عُذْرَاً أُمِّي فَقَدْ أَتْعَبتُكِ

بسم الله الرحمن الرحيم


|| عُذْرَاً أُمِّي فَقَدْ أَتْعَبتُكِ ||


إن من الطبيعي على كل أمٍ أن تخاف على ابنها
فهذه طبيعة بشريّة جبلت الأم عليها
فالأم مع ابنها كبيراً كان أو صغيراً
تعامله معاملة طيّبة حسنة لا تؤذيه


تجوع لتطعمه
تفعل كل ما يرضيه
تفرح لفرحه وتبكي لبكائه
يسعدها ما أسعده ويحزنها ما أحزنه
تخاف عليه من أي شيء
تسأل عنه إذا غاب وتشتاق له إذا أطال الغياب


فما بالكم لو فقدته في يومٍ من الأيام ؟!!
هذا مثالٌ بسيط وهذا باختصار هو حالي مع أمي ..


أمي الحبيبة
فَقدت ابناً من أبنائها شهيداً نحسبه والله حسيبه
وبعد هذا الفقدان أصبحتُ عندها كل شيء
تسأل عنّي كل لحظة وكل دقيقة
لا تريد منّي الخروج تتمسك بي بصورة غريبة عجيبة
أكثر من قبل بصورة ملحوظة ..
وإذا خرجت فلا أكاد أخرج حتى تتوالى عليّ المكالمات
وسبحان الله ..
هذا هو قلب الأم الحنون
وهذا هو حال أمي – صبّرها الله – بعد فقدها لأخي – تقبله الله - ..


ولكن أمي الحبيبة
ماذا تريديني أن أفعل ؟؟!!
هل أجلس في البيوت كالنساء ؟
هل أتذوق طعم الذل والخنوع ؟
هل ألبس ثوب العار والرقود ؟
فما تعوّدت على هذا والله


أمي الحبيبة
أحبُّ وأعشق الجهاد في سبيل الله فهل ستحرميني ؟!
أريد الشهادة في سبيل الله فهل ستمنعيني ؟!!


تحدثيني أن أجلس وأرقد في البيت عندكِ
فأجيب : الجهاد فرض عينٍ يا أمي
تردّين عليّ بحزنٍ شديد
يكفي الذي جرى لي يا ولدي
أقول : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }
هذه أقدار الله يا أمي ، ولترضي بقضاء الله وقدره
تقولين جاهد في علمك فأنت طالبٌ شرعيّ انتبه لدراستك حتى تُعلّم الناس
فذلك أفضل الجهاد ..
فأضطر أخيراً أن أوافق على ما تقولين حتى لا أزيد مواجعك وأقلب جراحك
ولكن ما في قلبي مخالف لك يا أمي


فعُذراً ..


تتحدثين معي اليوم وتقولين ما هذا الذي الذي تضعه في الحاسوب
عبوات وتصنيع ومتفجرات ؟!!
قل لها يا أمي
العبوات أنجع ..

قالت يا ولدي لا نريد عبوات
فقلتُ لها " مبتسماً " يا أمي
العبوات أنجع ..



ثم فتحت لها على إصدار ألا إن القوة الرميّ
وقلت لها انظري يا حبيبة
كيف يتطايرون كالجرذان
فجاءت أول لقطة من لقطات الإصدار وهي قنص ثلاثة علوج أمريكان
فقلت لها انظري يا أماه
الأول. . الثاني .. الثالث
فتهلل وجهها واستبشرت وقالت
نصركم الله .. نصركم الله


فقلت في نفسي سبحان الله كيف تُحبّ الجهاد والمجاهدين وتدعو لهم
وتكرهين ذلك لابنك ..!


عذراً أمي ..
أقدّر والله ما أنتي فيه من همّ وغمّ ونصب وحزن ..
لكن اعلمي أن كل هذا ستؤجرين عليه بإذن الله عزوجل فاصبري واحتسبي
وهذه هي أقدار الله جل وعلا ..


ولكن أمي الحبيبة وقرّة عيني
لن يمنعني من الجهاد أحد كائناً من كان
فالجهاد قد ملك عليّ فؤادي
فأصبحت لا أطيق الجلوس بغيره ولا أستطيع العيش بدونه


فهو فخرُ الموحدين وقرة عين المجاهدين
وبتركه يضيع الدين
والتمسك به عزٌ ونصرٌ وتمكينٌ
لدين رب العالمين ..


فلتتركيني وشأني فهي قتلة واحد فلتكن في سبيل الله ولا تجزعي ولا تحزني
فالإقدام لا يقدم أجلا والإحجام لا يؤخره


وَعُذْرَاً أُمِّي فَقَدْ أَتْعَبتُكِ


حنت يداي إلى مساس يداها *** و شكى الفؤاد إليّ من فرقَاها


رُوسية الشَفتين لا تَرضى سِوى *** تقبيلَ كلِّ مُنافق يَلقاهَا


ذهبيةُ الأسنانِ حين تَبسمتْ *** سقط الرجَال لخوفهم إيَّاها


إن أغمزي الأردَاف تُبدي تَغنجاً *** لِحيائها لله درُّ حياهَا


ياربِّ عجل بالوصالِ فإنّني *** متألمٌ والنفس قد أعياهَا


طولُ القعود عن اللقاءِ فهل لنا *** من موعدٍ معها لكي نلقاهَا


يا أيها "الحجي" لا تُشقق على *** قلبي فإنِّي مُغرم بهواهَا


فاسمح لنَا كي ما نقابل حِبنا *** والله إنِّي لا أريدُ سواهَا


أسأل الله أن يجعني بكِ في الفردوس الأعلى من الجنة إنه ولي ذلك ومولاه


أبو هريرة السلفي
تجاوز الله عنه