوا منها الأعيرة النارية.
واضافوا ان عشرين من الجرحى في حالة خطيرة.
وانتقلت الاشتباكات في وقت لاحق الى ميدان التحرير القريب من ماسبيرو، حيث اقام المتظاهرون متاريس وحواجز امنية، فيما سارعت قوات الامن الى محاصرتهم في محاولة لمنعهم من الاعتصام داخل الميدان.
ونقلت فضائية 'العربية'، بثاً مباشراً من موقع الأحداث، أظهر مدرعة للقوات المسلحة، تطارد المتظاهرين الذين صعدوا الأرصفة للاحتماء، فصعدت خلفهم.
وبثت القناة مقطع فيديو آخر يظهر متظاهرين يضربون أحد جنود القوات المسلحة، فيما يحاول أحد الكهنة حمايته وإنقاذه منهم.
وقال عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه شاهد 'مدرعات للجيش تدهس المتظاهرين.. وهذه جريمة حرب مسؤول عنها المشير طنطاوي، ومجموعة المجلس العسكري، وهذه جريمة في حق الإنسانية يجب أن يحاكم المسؤولون عنها، ويجب أن يحاسب من أصدر الأوامر'.
وأضاف في مداخلة هاتفية على قناة النيل للأخبار: 'هؤلاء متظاهرون سلميون، ولم يكن أحد من المتظاهرين يحمل سلاحاً، لكن الجيش هو من صعّد الأمر، والمشير يجب أن يخرج للناس الآن ويتحدث، فهذه مقدمة لحرب أهلية'.
وعرض التلفزيون المصري لقطات لعشرات الاشخاص وهم يفرون من المكان، بعد ان اوضح ان المتظاهرين اغلقوا الطريق امام مبنى التلفزيون المطل على النيل.
وأشارت تقارير الى أن حالة من الفوضى كانت عمت وسط البلد وتحديدا أمام مبنى ماسبيرو بعد قيام مئات المتظاهرين الأقباط بقطع الطريق أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل بوسط القاهرة، ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن أمام المبنى.
وأشارت تقارير الى أن الاشتباكات كانت ما تزال متواصلة، حيث يحاول رجال الجيش والشرطة السيطرة على الأحداث.
وبينما تحدثت الحكومة عن اياد خارجية تعمل لمصلحة اعداء الثورة، اعتبر مراقبون ان شتباكات الامس تنذر بتدهور خطير في العلاقة بين الاقباط والمجلس العسكري الحاكم، وقد تؤدي الى مزيد من الاحتجاجات اوالاضطرابات الطائفية.
واشاروا الى ان عدم اصدار قانون موحد لدور العبادة اسهم في اندلاع العديد من المشاكل الطائفية خلال السنوات الاخيرة، وان حكومة عصام شرف لم تف بوعودها باصدار القانون.
واعرب المراقبون عن خشيتهم من انتشار المواجهات خاصة بعد انباء عن تدخل بعض سكان حي بولاق لمساعدة قوات الامن في مواجهة المتظاهرين، او ان تؤدي الاضطرابات الى انتكاسة سياسية وتأجيل للانتخابات التشريعية المقررة في 28 نوفمبر المقبل.
وتزامنت الاشتباكات مع اصدار المشير حسين طنطاوي قرارا بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، استجابة لمطالب القوى السياسية.