نبأ نيوز- خاص/ تعز: عبد القوي شعلان - تعز المدينة المثقلة بالهموم والمسكونة بالألم, كتب عليها الصبر عن كثير من مشاكلها ومعاناتها التي تزيد مع حلول الشهر الكريم الذي يتميز بطقوسه الخاصة في المدينة- سواء في الجانب الروحي أو الاستهلاكي بتعدد أصناف الأطعمة المقدمة في الموائد، وتبدل بعض السلوكيات، والبرامج التي تتبدل مع انقلاب ليال الشهر الكريم إلى نهار لمدة 30 يوما. وما أن يعلن عبده حمود- الجندي الذي يعمل على مدفع إفطار تعز- إمساكية الشهر الفضيل حتى يسارع الناس إلى إعلان ما يشبه حالة طوارئ واستنفار في حياتهم، شكلا ومضمونا، بينما يبدأ التجار بإشهار أسعار خاصة بالسلع الغذائية في هذا الشهر الكريم منتهزين فرصة غياب وضعف الرقابة الحكومية الناجم عن دوام مرهق وغياب لافت للموظفين خلال أيام رمضان .• النوم على الرصيف
في مدينة يغلب على سكانها الفقر والعوز، يجد الكثير أنفسهم في مواجهة تحد، وصبر مع الرصيف لمدة شهر كامل، حيث يلجأ كثير من المقهورين والمطحونين إلى افتراش الأرصفة للنوم تحت هجير الشمس المحرقة.. فمساجد المدينة التي تتحول إلى لوكندات للنوم خلال الشهر الفضيل لم تعد تطيق استقبال المزيد من القادمين إليها.. أناس قهرهم الزمن وقذف بهم البؤس إلى شاطيء الحسرة والألم, يغوصون في سبات عميق غير عابئين بصراخ المارة ولا أبواق السيارات ولا لهيب الشمس المحرقة, حتى مآذن الجوامع التي تسمع من مسافات بعيدة لا تحرك فيهم ساكناً، فأجسادهم منهكة، آتية من مكان بعيد تتسابق للفوز بكرتون أرسلته الرياح هدية يتدثرون به من غبار الزمن..
• مساجد تعزمدينة تعز التي تعانق فيها المآذن الشهيرة السماء تشهد مساجدها نظافة غير معهودة استقبالا لزائر كريم ظلت ترقب قدومه طيلة 11 شهراً. بعضها تعمد إلى تغيير مكبرات الصوت وبعضها الآخر يزيد فوق الثلاثة واحد واثنين لتسمع من كان يسعى في أقصى المدينة.. هذه المساجد تشهد ازدحاما منقطع النظير من المصلين- رجالا ونساء وأطفالا- مما يضفى على الأمكنة قدسية وروحانية تلمس أثره البيّن في وجوه الناس المحتشدة في كل مكان.
• أسواق شعبية كثيرة هي الأسواق الشعبية الشهيرة في مدينة تعز، فإضافة إلى سوق باب موسى هناك سوق الشنيني، والباب الكبير، وسوق المركزي.. وتتميز معظم هذه الأسواق بعرض (اللحوح) وهو نوع من أنواع الخبز الذي تشتهر به المدينة ويستخدم في إعداد وجبة (الشفوت) المعروفة مع الإفطار، والتي هي خلاصة خلط أقراص (اللحوح) بمشروب الحقين أو اللبن مع نكهات أخرى كالخوعة والبهارات.
• بائعة اللحوح تعرض النسوة في أسواق تعز الشعبية خبز (اللحوح) الشهير، والذي يلاقي اقبالا كبيرا لدى أبناء المحافظة. ونساء القرية أكثر براعة في إعداده من نساء المدينة, وفي السنوات الأخيرة انتشرت بائعات اللحوح الإثيوبيات اللاتي أتقن أجادته.. أما سعر الواحدة منها فيبلغ 30 ريالا .
• بائعات الكراث والبقلالكراث، والبقل، والخوعة- أنواع من الخضروات تجود محافظة تعز بزراعتها خاصة في منطقة الضباب وشرعب والحجرية. ويلاحظ اقبالا اكبر لهذه الأنواع من الخضروات في شهر رمضان قياسا بالأشهر الأخرى. تقول سعود- بائعة كراث في سوق باب موسى: (اشتري الكراث والبقل من الضباب- 20 كم غرب تعز- وأبيع في المدينة كل يوم في رمضان وغير رمضان.. وتضيف: أن (كراث) زمان أكثر جودة من (كراث) هذه الأيام، فالكيماويات- على حد قولها- خربت كل الأطعمة والفواكه والخضروات. وعن إقبال الناس خلال الشهر الفضيل تقول: إن هذه الخضروات تجد اقبالا كبيرا من الناس في شهر رمضان، أما بالنسبة للأسعار "فالدنيا غالي نار" في رمضان وغير رمضان.
• المشبك المشبك نوع من أنواع الحاويات الذي تمتاز بصناعته المحافظة، كما انه من الأصناف التي تجد اقبالا اكبر من الصائمين.. يقول صاحب المحل أحمد حمود عبده: إن (المشبك) تختلف إحجامه، وأسعاره تتراوح بين 150 ريال للقرص الصغير إلى 300 ريال للقرص الكبير، وتدخل في صناعته مادة السكر والدقيق.
• لبن الإبل بائعو لبن الإبل في تعز ينتشرون بشكل لافت خلال شهر رمضان المبارك، ويرجع ذلك إلى زيادة الإقبال على لبن الإبل من قبل الصائمين الذين يتهافتون على الأسواق لشراء حاجيات رمضان وزيادة في صورة تبدو كما لو كان هذا الشهر الفضيل مناسبة لزيادة الاستهلاك والإسراف في الأطعمة والاشربة. يحمل خالد سيف– بائع لبن أبل بتعز- على كتفه عشر قوارير لبن بلاستيكية سعة لتر واحد (150 ريال) ويجول بها المدينة شارعاً، شارعاً، عارض بضاعته على الصائمين الذين يهرعون قبيل الإفطار بساعات للتبضع وشراء ما لذ وطاب من أصناف أطعمة وأشربة رمضان التي تمتليء بها أسواق المدينة وتلبي احتياجات الناس.
• قات رمضان للقات قصة مختلفة في رمضان بتعز .. إذ لا يخلو زقاق أو شارع في المدينة إلا وتجد "مقوتاً" ومشتريا بجواره. فأماكن بيعه لم تعد تحددها أسواقه الكثيرة التي صيرت المدينة كما لو كانت سوق قات كبير.. فهي مدينة تخلو من متنفسات حقيقية وليس عندها ما يغري مواطنيها حتى تقدمه لهم بديلا للقات. يقول العزي محمد: "استيقظ من النوم مع صوت المؤذن إيذانا بنهاية فترة الصيام، وبعد صلاة المغرب والعشاء اشرع فورا في تخزين القات حتى وقت السحور.. ويتهم العزي السلطة المحلية بأنها دفعته إلى تخزين القات الذي ظل يحاربه سنوات، والسبب- في رأيه- أنها عجزت عن إيجاد حتى متنفس وحيد في المدينة بدلاً عن القات..!! لم تبق أيام كثيرة من عمر رمضان، فهو يشارف على توديع تعز والعالم الإسلامي بأسره، لكن حتماً سيتحسر الجميع لأن رمضان رحل عنهم، وسيتمنون لو امتدت أيامه... خواتم مباركة.. تقبل الله صيامكم، وغفر ذنوبكم، وعتق رقابكم من النار... وكل عام وأنتم بخير...
|